الجيش الليبي يعلن تدشين كتيبة جديدة لـ«التدخل السريع»

حكومة السراج تجند 500 عنصر لجهاز الأمن الدبلوماسي... وتستنكر نبش ضريح زعيم الحركة السنوسية

الجيش الليبي يعلن تدشين كتيبة جديدة لـ«التدخل السريع»
TT

الجيش الليبي يعلن تدشين كتيبة جديدة لـ«التدخل السريع»

الجيش الليبي يعلن تدشين كتيبة جديدة لـ«التدخل السريع»

أعلن الجيش الوطني الليبي تأسيس كتيبة جديدة تحت اسم «التدخل السريع» لم يحدد مهامها، فيما استمرت مساعيه لإخلاء مدينة بنغازي، في شرق البلاد، من الألغام وجثث المتطرفين بعد إعلانه السيطرة عليها بشكل كامل الأسبوع الماضي.
وأصدر المشير خليفة حفتر قراراً أمس بإنشاء كتيبـة «التدخل السريع» وتعييـن المقدم عماد الزوي آمراً لها، على أن تتبع لـ«هيئة السيطرة» في الجيش الوطني. ولم يحدد القرار طبيعة هذه الكتيبة ومهماتها، لكن مصادر عسكرية قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تأتي في إطار استعداد الجيش للتحرك في اتجاه مدن ليبية أخرى لمواصلة عملياته لتحريرها من قبضة الجماعات المتطرفة.
في غضون ذلك، انتشل الهلال الأحمر الليبي 17 جثة لإرهابيين لقوا حتفهم خلال معارك الجيش لتحرير منطقتي سيدي إخريبيش والفندق البلدي في بنغازي. وأوضح العقيد ميلود الزوي الناطق باسم القوات الخاصة (الصاعقة) أن مدينة بنغازي باتت بالفعل تحت السيطرة الكاملة لقوات الجيش، مشيراً إلى انتحار أحد الإرهابيين مساء أول من أمس في منطقة القوارشة غرب المدينة. وأضاف أن القوات الخاصة طلبت من الإرهابي تسليم نفسه طواعية لكنه لجأ إلى تفجير نفسه.
وطبقاً لإحصائية قدمها مسؤول عسكري أمس فقد بلغت حصيلة القتلى جراء المفخخات والألغام التي زرعها الإرهابيون في بنغازي، خلال العام الماضي، 197 من العسكريين والمدنيين، فيما قُتل 27 خبيراً لدى محاولة تفكيك الألغام في بعض مناطق الاشتباكات.
وقال عبد السلام المسماري آمر فصيل الهندسة العسكرية في الجيش إن قيادته أصدرت تعليمات لبدء حملة توعية عبر نشر ملصقات وإرشادات في المناطق التي تم تحريرها من تنظيم داعش.
وبدأت قوات الجيش عملية تمشيط واسعة النطاق لمناطق القتال بعد أيام من إعلان الجيش سيطرته الكاملة على بنغازي، علماً بأن المشير حفتر، قائد الجيش، كان قد أعلن تحرير المدينة في يوليو (تموز) الماضي، بعد معارك عنيفة دامت ثلاث سنوات.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج في طرابلس، تجنيد 500 منتسب لجهاز الأمن الدبلوماسي المكلف حماية المقرات والبعثات الأجنبية في البلاد. وكشف العقيد وسام الجامع رئيس جهاز الأمن الدبلوماسي، في تصريحات أمس، عن مباشرة عدد من سفارات دول الاتحاد الأوروبي مهامها مطلع العام الجديد بعدما غادرت معظم السفارات والبعثات الدبلوماسية والهيئات الأجنبية طرابلس إلى تونس المجاورة اعتباراً من يوليو (تموز) 2014.
من جهة أخرى أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) في تقرير من القاهرة أمس، أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، فايز السراج، استنكر نبش ضريح زعيم الحركة السنوسية الإمام المهدي بن محمد بن علي السنوسي، داعياً «النائب العام والجهات الأمنية المختصة إلى تحريك الدعوى الجنائية، والعمل على تقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم».
وأضافت أن السراج وصف في بيان نقلته «بوابة الوسط» الليبية، الحادث بـ«الهمجي»، وقال إن «للقبور حُرمة لا يجوز التعدي عليها، وحرمة المسلم غير مقيّدة بحياته، بل هي باقية في الحياة وبعد الممات»، واصفاً ما حدث بأنه «جريمة تنتهك حرمةً أوجب الله تعالى حفظها وصيانتها». وأوضح أنّ «السكوت على هذه الجريمة يعد تشجيعاً وتأييداً لمن قام بها للاستمرار بجرائم مماثلة تخلق الفتنة وتستفز المسلمين وتهز وجدان الليبيين جميعاً»، داعياً علماء الدين والقوى والتيارات السياسية والاجتماعية إلى «شجب وإدانة هذه الأعمال الإجرامية البعيدة عن روح الإسلام»، بحسب ما جاء في تقرير الوكالة الألمانية.
وأشارت الوكالة إلى أن مصدراً محلياً كان قد أعلن تعرض ضريح زعيم الحركة السنوسية، الإمام المهدي بن محمد بن علي السنوسي، والد ملك ليبيا السابق إدريس المهدي السنوسي، لـ«عملية نبش بشعة» في واحة الكفرة ليلة الجمعة الماضي.
من جهتها، قالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في بيان أمس، إنها وثّقت خلال الشهر الماضي، وقوع خمس حالات وفاة وإصابة واحدة بجروح أثناء سير الأعمال العدائية في كافة أنحاء ليبيا، مما يعد انخفاضا في معدل الإصابات للشهر الثاني على التوالي. وأوضحت أن هذا الشهر شهد أيضاً وقوع سبع إصابات إضافية نتجت عن انتهاكات أخرى للقانون الدولي الإنساني وانتهاكات وخروقات لحقوق الإنسان، بما في ذلك مقتل عمدة مصراتة محمد اشتيوي.
ونتجت معظم الإصابات في وسط المدنيين عن مخلفات الحرب من المتفجرات ويليها حالة وفاة واحدة ناتجة عن إطلاق نار.
كما أعلنت البعثة أنها وثقت عدة حالات في بنغازي (ثلاث حالات وفاة وإصابة واحدة بجروح)، وحالة وفاة في الزاوية، وحالة وفاة واحدة في صبراتة.
وقالت البعثة الأممية إنه يُعتقد أن مجلس شورى ثوار بنغازي مع حلفاء له كانوا مسؤولين عن ترك ألغام ومخلفات حرب قابلة للانفجار في مناطق بنغازي التي كانوا يسيطرون عليها قبل انسحابهم منها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.