كان عام 2017 حافلا بالأحداث الرياضية المثيرة والمهمة، بل والغريبة واللامعقولة.
في كرة القدم حقق العرب إنجازا لافتا بتأهل أربعة منتخبات إلى نهائيات كأس العالم في حدث غير مسبوق، كما نجح فريقان عربيان في التتويج بلقبين قاريين. أما على الصعيد الأوروبي فكان المشهد اللافت هو الطفرة في العقود والانتقالات التي فاقت كل التوقعات، وأثمرت عن انتقال لاعب كرة القدم البرازيلي نيمار من برشلونة الإسباني إلى سان جيرمان الفرنسي مقابل 222 مليون يورو، ليصبح أغلى لاعب في تاريخ اللعبة، وبقيمة مضاعفة تقريبا للمبلغ الذي أنفقه مانشستر يونايتد الإنجليزي في صيف العام 2016، لضم الفرنسي بول بوغبا من يوفنتوس الإيطالي.
في المقابل قام الفريق الكتالوني بالتعاقد مع الفرنسي عثمان ديمبلي مقابل 105 ملايين يورو بخلاف 40 مليونا أخرى ترتبط بالأداء والنتائج.
وشهد عالم التنس في 2017 نتائج فاقت كل التوقعات بعودة الإسباني رافائيل نادال والسويسري روجيه فيدرر للتألق والسيطرة الألقاب بعدما قضى الاثنان عامي 2015 و2016 في ظلال الصربي نوفاك ديوكوفيتش والبريطاني آندي موراي.
في ألعاب القوى وضع العداء الأسطوري الجامايكي يوسين بولت كلمة الختام على مسيرة خلال بطولة العالم لألعاب القوى في لندن بشكل مؤثر وحزين.
وكان بولت، الذي توج بـ11 ميدالية ذهبية عالمية وثماني ذهبيات أولمبية، يمني النفس بالاعتزال وهو على منصة التتويج الذهبية إلا أنه خسر للمرة الأولى في سباق 100 متر بعد عقد كامل من السيطرة على هذا السباق، وحل ثالثا ليحرز الميدالية البرونزية. كما شهد عام 2017 نزال القرن بين الملاكم فلويد مايويذر والمصارع كونور ماكغريغور الذي قدرت مداخيله بنحو مليار دولار. وحقق مايويذر الفوز بالضربة القاضية في الجولة العاشرة من المباراة.
حظيت كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى بالعالم بكثير من الأحداث المثيرة في 2017، وكان للعرب جزء من الجانب المشرق بتأهل منتخبات السعودية ومصر والمغرب وتونس إلى بطولة كأس العالم 2018 لتكون المرة الأولى التي يشهد فيها المونديال أربعة فرق عربية في نسخة واحدة.
وكانت كرة القدم العربية أكثر توهجا في القارة السمراء، حيث نجحت ثلاثة منتخبات عربية هي مصر وتونس والمغرب، في حجز ثلاث بطاقات من أصل خمس في التصفيات الأفريقية المؤهلة إلى المونديال الروسي الصيف المقبل، بينما توج الوداد البيضاوي المغربي بلقب مسابقة دوري أبطال أفريقيا على حساب فريق عربي آخر هو الأهلي المصري حامل الرقم القياسي في عدد الألقاب في المسابقة.
أما في القارة الصفراء، فاقتصر التألق العربي على حجز منتخب واحد هو «الأخضر» السعودي لبطاقته إلى المونديال، واحتفاظ فريق القوة الجوية العراقي بلقبه في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي.
وكانت الكرة العربية قاب قوسين أو أدنى من إضافة لقبين قاريين، إذ خسرت مصر نهائي كأس الأمم الأفريقية في الغابون أمام الكاميرون، والهلال السعودي نهائي مسابقة دوري أبطال آسيا.
وما زاد من فرحة الوصول للمونديال هو أن الفرق العربية المتأهلة غابت لسنوات طويلة عن المشاركة في العرس العالمي باستثناء تونس.
