‏«التحالف»: منسق الشؤون الإنسانية منحاز للميليشيات في اليمن

طالب الأمم المتحدة بمراجعة آلية العمل الإنساني وكفاءة موظفيها

عناصر أمن حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر أمن حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

‏«التحالف»: منسق الشؤون الإنسانية منحاز للميليشيات في اليمن

عناصر أمن حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر أمن حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)

عبّر التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، عن أسفه على ما ورد في بيان منسق الشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك الذي «ظهر فيه منحازاً للميليشيات الحوثية المدعومة من إيران»، داعيا الأمم المتحدة إلى مراجعة آلية العمل الإنساني، وكفاءة موظفيها العاملين في اليمن ومراقبة أدائهم مجدداً.
وقال العقيد تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف العربي بقيادة السعودية، إن بيان «ماكغولدريك تعمد تسمية الميليشيات (سلطات الأمر الواقع)، مخالفاً في ذلك قرارات مجلس الأمن وبيانات الأمم المتحدة، في محاولة منه لإضفاء الشرعية على ميليشيات الانقلاب في اليمن». وأشار إلى استمراره في تضليل الرأي العام الدولي «من خلال ترديده ما يتداول في المواقع الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة والداعمة للميليشيات الحوثية، متناسيا وجود قناة اتصال مباشرة».
وقال العقيد تركي المالكي، إن ماكغولدريك، ومن خلال وجوده على مدار الساعة مع خلية الإجلاء والعمليات الإنسانية لقيادة قوات التحالف، كان يمكنه الاستفسار عن المعلومات التي أوردها في بيانه دون تحقق أو تثبت، ما يؤكد انحيازه للميليشيات الحوثية، وتسييسه للعمل الإنساني الموكل إليه، متجاهلاً ما تقوم به الميليشيات الحوثية من جرائم وانتهاكات ضد الشعب اليمني، كان آخرها التصفيات الجسدية والاختطافات والاعتقالات ضد الرئيس اليمني السابق والمئات من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام وأطفالهم ونسائهم، وكذلك الاستمرار في استهداف المدنيين.
وأضاف أن «هذا البيان يخلق حالة من الشك المستمر حول المعلومات والبيانات التي تعتمد عليها الأمم المتحدة ويطعن في مصداقيتها، التي سبق أن أشارت إليها قوات التحالف في بيانات سابقة، وآخرها المعلومات الواردة في تقرير الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح». واستنكر المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف هذا الموقف المنحاز، مؤكداً الحاجة إلى أن تراجع الأمم المتحدة آلية العمل الإنساني وكفاءة موظفيها العاملين في اليمن ومراقبة أدائهم مجدداً، مطالباً الأمم المتحدة بتطبيق مقترحات المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، بشأن ميناء الحديدة، التي رفضها الحوثيون رغم موافقة الحكومة الشرعية عليها.
من ناحية ثانية ووسط تنافس محموم وصراعات أخذت تظهر للعلن بين أجنحة ميليشيا جماعة الحوثيين لجهة جني الأموال والتحكم بالقرار والاستئثار بالمناصب، صعدت الميليشيات من تحركاتها في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرتها لتجنيد تلاميذ المدارس ونزلاء دور الأيتام في صفوفها، تمهيدا للزج بهم إلى جبهات القتال في أعقاب الخسائر الميدانية الأخيرة التي تكبدتها الجماعة على أكثر من جبهة.
وأفادت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» - تحفظت على ذكر أسمائها لاعتبارات أمنية - بأن ميليشيا الحوثي كثفت في الأسبوعين الأخيرين من أنشطتها في أوساط تلاميذ المدارس في صنعاء، من خلال فرضها عليهم الاستماع إلى محاضرات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي ومواد صوتية مسجلة تحض على ما يسمونه «الجهاد».
وقالت المصادر إن تحركات الجماعة الساعية إلى تجنيد تلاميذ المدارس في صفوفها امتدت إلى محافظات ذمار والمحويت وحجة وريمة تحت شعار «التصدي للعدوان» (إشارة إلى تحالف دعم الشرعية)، في ظل ورود بلاغات من الأهالي عن اختفاء تلاميذ في الصفوف الثانوية بشكل غامض، ما يرجح فرضية قيام الميليشيات بخطفهم وإلحاقهم بمعسكرات للتجنيد قبل الدفع بهم إلى جبهات القتال.
وأفادت المصادر بأن الجماعة الانقلابية تجاوزت تحركاتها تلاميذ المدارس إلى نزلاء دور الأيتام في صنعاء للغرض نفسه، وقالت إن عناصر الميليشيا كثفوا من أنشطتهم مؤخرا داخل مدرسة الأيتام التي يسيطرون عليها في صنعاء من خلال بث المحاضرات التعبوية والأهازيج الحماسية (الزوامل)، في سياق محاولات إخضاع التلاميذ فكريا وعقائديا قبل الدفع بهم إلى معسكرات التجنيد.
وكان القيادي الحوثي حسن زيد، الذي يتولى منصب وزير الشباب والرياضة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، قد دعا مطلع العام الدراسي الحالي إلى إغلاق المدارس وإرسال التلاميذ إلى جبهات القتال.
على الصعيد نفسه، أفاد سكان في محافظتي حجة وريمة بأن عناصر الميليشيا فرضوا على الأهالي الدفع بأبنائهم وأقاربهم إلى جبهات القتال بمعدل فرد واحد عن كل أسرة أو دفع مبالغ مالية، عوضا عن ذلك ما بين 20 و50 ألف ريال يمني (الدولار يساوي 450 ريالا) في ظل تهديد الرافضين بالاعتقال وتفجير منازلهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.