الحسم العسكري المرتقب في اليمن يربك الانقلابيين ويدفعهم للحشد

تصفية زعيم قبلي في ذمار مع أربعة من أقاربه

TT

الحسم العسكري المرتقب في اليمن يربك الانقلابيين ويدفعهم للحشد

استمراراً للمارسات التي طالت أنصار الرئيس اليمني السابق علي صالح وأعضاء حزبه من المدنيين والعسكريين ورجال القبائل عقب مقتله، أقدمت، أمس، ميليشيات جماعة الحوثيين على تصفية زعيم قبلي في مدينة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) مع أربعة من أقاربه.
وفي ظل ترقب وخوف لميليشيا الحوثي الانقلابية من اقتراب الحسم العسكري الذي ترتب له الحكومة الشرعية وقوات التحالف عقب التطورات الميدانية الأخيرة، جددت الجماعة، أمس، الدعوات لأنصارها لحشد المقاتلين.
وأفادت مصادر محلية وشهود في محافظة ذمار بأن مسلحي الجماعة أقدموا، أمس، على تصفية الشيخ القبلي ضيف الله مثنى مع أربعة من أقاربه أثناء مرورهم من إحدى نقاط التفتيش الحوثية، وقاموا بالتمثيل بجثثهم.
وقالت المصادر إن مسلحي الميليشيا في النقطة اعترضوا على بقاء صورة الرئيس السابق علي صالح الملصقة على زجاج سيارة الشيخ الموالي لحزب «المؤتمر»، قبل أن يتصاعد الموقف إلى كسره ومن ثم إطلاق النار على الشيخ مثنى ونجليه ونجلي شقيقه والتمثيل بجثثهم أمام أعين المارة.
وأفادت المصادر في صنعاء بأن صالح الصماد رئيس مجلس رئاسة الانقلاب التقى، أمس، في صنعاء مسؤولين موالين للجماعة في ذمار وصنعاء، وقال: «نحن أمام مرحلة جديدة تقتضي الاستمرار في رفد الجبهات بالزخم الشعبي والوقفات الاحتجاجية».
والتقى الصماد رئيس البرلمان يحيى الراعي وسط تكهنات بأن النقاش دار حول عملية «حوثنة» حزب المؤتمر الشعبي وإعادة ترتيبه بعد مقتل صالح بما يضمن استمراره واجهة سياسية للميليشيا الانقلابية.
وتصم الجماعة صالح بـ«الخائن زعيم الميليشيا»، منذ قتله في الرابع من الشهر الحالي والتنكيل بأقاربه وأعوانه وقيادات حزبه، في ظل مساعٍ لطمس كل ما يتعلق به وتجريم كل ما يمجده، بعد أن نهبت منازله وممتلكات أقاربه.
على صعيد متصل، قضت أمس محكمة موالية للميليشيا في صنعاء غيابياً بحبس مدير تحرير صحيفة «الميثاق» الناطقة باسم حزب «المؤتمر» محمد أنعم، سبعة أشهر وتغريمه مليوني ريال على خلفية دعوى من القيادي الحوثي البارز حسن زيد الوزير الذي طلب بإغلاق المدارس وإرسال الطلبة والمعلمين إلى القتال.
في غضون ذلك، تداولت وسائل إعلام محلية في مدينة عدن وقيادات جنوبية على مواقع التواصل الاجتماعي أخباراً تفيد بأن عدداً من أفراد أسرة الرئيس السابق جلهم نساء وأطفال، وصلوا إلى عدن أول من أمس، بعد توفير الحماية لهم أثناء الرحلة من قبائل البيضاء ويافع وقوات الحزام الأمني.
وفيما لم يتسنَّ الحصول على تأكيد في شأن ذلك من مصدر قريب من عائلة صالح، نفى ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وصول أي شخص من أقارب الرئيس السابق إلى عدن.
من ناحيته، كشف النائب في البرلمان ورئيس الكتلة البرلمانية لمحافظة إب، عبد الرحمن معزب في منشور على «فيسبوك» عن أن نواب المحافظة ووجهاءها الموالين للمؤتمر ناقشوا مع الحوثيين تأمين مصير ابنة القاضي عبد الله الحجري (إحدى زوجات صالح) وأبناءها.
وقال: «تم الاتفاق على تسليمهم إلى يد شقيقها القاضي أحمد الحجري أو المحافظ عبد الواحد صلاح».
وأضاف أن النقاش تطرق إلى حادثة اقتحام الميليشيات لمنزل شقيقها السفير السابق في واشنطن عبد الوهاب الحجري، مشيراً إلى أنه قد «تم إخلاؤه».
ولاقت أنباء وصول أسرة صالح إلى عدن ردود فعل متباينة في أوساط الناشطين الجنوبيين، فيما رحب بذلك قيادات بارزة في «الحراك الجنوبي»، كما دعا الوزير السابق والقيادي الجنوبي واعد باذيب إلى فتح مدينة عدن أمام كل الأسر الهاربة من اضطهاد الحوثيين بصنعاء.
إلى ذلك، طلب الصحافي المقرب من الرئيس السابق نبيل الصوفي، الذي كان وصل إلى عدن قبل أيام فارّاً من بطش الحوثي، من قيادات حزب «المؤتمر» التماسك والاستمرار في مناهضة الميليشيا بشتى الطرق.
وكشف الصوفي في تغريدات على «تويتر» عن وجود ضغوطات حوثية كبيرة على قيادات المؤتمر، مؤكداً أن هناك مَن يرتب لأمور تستحق الصبر، دون أن يفصح عن طبيعة تلك الترتيبات أو عن الشخصية التي تقودها. وقال الصوفي: «لا نستطيع أن نقول لكم شيئاً الآن، لكن كل ما يقال هو أقل مما يحدث». وأضاف: «(المؤتمر) للآن أكثر تماسكاً مما ترونه، ولم يتوقف الحوثي ولا لحظة عن الضغط كالغريق الذي يتعلق بقشة، ولم يحصل على شيء». وتابع بالقول: «هناك من يرتب ما يستأهل صمودكم... وخففوا الانتقادات والشتم والتخوين بيننا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».