وتوج منتخب مصر عامه ببلوغ المونديال بعد غياب 27 عاما، وهو استهل 2017 بوصوله إلى نهائي بطولة أمم أفريقيا وكان قاب قوسين أو أدنى من تعزيز رقمه القياسي في عدد ألقاب الكأس الأفريقية (7 ألقاب)، لكنه خسر أمام الكاميرون 1 - 2.
وعاد المنتخب المغربي إلى المونديال للمرة الأولى منذ 20 عاما وتحديدا مونديال فرنسا 1998، والخامسة في تاريخه، وذلك عبر بوابة ساحل العاج، بينما سجل المنتخبان التونسي والسعودي عودتهما للمرة الأولى منذ 2006 عندما أوقعتهما القرعة في مجموعة واحدة في النهائيات، علما بأن كلا منهما سيشارك للمرة الخامسة في تاريخه.
وأوقعت قرعة المونديال الروسي مصر والسعودية في المجموعة الأولى إلى جانب روسيا المضيفة والأوروغواي، بينما يلعب المغرب في المجموعة الثانية مع إيران والبرتغال وإسبانيا، وتونس في السابعة إلى جانب بلجيكا وإنجلترا وبنما. وتخوض السعودية مباراة الافتتاح أمام روسيا.
أما إيطاليا فستكون أبرز الغائبين عن العرس العالمي بعد فشلها في عبور التصفيات الأوروبية.
على صعيد الأندية، توج الوداد البيضاوي بلقب دوري أبطال أفريقيا للمرة الثانية في تاريخه والأولى بعد انتظار 25 عاما، عندما تغلب على الأهلي 1 - صفر في إياب الدور النهائي في الدار البيضاء، بعدما انتزع تعادلا ثمينا 1 - 1 ذهابا في الإسكندرية.
وضمن الوداد مشاركته في مونديال الأندية للمرة الأولى في تاريخه، إلا أنه تلقى خسارتين في البطولة التي أقيمت في الإمارات، وأنهاها في المركز السادس والأخير.
وفي آسيا، كرر القوة الجوية العراقي إنجاز الموسم الماضي عندما ظفر بلقب كأس الاتحاد بفوزه على مضيفه استقلال دوشنبي الطاجيكستاني 1 - صفر في المباراة النهائية. وكان الجوية أحرز لقب الموسم الماضي على حساب بنغالورو الهندي.
وحرم أوراوا ريد دايموندز الهلال السعودي من لقب مسابقة دوري أبطال آسيا عندما تغلب عليه 1 - صفر إيابا في سايتاما، بعدما تعادلا 1 - 1 ذهابا في الرياض.
وعلى الصعيد الشخصي يبدو أن المصري محمد صلاح المحترف في ليفربول الإنجليزي هو الفائز الأكبر في 2017 بفضل النجاحات التي حققها في بداية العام مع روما الإيطالي ثم مواصلة التألق في الدوري الإنجليزي واعتلاء صدارة قائمة هدافي المسابقة حتى الأسبوع الأخير. ولم يكن غريبا أن يفوز صلاح بجائزة هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» لأفضل لاعب أفريقي في 2017، كما هو المرشح الأبرز لنيل جائزة الاتحاد الأفريقي للعبة (كاف) حيث يتنافس مع السنغالي ساديو ماني زميله في ليفربول والغابوني بيير إيمريك أوباميانغ مهاجم بوروسيا دورتموند الألماني.
وعلى الصعيد الأوروبي والعالمي فرض فريق ريـال مدريد الإسباني سطوته محليا وأوروبيا ودوليا، كما حصد نجمه كريستيانو رونالدو على كل الجوائز الشخصية للعام.
وبعد تتويجه بطلا للدوري الإسباني في مايو الماضي حقق ريـال مدريد إنجازا لافتا باحتفاظه بلقب دوري الأبطال 2017 من خلال الفوز على يوفنتوس الإيطالي 4 - 1 في النهائي.
ومنذ بدء إقامة بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بشكلها الحالي في التسعينات من القرن الماضي، فشلت جميع الفرق الفائزة باللقب على مدار أكثر من ربع قرن في الفوز باللقب لنسختين متتاليتين حتى نجح الريـال في كسر هذه القاعدة.
وسجل البرتغالي كريستيانو رونالدو هدفين في هذه المباراة وثلاثة أهداف في المربع الذهبي وخمسة أهداف في دور الثمانية للبطولة نفسها، لينال مكافأة هائلة بالتتويج بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في عام 2017 لتكون الخامسة له، معادلا بهذا رصيد منافسه التقليدي العنيد ليونيل ميسي الذي توج بنفس الجائزة خمس مرات سابقة.
ولم يرد ريـال مدريد ونجمه رونالدو ختام العام دون وضع بصمة دولية جديدة بانتزاع بطولة العالم للأندية بفوزه على غريميو البرازيلي 1 - صفر في المباراة النهائية على ملعب مدينة زايد الرياضية في أبوظبي.
وكان رونالدو هو صاحب هدف المباراة الوحيد ليمنح الريـال إنجازا فريدا حيث بات الفريق الإسباني هو الأول الذي ينجح في الاحتفاظ بلقب هذه البطولة التي تجمع بين مختلف أبطال القارات بالإضافة إلى ممثل عن الدولة المضيفة.
وهي المرة الثالثة التي يتوج فيها النادي الإسباني بهذا اللقب بعد عامي 2014 و2016، فعادل بالتالي الرقم القياسي لغريمه التقليدي برشلونة من حيث عدد الألقاب.
ومع إضافة جائزة «الأفضل» في استفتاء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لأفضل لاعب على مدار العام والألقاب الخمسة التي أحرزها رونالدو مع فريقه ريـال مدريد في 2017 وهي الدوري الإسباني ودوري الأبطال الأوروبي وكأسا السوبر الأوروبي والإسباني وكأس العالم للأندية، يصبح عام 2017 هو الأفضل في مسيرة رونالدو الكروية.
- انقلاب في سوق انتقالات اللاعبين
ولا يمكن المرور على أحداث عام 2017 دون التطرق للطفرة التي فاقت كل التوقعات في أسعار اللاعبين خلال سوق الانتقالات الصيفية، والتي يتوقع أن يمتد تأثيرها التصاعدي على السوق الشتوي في يناير (كانون الثاني) المقبل رغم الأوضاع الاقتصادية العالمية.
لقد كان انتقال البرازيلي نيمار من برشلونة إلى سان جيرمان الفرنسي مقابل 222 مليون يورو في أغسطس (آب) الماضي حدثا صادما لعالم كرة القدم وإنذارا إلى أندية كرة القدم التاريخية صاحبة الجماهيرية من تأثير ضخ الأموال العربية على فرق حديثة العهد بالبطولات. لقد استطاع سان جيرمان المملوك من هيئة قطر للاستثمارات الرياضية جعل نيمار أغلى لاعب في تاريخ كرة القدم، بقيمة مضاعفة تقريبا للمبلغ الذي أنفقه مانشستر يونايتد في صيف عام 2016، لضم الفرنسي بول بوغبا من يوفنتوس الإيطالي (105 ملايين يورو).
ويتطلع النادي الفرنسي إلى وضع بصمته على الكرة الأوروبية من خلال المنافسة على لقب دوري الأبطال هذا الموسم ولأجل ذلك ضم أيضا كيليان مبابي، النجم الصاعد لموناكو بطل موسم 2016 - 2017 في الدوري المحلي، في صفقة قدرت بنحو 180 مليون يورو.
وأمام ضجر الأندية الأوروبية الشهيرة مما أحدثه سان جيرمان من ثورة في أسعار اللاعبين وخشية أن يؤثر ذلك على شكل المنافسة، قام الاتحاد الأوروبي للعبة بفتح تحقيق بشأن مخالفات محتملة للنادي الباريسي لقواعد اللعب المالي النظيف.
