استقبلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس الاثنين، أقارب ضحايا ومصابين في هجوم الدهس الذي وقع قبل عام بإحدى أسواق أعياد الميلاد في العاصمة برلين. وتحدد اللقاء بعد ظهر أمس في دار المستشارية، ومن المنتظر إقامة ندوات تذكارية في مسرح الجريمة اليوم حيث تحل الذكرى السنوية الأولى للهجوم. وإلى جانب ميركل، سيشارك الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير، في الندوة التذكارية الرئيسية بالإضافة إلى كثير من الوزراء الاتحاديين.
وكان 12 شخصا قد لقوا حتفهم وأصيب نحو 70 آخرين، في الهجوم الذي نفذه التونسي الراحل أنيس العامري باستخدام شاحنة في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016. وكان أقارب الضحايا قد اتهموا ميركل بأنها لم تقدم لهم التعازي سواء بشكل شخصي أو كتابة، غير أن متحدثا باسم الحكومة الألمانية قال إن ميركل زارت مسرح الجريمة في اليوم التالي للهجوم واستعلمت عن كيفية وقوع الهجوم، وأضاف أنها شاركت في تلك الأثناء في قداس مسكوني. كما قامت المستشارة بزيارة مفاجئة لموقع سوق أعياد الميلاد نفسه بميدان برايتشنايدر بلاتس الأسبوع الماضي.
إلى ذلك، كان أنيس العامري، الرجل الذي نفذ أسوأ هجوم إرهابي في ألمانيا، مجرما مغمورا، بدأ خطواته الأولى على طريق التطرف أثناء قضاء عقوبة في السجن في إيطاليا. واقتحم الشاب التونسي العامري (24 عاما) بشاحنة محملة بالحديد سوق «برايتشنايدر بلاتس» لهدايا أعياد الميلاد في برلين، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة أكثر من 70 آخرين، وأعلن تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم.
والآن وبعد مرور عام على الهجوم الدموي ومقتل العامري في مواجهة عرضية مع الشرطة في 23 ديسمبر الماضي بالقرب من ميلانو، تجرب إيطاليا برنامجا تأمل في أن ينجح في منع المحتجزين الآخرين من الاتجاه إلى التطرف. وقال جينارو ميجليور، وزير الدولة الإيطالي للعدل المشرف على مصلحة السجون، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية: «نريد أن نكون أقوياء ضد الإرهابيين، وأن نكون أقوياء بالقدر نفسه في مواجهة أسباب التطرف».
ووقعت وزارة العدل اتفاقا مع «اتحاد الجماعات الإسلامية» في إيطاليا للاستعانة بأئمة معتمدين من الدولة أو «مستشارين روحيين» في السجون الإيطالية لتعريف السجناء المسلمين بصحيح القرآن الكريم. وأوضح ميجليور أن الهدف من وراء هذه الخطوة، يتمثل في الحد من تأثير «الأشخاص الذين نصبوا أنفسهم أئمة» بين نزلاء السجون، وأيضا لضمان حرية العبادة. وقال يوسف سباعي، وهو عضو ومؤسس «اتحاد الجماعات الإسلامية» في إيطاليا لوكالة الأنباء الألمانية: «إنها خطة رائدة في جميع أنحاء أوروبا».
وقام سباعي بتجنيد متطوعين للبرنامج، كما يشرف على دورة لتعريف حراس السجون بكيفية رصد علامات التطرف بين المحتجزين. وقال ميجليور: «اللحية الطويلة، والمواظبة على أداء الصلاة، أو الابتهاج بعد مشاهدة أخبار عن هجوم إرهابي في التلفزيون، تعد بوادر ضمن المؤشرات الداعية إلى دق أجراس الإنذار»، مضيفا أن 365 سجينا من بين 6 آلاف سجين مسلم، يخضعون للمراقبة حاليا. ومن بين متطوعي «اتحاد الجماعات الإسلامية» في إيطاليا، سورايا حولي، التي تم إرسالها إلى سجن بولات بمدينة ميلانو. وتلقي هي ومتطوعة أخرى دروسا أسبوعية تستغرق نحو ساعتين تتضمن قراءة القرآن والإعداد لصلاة الجمعة، كما تقدمان الإرشاد الديني العام. وقالت حولي لوكالة الأنباء الألمانية: «مهمتنا هي تعريفهم بالإسلام الصحيح... لقد رأينا أن كثيرا من السجناء يجهلون دينهم، خصوصا الأصغر سنا، ولذلك، فإن تعلم أفكار خاطئة يكون سهلا بالنسبة لهم».
وتابعت أن السجناء شعروا بالحيرة والارتباك في البداية لوجود امرأة معلمة و«في اليوم الأول، طلبوا معلما رجلا. ولكن يبدو أنهم تجاوزا انعدام الثقة، وسجل ما يقرب من 80 سجينا أسماءهم لحضور دروس صباح (أمس)». ولم تثبت بعد فعالية الخطة. كما أن هذه الخطة التي أطلقت هذا العام في 8 من أصل 200 سجن إيطالي، قد تفشل في الوصول إلى أولئك الذين هم في أشد الحاجة إلى الابتعاد عن التطرف، خصوصا إذا كان ينظر إلى أشخاص مثل حولي على أنهم جواسيس. من جانبه، دعا باتريسيو جونيلا، أستاذ القانون رئيس مجموعة «أنتيغون»، وهي مجموعة معنية بالدفاع عن حقوق السجناء، إلى استراتيجية وقائية أوسع نطاقا، لإزالة أي سبب لدى السجناء للشك في نوايا الدولة ضدهم. وقال جونيلا: «أفضل أنواع الوقاية يتمثل في تهيئة بيئة ملائمة بالسجون تقوم على أساس توفر فرص العمل والتعليم». وأوضح: «الكلام أسهل من العمل، لكن هذه هي السبيل الوحيدة: لا يمكنك غسل أدمغة (الأشرار). ولا تتوافر أدلة كافية على حصول العامري على مثل هذه الفرص في الأعوام الثلاثة ونصف العام، التي قضاها وراء القضبان في إيطاليا. في الواقع، تم الإبلاغ عنه على أنه خطير، وتم توجيه 12 تحذيرا بشأنه من السلوك العنيف، وتهديد حراس السجن والمحتجزين الآخرين».
ووصل العامري إلى إيطاليا في مطلع عام 2011. وكذب بشأن عمره ليبدو طفلا لاجئا. وعندما تم رفض تصريح إقامته، أضرم النار في ملجأ المهاجرين، وتم إرساله إلى السجن. ثم توجه إلى ألمانيا في عام 2015، بعد أن رفضت تونس التعاون مع إيطاليا لترحيله إلى وطنه. وفي ألمانيا، تعقبته السلطات، ولكن التحقيقات الإرهابية التي استهدفته فشلت في توجيه إدانة إليه بسبب عدم كفاية الأدلة. وعاد إلى إيطاليا بعد هجومه الدموي، لأسباب لم يتم توضيحها.
إيطاليا تستعين بأئمة لمواجهة التطرف في السجون
ميركل تستقبل أقارب ضحايا هجوم الدهس بسوق برلين
إيطاليا تستعين بأئمة لمواجهة التطرف في السجون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة