الرئاسة الفلسطينية تعتبر «الفيتو» استهتاراً بالمجتمع الدولي وتلجأ إلى الجمعية العامة

عباس يوقع على الانضمام فوراً إلى 22 منظمة دولية لمواجهة الخطوة الأميركية

TT

الرئاسة الفلسطينية تعتبر «الفيتو» استهتاراً بالمجتمع الدولي وتلجأ إلى الجمعية العامة

وصفت الرئاسة الفلسطينية أمس استخدام الولايات المتحدة الأميركية الفيتو ضد قرار بشأن القدس بأنه «استهتار» بالمجتمع الدولي.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن «استخدام الفيتو الأميركي مدان وغير مقبول، ويهدد استقرار المجتمع الدولي لأنه استهتار به».
وأضاف أبو ردينة «هذه الخطوة الأميركية سلبية، وفيها تحدٍ للمجتمع الدولي، وستسهم في تعزيز الفوضى والتطرف بدل الأمن»، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة «أكدت عزلتها، وعلى المجتمع الدولي العمل الآن على حماية الشعب الفلسطيني». وفي غضون ذلك أعلن وزير الخارجية الفلسطيني أن الفلسطينيين سيدعون إلى اجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد الفيتو الأميركي بمجلس الأمن.
ومن جهته، هاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الولايات المتحدة الأميركية بقوة، واتهمها بدعم العمل الصهيوني في فلسطين منذ نشأته، وقال إن الموقف الأميركي المتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل «لا يحمل أي قيمة شرعية أو قانونية، وسيواجه بكثير من الإجراءات».
وجاءت تصريحات عباس في مستهل اجتماع للقيادة الفلسطينية، عقد في وقت متأخر أمس في رام الله لبحث وضع استراتيجية فلسطينية جديدة، ردا على قرار الرئيس الأميركي.
وأضاف عباس بلهجة غاضبة «سنتخذ إجراءات قانونية وسياسية ودبلوماسية. وفي بدايتها نقول إننا نرفض أن تكون الولايات المتحدة وسيطا سياسيا بعد هذا الموقف لأنها في صف إسرائيل، تدعمها وتساندها. الولايات المتحدة شريك حقيقي وأساس في وعد بلفور الأول... هي لم تكن شريكا في عصبة الأمم، لكنها كانت تتابع وتناقش كل حرف فيه».
وأردف أبو مازن «لقد كنا مخدوعين ومغشوشين عبر التاريخ في الولايات المتحدة... وقد طالبنا عن جهل أن تكون الولايات المتحدة في العشرينات هي المنتدبة على أرضنا، بدل بريطانيا، لاعتقادنا أنها بلد حر ونزيه. لكن تبين أنها تتبنى العمل الصهيوني»، وشدد عباس «بعد ذلك لا نقبل أن تكون الولايات المتحدة شريكا أو وسيطا... المجنون لن يقبل بالولايات المتحدة».
وفي معرض حديثه عن الخطوات التي ستلجأ إليها الحكومة للرد على قرار ترمب، أكد عباس أن السلطة ستذهب إلى الجمعية العامة من أجل مجموعة من القرارات، وقال في هذا السياق «سنذهب مرة ومرات من أجل الحصول على العضوية الكاملة. لا ينقصنا شيء... هناك دولة وسلطة وأرض وحدود، بينما إسرائيل لا يوجد لها منذ 47 وحتى يومنا هذا حدود، وبالتالي فإن أي اعتراف بإسرائيل باطل». كما أعلن عباس أنه وقع أمس على الانضمام لـ22 منظمة دولية، وأنه سيوقع كل أسبوع على مجموعة أخرى، مضيفا أنه سيشكل لجنة من أجل دراسة كل المشاريع من أجل تطبيقها. كما أعطى عباس الضوء الأخضر من أجل استمرار الهبة الشعبية، معبرا عن فخره واعتزازه بالمتظاهرين.
وجاءت هذه التصريحات بعد قليل من إقرار المجلس الثوري لحركة فتح تشكيل قيادة عمل ميداني لوضع كافة قرارات القيادة موضع التنفيذ وفق متطلبات وتطورات المرحلة.
ودعا المجلس إلى تشكيل اللجان القيادية في كافة أراضي دولة فلسطين المحتلة لقيادة المقاومة الشعبية في وجه الاحتلال ومستوطنيه، مؤكدا على ضرورة التحاق كافة القطاعات بالمظاهرات والمسيرات والفعاليات الوطنية، التي يعلن عنها من قبل القيادة المركزية والميدانية، كما أكد أن غدا الأربعاء هو يوم غضب فلسطيني عربي عالمي، رفضا لإعلان ترمب.