وبحسب التحقيقات يبدو أن سان جيرمان تجاوز قانون اللعب المالي النظيف بنحو 75 مليون يورو، وهو مطالب بتصحيح أوضاعه لتفادي عقوبات قد تصل إلى منعه من المشاركة في البطولات القارية، ولا سيما منها دوري أبطال أوروبا التي يعد إحراز لقبها للمرة الأولى، أبرز أهداف النادي.
ولم تقتصر الصفقات الكبيرة في 2017 على نيمار ومبابي، حيث حاول برشلونة التعويض فتعاقد مع الفرنسي عثمان ديمبلي مقابل 105 ملايين يورو بخلاف 40 مليونا أخرى ترتبط بالأداء والنتائج. فيما حققت أندية إنجلترا رقما قياسيا في حركة البيع والشراء وصلت إلى نحو مليار ونصف المليار يورو.
وأمام الزيادات الكبيرة في عائدات حقوق البث التلفزيوني لمباريات الدوريات الأوروبية فلا يوجد مؤشر للحد من ارتفاع بورصة اللاعبين.
- عودة مظفرة لنادال وفيدرر
مع بداية عام 2017 كانت الشكوك تحيط بمستقبل نجمي التنس الشهيرين الإسباني رافائيل نادال والسويسري روجيه فيدرر بعد الإصابات التي تعرضا لها وتراجعهما في 2016 خلف الصربي نوفاك ديوكوفيتش والبريطاني آندي موراي، إلا أنهما حققا عودة مظفرة وتقاسما جوائز الغراند سلام الكبرى ليختتما العام في صدارة التصنيف العالمي.
وبينما بدا أن 2017 سيكون عام الخفوت والمشاكل والصعاب الكثيرة للنجمين، استعاد نادال، 31 عاما، وفيدرر، 36 عاما، بريقهما بشكل أبهر الجميع. ومع تخطي كل منهما حاجز الثلاثين من عمره وعدم تحقيق نادال أي نجاح حقيقي منذ 2014 وتراجع نجاحات فيدرر منذ 2012، كانت جميع المؤشرات من معسكريهما لا توحي بالنجاح في 2017.
ولكن جميع هذه المؤشرات اصطدمت بنجاح مبكر لكليهما في مطلع عام 2017 بعدما بلغ اللاعبان المباراة النهائية لبطولة أستراليا المفتوحة في يناير الماضي التي أعادت للأذهان سنوات تألقهما حيث استمرت لخمس مجموعات قبل أن يحسمها فيدرر لصالحه.
وكان هذا اللقب بمثابة فتح شهية اللاعبين على بقية بطولات الموسم، وانطلق فيدرر بعد هذا اللقب ليتوج بست بطولات أخرى في هذا العام وهي بطولات إنديان ويلز وميامي وهاله وإنجلترا المفتوحة (ويمبلدون) وشنغهاي وبازل.
ورفع فيدرر رصيده في صدارة قائمة أكثر اللاعبين حصدا للألقاب في البطولات الأربع الكبرى إلى 19 لقبا. وفي المقابل، لم تؤثر الهزيمة في نهائي أستراليا على معنويات نادال حيث انطلق بعدها ليحصد ستة ألقاب أيضا في بطولات مونت كارلو وبرشلونة ومدريد وفرنسا المفتوحة (رولان غاروس) وأميركا المفتوحة (فلاشينغ ميدوز) وبكين.
ورفع نادال رصيده من الألقاب في البطولات الأربع الكبرى إلى 16 لقبا ليواصل مطاردة فيدرر في قائمة اللاعبين الأكثر نجاحا في الغراند سلام.
ولا يقترب من اللاعبين في هذه القائمة سوى النجم الأميركي المعتزل بيت سامبراس برصيد 14 لقبا.
إنجازات رائعة للكرة العربية... وسيطرة أوروبية وعالمية لريـال مدريد
إنجازات رائعة للكرة العربية... وسيطرة أوروبية وعالمية لريـال مدريد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة