المعارضة تتجه لحضور «سوتشي» بفضل «التقدم» في آستانة

سلمت الوفد الروسي مذكرات عن خروق وقف النار

TT

المعارضة تتجه لحضور «سوتشي» بفضل «التقدم» في آستانة

تتجه المعارضة السورية للمشاركة في مؤتمر «الحوار الوطني السوري» في سوتشي نهاية الشهر المقبل، في ضوء نتائج الجولة الثامنة من اجتماعات آستانة التي انتهت أمس، بتقدم في ملف المعتقلين.
وأعلن رئيس اللجنة العسكرية في الوفد المعارض العقيد فاتح حسون، أن المحادثات التي جرت أمس في آستانة «انتهت بتحقيق تقدم في ملف المعتقلين بالتوقيع على آلية للإفراج عنهم، على أن يتم تشكيل فرق مشتركة من الدول الضامنة في آستانة والأمم المتحدة». وقال حسون لـ«الشرق الأوسط»: «في المحصلة تحقيق نسبة مما نطمح إليه أفضل من عدم تحقيق شيء، وخصوصاً بملف المعتقلين، علماً أننا سنبقى ماضين بالمسارين العسكري والسياسي على حد سواء حتى تحقيق أهداف ثورتنا». وعن إمكانية مشاركة المعارضة السورية بـ«سوتشي»، قال حسون: «لا قرار نهائياً ورسمياً بهذا الخصوص بعد، باعتبار أن الموضوع يحتاج لاستشارات ومشاورات كبيرة».
من جهته، أفاد رئيس الوفد المعارض في آستانة، أحمد طعمة بتلقي الوفد دعوة لحضور مؤتمر «سوتشي»، وقال: «سيتم تقييم الدعوة من مرجعياتنا السياسية لاتخاذ قرار المشاركة من عدمها». وأشار إلى أنّهم أبلغوا الروس أن «سوتشي لن يكون بديلاً عن جنيف».
وتطرق حسون لمضمون المباحثات التي تمت بالأمس مع الوفدين الروسي والتركي، فأشار إلى أن «الوفد الروسي أقر بوجود تواطؤ بين النظام و(داعش) في ريف حماة الشرقي، وأكد أنه سيحقق في ذلك، بعد أن قدمنا لهم إثباتات ودراسة بهذا الشأن».
كذلك سلم الوفد المعارض الوفد الروسي برئاسة سيرغي سوروفيكين، قائد مجموعة القوات العسكرية الروسية في سوريا، عدداً من المذكرات التي تتضمن «خروقات النظام لاتفاقية خفض التصعيد العسكري، بالإضافة إلى الخروقات الروسية وملفات عن 3 مجازر قام بها طيران النظام السوري بالتعاون مع سلاح الجو الروسي في معرشورين، والأتارب، وآل عساف»، إلا أن وفد موسكو رفض تسلم ملف مجزرة «آل عساف بحمص»، وطلب تحويلها إلى جنيف، في حال ارتأت المعارضة ذلك.
وركّز وفد المعارضة خلال اللقاء على ضرورة إطلاق سراح المعتقلين، والالتزام باتفاقية خفض التصعيد، بحسب ما ورد في بيان تم توزيعه في وقت لاحق. وطالب رئيس الوفد أحمد طعمة بحصول تقدم بملف المعتقلين، وتفعيل الاتفاقية التي صيغت منذ 7 أشهر بإشراف روسي - تركي، مشدداً على ضرورة أن تقوم روسيا بضغوط جدية على النظام لتفعيل جميع الاتفاقيات، معتبراً أن ذلك «من أهم النقاط الجوهرية التي جئنا من أجلها في آستانة».
كما تسلم رئيس الوفد الروسي «ملفاً كاملاً عن تغطية النظام لدخول قوات تنظيم داعش من مناطق (عقيربات) بريف حماة باتجاه إدلب، وطالب وفد المعارضة بفتح تحقيق كامل حول هذا الملف، الذي يدين النظام ويبين تعامله المباشر مع الجماعات الإرهابية».
وقد ركّز سوروفيكين، بحسب بيان المعارضة السورية، على «ضرورة استمرار العمل باتفاقية خفض التصعيد»، معتبراً أن تلك الاتفاقية حققت تقدماً ملموساً بدفع الصراع في سوريا نحو السلام الذي يطمح له جميع السوريين، كما قدّم «شرحاً كاملاً للوفد العسكري عن التحضيرات الحالية لمؤتمر الحوار الوطني الذي يزمع عقده في مدينة سوتشي لمناقشة ملفي الدستور والانتخابات»، مؤكداً أهمية «التوصل إلى نتائج ملموسة في المؤتمر بهدف دعم العملية السياسية في جنيف والالتزام الكامل بقرار مجلس الأمن 2254».
وقال بيان للمعارضة إنّه خلال اجتماع وفدها بميلاش اشتوغر، رئيس الوفد الفني في الأمم المتحدة: «بيّن فريق الأمم المتحدة أن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يشعر بالإحباط بعد جولة جنيف الأخيرة، والذي أوضحه خلال إحاطته في مجلس الأمن الدولي»، لافتاً إلى أن «دي ميستورا يخطط لعقد جولة جديدة من المفاوضات في جنيف منتصف الشهر المقبل». أما فيما يخص مؤتمر «سوتشي»، فأوضح اشتوغر أن «الأمم المتحدة تحكم على أي مبادرة من خلال دورها ومساعدتها في تحقيق السلام».
كما اجتمع وفد «قوى الثورة العسكري» مع مستشار وزير الخارجية التركي سيدات أونال والوفد المرافق له، وتم البحث بملف إطلاق سراح المعتقلين وتثبيت مناطق خفض التصعيد.
وطالب طعمة الأتراك بـ«الضغط على النظام والدول الضامنة الأخرى للالتزام الكامل باتفاقية خفض التصعيد تحديداً في إدلب والغوطة بريف دمشق»، معتبراً أن هذه الاتفاقية تتعلق بسلامة وأمن ملايين السوريين.
من جانبه، أكد الجانب التركي، بحسب بيان المعارضة «وقوف بلاده إلى جانب المعارضة السورية بصفته ضامن لها في آستانة، وقدم شرحاً عن المشاورات التي تمت مع بقية الدول المشاركة في المحادثات، من أجل الوصول إلى نتائج حقيقية وبناءة تسهم بتحسن أوضاع المدنيين من خلال إدخال المساعدات الإنسانية». كما عبّر رئيس الوفد التركي عن انزعاجه من الخروقات التي تقوم بها قوات النظام، مشدداً على أنه نقل ذلك لبقية الأطراف الضامنة للنظام.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.