وحضر الاجتماع الذي ترأسه عباس أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واللجنة المركزية لحركة فتح، وأمناء فصائل، ومسؤولون وقيادات فلسطينية، وهو الاجتماع الأول بعد قرار ترمب. ويفترض أن يكون الاجتماع قد ناقش إيجاد آلية دولية بديلة للراعي الأميركي للعملية السياسية، ووضع آليات من أجل الانضمام للمؤسسات الدولية، والحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية، وعلى عضوية كاملة في الأمم المتحدة، إضافة إلى التوجه للجنائية الدولية، وتسريع المصالحة ودعم المظاهرات الشعبية على الأرض.
ويسبق الاجتماع، الذي يتوقع أن يتلوه اجتماعات أخرى، اجتماع هام للمجلس المركزي لمنظمة التحرير، بصفته أعلى هيئة تشريعية في حالة انعقاده لحسم الخيارات الفلسطينية. وسيكون أمام المجلس المركزي الذي يلتئم منتصف الشهر القادم حسم العلاقة مع إسرائيل، وإعادة تعريف وظائف السلطة الفلسطينية، وإمكانية نقلها لتصبح دولة.
وفي سياق مشاوراته الواسعة، ينتقل عباس إلى العاصمة الفرنسية باريس بعد غد الخميس، للقاء نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون. وسيبحث عباس في فرنسا خلق آلية دولية بديلا للولايات المتحدة، استنادا إلى التحرك الفرنسي العام الماضي، الذي انتهى بمؤتمر للسلام، شارك فيه 25 وزير خارجية من الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة، لكنه خرج ببيان من دون آليات واضحة أو سقف زمني.
وسيحاول عباس الاتفاق مع ماكرون على إيجاد آلية دولية على غرار (5+1) التي نجحت في وضع الاتفاق النووي الإيراني. فيما يتطلع الفلسطينيون إلى رعاية الأمم المتحدة لمثل هذه الآلية، على أن تكون (5+2) أو (7+2).
وتأتي الجهود الفلسطينية في وقت رفضت فيه إسرائيل التعاطي مع أي بديل للولايات المتحدة، فيما توترت العلاقة الفلسطينية - الأميركية بشكل واضح، حيث رفض الرئيس عباس استقبال نائب الرئيس الأميركي مايكل بينس في بيت لحم في الضفة الغربية. كما منع أي مسؤول فلسطيني من لقاء بينس، أو مبعوث ترمب لعملية السلام جيسون غرينبلات.
ويتوقع أن يزور بينس حائط البراق، الذي يسميه الإسرائيليون «حائط المبكى»، في خطوة قد تساهم في زيادة التوتر. وينتظر الفلسطينيون بينس في القدس بمظاهرات دعت لها الفصائل الفلسطينية، واستعدادات إسرائيلية أمنية غير مسبوقة.
ودخل الفلسطينيون أمس في مواجهات جديدة مع الولايات المتحدة في مجلس الأمن والجمعية العامة، حيث أعلن وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي أن السلطة ستتحرك باتجاه الجمعية العامة للأمم المتحدة، وستدعوها لجلسة طارئة تحت عنوان «متحدون من أجل السلام»، كرد على استخدام مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي الفيتو في وجه مشروع بشأن القدس.
وقال المالكي «ستتم مطالبة الدول الأعضاء في الجمعية للتصويت على نفس مشروع القرار الذي قدمناه لمجلس الأمن، والذي حاربته أميركا من خلال الفيتو. في الجمعية العامة لن يكون بإمكان أميركا استعمال هذا الامتياز، وسيُعتبر تصويت الجمعية العامة تحت مسمى (متحدون من أجل السلام) بنفس قيمة وأهمية قرارات مجلس الأمن الدولي، وهذا سيُشكل صفعة قوية لنيكي هيلي ولجميع الصهاينة الجدد، الذين يدفعون الإدارة الأميركية باتجاه هذه العزلة الدولية، ومعاداة حقوق شعبنا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.