رغم أن مدينة سامراء (120 كلم شمال غربي بغداد) تابعة إداريا لمحافظة صلاح الدين ذات الغالبية السنية، فإنها تضم مرقدين لاثنين من أئمة الشيعة الاثني عشرية الإمامية، وهما (علي الهادي والحسن العسكري)، وهما الإمامان العاشر والحادي عشر. وكان المزار ذاته تعرض فيما سبق لهجوم أطلق شرارة حرب طائفية في العراق.
وعلى امتداد أكثر من 1200 سنة، حافظ أهالي سامراء السنّة على المرقدين من كل النواحي، بما في ذلك التبعية للدوائر السنية التابعة للدولة المركزية في العراق قبل عام 2003. لكن بعد سنة 2003، جرى إلغاء وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وإنشاء ديوانين؛ أحدهما للوقف السني والآخر للوقف الشيعي. وبموجب ذلك، جرى ربط إدارة الإمامين بالوقف الشيعي. لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، حيث انفجر نزاع لا يزال قائما حتى اليوم بين الوقفين على أوقاف وجوامع وأراض متنازع عليها في كثير من المحافظات العراقية، ومنها قضاء سامراء، وبالذات المناطق التي يراد توسعتها حول المرقدين وتحويل ملكيتها إلى الوقف الشيعي، وهو ما رفضه أهالي سامراء.
وطبقا لعضو البرلمان العراقي عن القائمة الوطنية شعلان الكريم، الذي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «حماية المرقدين العسكريين تعود لأهالي سامراء، حيث إنهم يتولون خدمتها منذ أكثر من 1200 سنة، ولم تحصل أي مشاكل» مشيرا إلى أن «الإرهاب يسعى لإثارة فتنة طائفية في العراق، من خلال إثارة نعرات طائفية يحاول بعض السياسيين تضخيمها، بينما هي لا وجود لها على صعيد مجتمعي».
وأضاف الكريم أن «من بين المطالب التي أضافتها لجان التنسيق خلال المظاهرات تتعلق بسامراء حصرا، وهي وقف تمليك المناطق المحيطة بمرقدي الإمامين لغير أهالي سامراء، من أجل عدم حدوث فتنة أو تغيير ديموغرافي».
وفي حين يرى المراقبون السياسيون أن ما حصل بعد تدمير مرقدي سامراء في الـ21 من فبراير (شباط) سنة 2006 كان مقدمة للعنف المستمر في العراق، الذي بلغ ذروته الآن فيما يجري من أعمال مسلحة في محافظة الأنبار مع عدم قدرة الحكومة العراقية على التعامل مع تلك الأحداث بطريقة تفصل بين معالجة التمرد ومكافحة الإرهاب، فإن مساعي تنظيم داعش السيطرة على مدينة سامراء، إنما هو السيناريو الأخطر على صعيد مسلسل العنف في العراق.
وفي هذا السياق، فقد جرى تبادل الاتهامات بين سياسيين سنّة وشيعة بشأن خلفيات، مما حصل في هذه المدينة، أمس، فالنائبة في البرلمان العراقي عن القائمة العربية لقاء وردي التي تنتمي إلى محافظة الأنبار السنية، اتهمت الحكومة بأنها هي من سمحت للمجاميع المسلحة السيطرة على سامراء وتهديد مرقد الإمامين العسكريين فيها لإيجاد «ذريعة لقصف المدينة وتدميرها»، بهدف «تسليمها لطائفة معينة»، في إشارة إلى الطائفة الشيعية.
لكن في مقابل ذلك رفض ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي تلك الادعاءات، وقال إن ما حدث في المدينة يعكس سعي تلك المجاميع إلى «تشتيت جهد القوات الأمنية»، وعدّ أن القوات الأمنية تمكنت من «نزع فتيل أزمة طائفية» كان يمكن أن يكون لها «تداعياتها الخطيرة».
في سياق ذلك، ومن أجل الحيلولة دون انزلاق البلاد في مسلسل عنف جديد دعت رئاسة الجمهورية في العراق أبناء عشائر العراق وسامراء، للوقوف صفا واحدا بوجهة مخططات الأعداء، وتفويت الفرصة على الإرهابيين للنيل من وحدة العراق.
وقال مستشار رئيس الجمهورية لشؤون العشائر داغر الموسوي، في بيان له أمس، إن «مخططات الأعداء وسعيهم لشق الوحدة الوطنية بين مكونات الشعب العراقي باءت، وستبوء بالفشل، بفضل وعي وإيمان أبناء العراق».
وطالب الموسوي أبناء عشائر العراق وسامراء بـ«الدفاع عن العتبات المقدسة في سامراء، والتصدي لإرهابيي (داعش) لدرء الفتنة الطائفية»، مؤكدا أن «أبناء عشائر سامراء سيفشلون مخططات الأعداء بقوة إيمانهم وتلاحمهم ووحدتهم».
سامراء.. السيناريو الأخطر في مسار العنف بالعراق
أهلها السنة حافظوا على المرقد على مدى 1200 سنة
سامراء.. السيناريو الأخطر في مسار العنف بالعراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة