شجرة عيد الميلاد في روما تتحول إلى مصدر للنكات والسخرية

مطالبات بإزالتها فوراً والصحف تعتبرها رمزاً لتدهور العاصمة الإيطالية

شجرة عيد الميلاد في روما جفت أوراقها قبل العيد (غيتي)
شجرة عيد الميلاد في روما جفت أوراقها قبل العيد (غيتي)
TT

شجرة عيد الميلاد في روما تتحول إلى مصدر للنكات والسخرية

شجرة عيد الميلاد في روما جفت أوراقها قبل العيد (غيتي)
شجرة عيد الميلاد في روما جفت أوراقها قبل العيد (غيتي)

ما إن انتهى العمال من نصب شجرة عيد التنوب النرويجية التي بلغ طولها نحو 72 قدماً في ميدان «بيازا فينيسيا» وسط العاصمة الإيطالية روما الشهر الحالي، حتى انفجر الناس ضحكاً. وسرعان ما أطلقوا عليها اسم «سبيلاتشيو» أو «مانجي» أي الأجرب، نظراً لمظهرها الرث بعد أن ذبلت أغصانها، وتساقطت ثمارها قبل حلول أعياد الميلاد. وقد انتشرت الأحاديث عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث تبادل سكان روما النكات عنها، منتقدين مظهرها الذي لا يسر الناظرين.
وحسب ما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، فقد تحولت الانتقادات إلى تساؤلات عن تكلفة الشجرة، وعن كيفية استيرادها بتلك الصورة. وطالبت جماعة معنية بحقوق المستهلكين، أحد المحاكم الإدارية، بمحاسبة الحكومة على ما أنفقته في شراء «ذلك الشيء ذي المظهر القبيح الذي لا يسر الناظرين ولا السياح»، مطالبة بإزالة الشجرة فوراً.
شبه البعض الشجرة القبيحة بفرشاة المرحاض، فيما قارنها آخرون بشجرة «التنوب» التي تبرعت بها هولندا إلى الفاتيكان، والتي أطلق عليها الإيطاليون اسم «ريغوغيلو».
وجهت الأسئلة إلى بستانيين وعلماء النباتات والبيئة حول ما إذا كان يمكن للشجرة أن تعيش لحين انتهاء احتفالات الميلاد، لكن لم ترد إجابات من أي منهم حتى الآن.
وفي تعليقات الصحف، باتت الشجرة رمزاً لتدهور حال العاصمة الإيطالية، لينتقل بعدها الخبر من الصحف المحلية إلى الصفحات الأولى في الصحف العالمية.
وقالت فرانشيسكا نافا، مقدمة البرامج التلفزيونية التي كانت قد عاشت في روما لـ15 سنة مضت، إن «الشجرة تعكس واقع المدينة»، مشيرةً إلى أن نظرتها للشجرة لم تأت انطلاقاً من طبيعة عملها كصحافية، بل كمواطنة عادية. وأضافت: «من دون قصد، أصبحت تلك الشجرة انعكاساً لحال روما اليوم. فهي تمثل حال التردي الذي نعيشه».
صرّحت المتحدثة الرسمية باسم عمدة روما، فرجينيا راجي، بأنّ المدينة بدأت تحقيقاً رسمياً لمعرفة ما إذا كان هناك مخطئون تسببوا في حدوث ذلك. على ما يبدو أنّ الوقت قد مرّ عصيباً على راجي التي قضت اليوم ترد على تساؤلات المراسلين الصحافيين، مؤكدةً لهم أنّها لن تترشح مجدداً لانتخابات المدينة، التي تنتمي عمدتها لحزب «حركة النجوم الخمس» الذي يحدد الولاية بفترتين فقط، وهي الآن في فترها الثانية.
ونشر الإعلام الإيطالي صوراً للشجرة قبل وبعد الذبول. ودفع مظهر الشجرة الناس للسؤال عن تكلفتها التي بلغت 85.000 يورو (57.000 دولار)، وشملت أيضاً كلفة نقلها وتثبيتها ثم إزالتها بعد الانتهاء من احتفالات الميلاد. الشجرة نفسها قُدّمت كتبرع من جمعية زراعية باسم «ماغنيفيكا كومينيتا دي فال دي فيم» المعنية بشؤون الغابات والمراعي في منطقة ترنتينو.وبعد أن تسرب خبر الفضيحة، نشرت صحيفة وثيقة تظهر أن الجمعية الزراعية ستتلقى مبلغ 8000 جنيه إسترليني، ما يعادل 9500 دولار أميركي، بالإضافة إلى الضرائب، وهو ما برره مدير الجمعية، ستافينو كاتوي، في مقابلة عبر التليفون، على أنّه فقط كلفة إعداد الشجرة للنقل. مضيفا: «اخترنا شجرة جميلة قدر الإمكان وأعددناها بعناية لتلك المناسبة»، لكنّه لا يدرى ما حدث للشجرة بعد أن خرجت من عهدته. وتابع: «لا أدري ماذا حدث خلال الرحلة، أو ما هي نوعية لمبات الإضاءة التي ثبتت فوقها. فقد أرسلنا أشجاراً كثيرة قبل ذلك، ولم تحدث مشكلات. يحاول الناس معرفة السبب، لكنّنا نؤكد أنّنا فعلنا كل شيء على ما يرام قبل إرسالها». وكتب الكاتب الصحافي ماتيا فيلتري في افتتاحية صحيفة «لا ستامبا» يقول على لسان الشجرة، «لديكم مدينة مظلمة فوضوية. فأنتم تلقون كل شيء على الأرض وفي الطرقات، والسياح يعتقدون أنّ هذا هو مظهر المدينة. انظروا. أنا لا أرمز للمدينة. بل أنتم من ترمزون لها». مضيفاً: «لكن على الرغم من كل ما قيل من انتقادات، ولكي نكون منصفين، دعوني أقول: إنه في المساء وعندما يحل الظلام تتساوى كل أشجار العالم».
- خدمة {نيويورك تايمز}



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض