حذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من احتدام القتال الدائر في الغوطة الشرقية «الذي يُلقي بتبعات جسيمة وغير مقبولة على الحياة اليومية في المنطقة التي بات أبناؤها يعيشون وضعا حرجا»، في وقت استمرت فيه المفاوضات بين «فيلق الرحمن» من جهة؛ وقوات النظام وموسكو من جهة أخرى لإخراج مقاتلي «هيئة تحرير الشام»، («جبهة النصرة» سابقا)، من الغوطة تنفيذا لاتفاق تخفيف التصعيد الذي كان قد وقع في جنيف في شهر أغسطس (آب) الماضي.
وعلى وقع القصف المستمر على الغوطة المحاصرة التي بات أطفالها يموتون من الجوع، جاء تحذير اللجنة الدولية للصليب الأحمر من «الأعمال التي ألحقت الضرر بكثير من الأعيان المدنية والمنازل، فيما يعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني الذي ينص على ضرورة تفادي الإضرار بهذه الأماكن في أثناء القتال».
ووفق ما جاء في بيان اللجنة، قال روبير مارديني، المدير الإقليمي باللجنة الدولية لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط: «لقد بلغ الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية حداً حرجاً. فكما وقع مراراً وتكراراً في سوريا على مدار السنوات الست الأخيرة، يجد الناس العاديون أنفسهم عالقين في وضع تصبح الحياة فيه مستحيلة تدريجياً؛ إذ تشح السلعّ والمساعدات».
ولفت إلى أن «العاملين في المجال الطبي في الميدان يفيدون بوجود مئات المرضى والجرحى المحرومين من الرعاية الطبية المنقذة للحياة، في الوقت الذي تهدد فيه برودة الطقس بزيادة تفاقم الوضع. وفي ظل أزمة الوقود الخانقة، يكاد الناس يُعدمون سبل الحصول على التدفئة الملائمة، مما يعرض صحتهم للخطر».
ودعا إلى «عدم استخدام المرضى والجرحى ورقة ضغط في المفاوضات بين الأطراف المختلفة المنخرطة في القتال، وتوفير الرعاية الطبية فوراً ودون إبطاء لكل من يحتاجون إليها، بصرف النظر عن هويتهم، خصوصا أن الناس الذين يعانون من أمراض مزمنة والمصابين إصابات خطيرة، يكافحون للحصول على الرعاية الطبية».
وأشار إلى أن «السكان المدنيين في الغوطة الشرقية يعانون عجزاً مُخيفاً في الغذاء وارتفاعاً هائلاً في أسعار المواد الغذائية»، مضيفا: «بعض الأسر لا تملك سوى أن تقتات بوجبة واحدة في اليوم، وهو وضع مأساوي لا سيما لمن لديهم أطفال. ونتيجة لهذا، يعتمد غالبية الناس بشكل كامل على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية». من هنا أكد مارديني ضرورة أن «تصل جميع الأطراف المتحاربة إلى حل يضع المدنيين أولاً، ويسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى السكان بشكل منتظم».
وفي موازاة استمرار المفاوضات لإخراج مقاتلي «الهيئة» من الغوطة إلى إدلب في الشمال، نفى كل من «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، و«جيش الإسلام» الاتهامات التي طالت الأخير بقتل أسرى من «الهيئة» كانوا لديه، مؤكدين أن الصور التي نشرت على أنها جثث لهؤلاء هي لمقاتلين سقطوا خلال معارك سابقة بين الطرفين.
وأشار مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نشر هذه الصور في هذا التوقيت هو لعرقلة إخراج (الهيئة) من الغوطة»، في حين قال مصدر في الغوطة، لـ«الشرق الأوسط» إن من قام بهذه الخطوة هو الفريق المعارض لخروج «الهيئة» من الغوطة بعد الانقسام حول الاتفاق في صفوف مقاتليها وعناصرها.
وفي بيان له، نفى «جيش الإسلام»، الذي يسيطر على مناطق شرق العاصمة السورية دمشق، إعدام عناصر من «الهيئة» كانوا معتقلين لديه خلال المعارك التي دارت بينهما منذ شهرين في غوطة دمشق الشرقية، متهما «تحرير الشام» بممارسة الكذب، مؤكدا أن «الصورة المتداولة قديمة والتقطها الدفاع المدني للجثث». وعدّ أن ما وصفه بـ«خلق الأكاذيب» سيستمر لعرقلة خروجهم من الغوطة، محذراً من أعمال انتقامية يقوم بها من وصفهم بأنهم «المجرمون، ضد الأبرياء».
وحول آخر مستجدات المفاوضات، قال الشيخ يوسف عسكر، رئيس اللجنة المركزية للمصالحات الوطنية في ريف دمشق، لوسائل الإعلام إنه يتوقع أخبارا سارة قريبا، فيما أكد علي حيدر، وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية في حكومة النظام السوري، الانفتاح على إمكانية إجلاء «جبهة النصرة» من منطقة الغوطة الشرقية لتجنب إراقة الدماء، «لكن قد نحاربها إذا ما اضطررنا لذلك». وقال في مؤتمر صحافي: «الجماعة لم تحسم بعد قرارها بشأن مغادرة المنطقة، والوضع معقد بسبب مشاركة مجموعات مختلفة في القتال».
وعلى صعيد اخر، قال متحدث باسم الحكومة السورية أمس، إن السلطات السورية منفتحة على إمكانية إجلاء جبهة النصرة من منطقة الغوطة الشرقية لتجنب إراقة الدماء، لكنها قد تحاربها إذا ما اضطرت لذلك.
وقال علي حيدر وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية للصحافيين في مؤتمر صحافي إن الجماعة لم تحسم بعد قرارها بشأن مغادرة المنطقة، مضيفا أن الوضع معقد بسبب مشاركة مجموعات مختلفة في القتال، بحسب ما نقلت (رويترز).
والغوطة الشرقية هي أقرب جيب يسيطر عليه المعارضون المسلحون إلى العاصمة دمشق. وتخضع المنطقة لحصار من القوات الحكومية منذ أسابيع.
وقال الشيخ يوسف عسكر، رئيس اللجنة المركزية للمصالحات الوطنية في ريف دمشق، لوسائل الإعلام إنه يتوقع أخبارا سارة قريبا.
وفي الوقت نفسه، أظهرت لقطات تم تحميلها على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأحد الماضي، ما قيل إنها طائرات حربية روسية وهي تقوم بعمليات قصف على بلدة اللطامنة بمحافظة حماة.