عيون اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان على الحدود... في انتظار حل سياسي

سوريون في مخيم للاجئين في تركيا («الشرق الأوسط»)
سوريون في مخيم للاجئين في تركيا («الشرق الأوسط»)
TT

عيون اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان على الحدود... في انتظار حل سياسي

سوريون في مخيم للاجئين في تركيا («الشرق الأوسط»)
سوريون في مخيم للاجئين في تركيا («الشرق الأوسط»)

مع نهاية كل عام وبداية عام آخر، يأمل السوريون أن يحمل العام الجديد أخباراً مغايرة لما عاشوه على مدار السنوات الماضية، وأن يكون أخف حزناً ووجعاً عن سابقه.
ورغم دخول لجوئهم في السنوات السبع العجاف، ما زالت عيون السوريين متجهة نحو الحدود، وتسويات سياسية أو مؤتمرات أو حلول أخرى، لا يدرك ثمنها إلا المدنيون الذين باتوا على قائمة انتظار اللاعبين الدوليين والإقليميين، وما بين متأمل بعام جيد وآخر متشائم نوعاً ما، يتابع اللاجئون السوريون في تركيا حياتهم بعيداً عن الحرب الدائرة في بلدهم.
أحمد نذير (32 سنة) الذي يعمل صحافياً في إذاعة «روزنة إف إم» يأمل أن تفضي الجهود الدولية لمحادثات السلام السورية في جنيف إلى حل سياسي مستدام، وقال: «الحل الوحيد يكون عبر محادثات جنيف، أما آستانة والمؤتمر المتوقع عقده في سوتشي نهاية الشهر الحالي، سيعرقلان جهود جنيف ولا أعلق عليه أي آمال».
ولم يخف أحمد خشيته من بقاء الأجهزة الأمنية وبنية النظام الحاكم، سيما في المناطق الخاضعة لسيطرته بعدما استعادت القوات الموالية للنظام معظم الأراضي، وقال: «أنا ابن دمشق، والنظام يحكم قبضته على كامل المدينة، ومن دون إصلاح الأجهزة الأمنية وتفكيك بنية النظام وتغييره، من المحال أن أتمكن أنا وغيري من العودة إلى دمشق».
وتبقى محادثات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة ويدير جولاتها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الشيء الوحيد الملموس الذي يمكن أن يلتقي حوله جميع السوريين، على أن تتحقق في العام الجديد، لكنّ هناك رأيا آخر تقوله الصحافية علا الحريري. وأوضحت: «هذه المحادثات عبارة عن تفاهمات دولية لتقسيم سوريا، وكل ما يرافقها من مظاهر سياسية لإضفاء الشرعية، بهدف توسيع مناطق النفوذ لكل دولة متدخلة في الحرب السورية»، وعبرت عن مشاعرها إزاء الوضع المعقد في بلدها وتابعت لتقول: «أخشى أن يخضع الشعب السوري لأشكال جديدة من الاحتلال وإطالة أمد الصراع». وتشهد سوريا نزاعا دامياً تسبب منذ اندلاعه في ربيع عام 2011 بمقتل ما يزيد على 400 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.
وتنتظر سلمى (34 سنة) فرصة لزيارة مدينتها حمص التي أجبرت الخروج منها قبل ثلاث سنوات، وتقول: «لن أفقد الأمل، في أول فرصة سأعود إلى بلدي لألتقي بأهلي وأصدقائي مرة ثانية».
أما باسل (28 سنة) المنحدر من مدينة دوما التابعة لغوطة دمشق والتي تحاصرها قوات النظام منذ عام 2013 ما زال يحلم بسقوط النظام الحاكم، ويتذكر تلك المظاهرات التي شارك فيها في مسقط رأسه مطالبة برحيل الرئيس الحالي بشار الأسد والحرس القديم، ويعيش باسل مع عائلته في منطقة (بين إيفلر) الواقعة غرب مدينة عنتاب، حيث يتواجد فيها الكثير من السوريين اللاجئين، ويعمل مع مركز حقوقي سوري، وقال: «أحلم بالعودة لكن مع بدء عملية سياسية شاملة وإقرار دستور جديد، ومرحلة انتقالية دون رأس النظام بشار الأسد وأجهزة المخابرات التي حكمت البلاد بيدٍ من حديد»، على حد تعبيره، مشدداً: «يجب محاسبة كل مجرمي الحرب وتقديمهم إلى العدالة».
ورغم استمرار القتال ومشاهد الدمار، ينتظر الكثير من السوريين المقيمين في تركيا الذين فروا من جحيم حرب لم تطفأ نيرانها بعد ويبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين شخص، عودة قريبة إلى وطنهم حيث باتت السمة المشتركة لأمنيات غالبية السوريين، التي لا يعلمون متى تنتهي. وفي لبنان يعيش ما يزيد على مليون لاجئ سوري في أوضاع صعبة يتفقون على حلم واحد بسيط يتمنون أن يتحقق في العام الجديد: «حلم العودة إلى حضن بلدهم سوريا»، بحسب تقرير لوكالة «رويترز».
ومع اقتراب انتهاء القتال ضد مقاتلي تنظيم «داعش» من نهايته وتحول التركيز لمجال إعادة الإعمار والتأكد من عدم عودة المسلحين، يأمل اللاجئون في أن يتيح الوضع الأمني لهم العودة إلى وطنهم. ويؤوي لبنان زهاء مليون لاجئ سوري فروا منذ تفجر الحرب في سوريا في 2011.
وعندما سُئل لاجئ سوري بلبنان يدعى بدر الخلف عن حلمه أو أمنيته في العام الجديد، بدا متأثراً ومعبراً عن رأي كثيرين حوله، وقال لـ«رويترز»: «نتمنى من الله أن ينهي الحرب بسوريا ونرجع ع بلادنا، ما بدنا شي غيره. ما فيه أحسن من الواحد بيرجع ع بلده. وين ما رحت، شو ما صار لك، شو ما كذا، ما مثل بلده الواحد». وأظهرت دراسة للأمم المتحدة صدرت في الآونة الأخيرة، أن اللاجئين السوريين في لبنان في وضع هش يجعلهم الأكثر عرضة للخطر، موضحة أن أكثر من نصفهم يعيشون في فقر مدقع.
وقال لاجئ سوري فرّ من الرقة يدعى رمضان رمضان «التجهيزات للشتوية بهدلة، ما فيه شي لهلق (للآن). وبدنا إنه تتحسن الأمور وتتحلحل بنرجع. بدنا تجديد، تجديد أوراقنا بالأمن العام، ما فينا نطلعها. يعني هيك أشياء هدول المهمين».
وأضافت لاجئة سورية تدعى نورا الخلف: «نتأمل من الله نرجع عسوريا، ولبنان وسوريا تظل بخير. وإن شاء الله نتأمل من الله بنرجع».
ومع معاناتهم من معضلة أخرى، يأمل لاجئون سوريون في لبنان في استخراج وتجديد وثائق الهوية الخاصة بهم ويطالبون الحكومة اللبنانية بالقيام بذلك.
وقال لاجئ سوري يدعى حماد «بنتأمل من الدولة اللبنانية إن شاء الله بتساعدنا وبتجدد لنا أوراقنا كلياتنا نحن السوريين، هيدي تأملاتنا. وأكتر من هيك ما بدنا شي».
يشار إلى أن الكثير من اللاجئين السوريين في لبنان لا يستطيعون تجديد أوراق إقامتهم في لبنان؛ نظراً لأن رسوم تجديدها سنوياً تبلغ نحو 200 دولار، وليس بوسع معظمهم دفعها. وأعفت السلطات اللبنانية بالفعل بعضهم هذا العام من دفع هذه الرسوم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.