المعارضة السورية تخشى تراجع الدعم الأميركي بعد فشل جنيف

ترجيحات بتسليم واشنطن ملف الحل السياسي لموسكو

صورة أرشيفية لسورية تبكي بعد أن فارقت منزلها هرباً من المعارك في الرقة (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لسورية تبكي بعد أن فارقت منزلها هرباً من المعارك في الرقة (أ.ف.ب)
TT

المعارضة السورية تخشى تراجع الدعم الأميركي بعد فشل جنيف

صورة أرشيفية لسورية تبكي بعد أن فارقت منزلها هرباً من المعارك في الرقة (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لسورية تبكي بعد أن فارقت منزلها هرباً من المعارك في الرقة (أ.ف.ب)

تتنامى مخاوف المعارضة السورية من تراجع فعلي للدعم الأميركي، خصوصاً بعد فشل الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف، وتزايد الحديث عن مسارات أخرى قد تنطلق قريباً لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وأبرزها مسار سوتشي الذي تُعد له موسكو.
وبعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في يوليو (تموز) الماضي، وقف البرنامج السري الذي تديره وكالة المخابرات المركزية (CIA) لتدريب فصائل المعارضة السورية، يتخوف معارضون سوريون من أن رؤية الإدارة الأميركية للملف السوري باتت «تعتمد بشكل أساسي على (اللامبالاة)، نظراً لانشغالها بملفات أخرى، سواء داخلية أميركية أو خارجية مرتبطة بشكل أساسي بكوريا الشمالية، ما أدّى تلقائياً إلى تسليمها معظم الأوراق السورية، خصوصاً تلك المرتبطة بالحل السياسي إلى روسيا».
وتعتبر مصادر في المعارضة السورية، تتابع الموقف الأميركي عن كثب، أن «الولايات المتحدة تكتفي حالياً، من حيث تقاسم المناطق السورية، بمنطقتين استراتيجيتين بالنسبة لها في الشمال والشمال الشرقي، وفِي الجنوب السوري، حيث قاعدتها في التنف»، لافتة إلى أنّها «في الشمال الشرقي، تحمي وجودها في سوريا والعراق، وبالتالي تعزز تأثيرها المباشر هناك، كما تقطع الطريق على الامتداد الإيراني إلى البحر المتوسط، فيما تدرب في التنف شركاء لها من أجل منع ارتكاز أية قوات مدعومة إيرانياً هناك، حفاظاً على الاستقرار في هذه المنطقة الحساسة جداً، التي تقترب لوجيستياً من حدود إسرائيل الشمالية».
وتشير المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّه «ما عدا ذلك، فقد سلمت واشنطن الملف السوري تماماً لموسكو، بدليل صمتها المطلق حول مؤتمر سوتشي، مقابل تمثيلها الضعيف في (جنيف 8)».
وتذكر المصادر بفحوى لقاء جمع في عام 2012 معارضين سوريين بالمبعوث الأميركي الأول إلى سوريا، السفير روبرت فورد، لافتة إلى أنّه قال بصريح العبارة: «الأمر طويل جداً أكثر مما تتصورون، في المعارضة»، وتضيف: «لا شك أن الهدف من جعل الأمر طويلاً هو إيصالنا منهكين إلى عام 2021، موعد الانتخابات الرئاسية».
وفي اليوم الأخير من محادثات جنيف، نقلت قناة «العربية» عن دبلوماسي أوروبي يترأس وفد بلاده إلى جنيف أن «الولايات المتحدة تراجعت منذ بداية عهد دونالد ترمب عن دعم المعارضة السورية، وأصبح اهتمامها بالموضوع السوري أقل مما كان عليه عندما كان جون كيري وزيراً للخارجية»، في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
وأضاف المصدر نفسه أن الأميركيين «شرحوا أولوياتهم، وعلى رأسها محاربة تنظيم داعش، لكن ذلك لا يجب أن يعني عدم الاهتمام بإيجاد مخرج سياسي للأزمة السورية».
ولا يبدو رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف، أحمد رمضان، متشائماً تماماً بموضوع الموقف الأميركي من المعارضة السورية، إذ يشدد على أن «موقف واشنطن في دعم المعارضة السورية ما زال قائماً، ويتمثل في دعم جهود وفد المعارضة في مفاوضات جنيف، والتأكيد على مبدأ الحل السياسي، وتحميل النظام وحلفائه مسؤولية ذلك»، معتبراً أن «الأمر كان واضحاً في حضور وفد رفيع من الخارجية الأميركية، برئاسة ستيفاني ويليامز، خلال مفاوضات جنيف، إضافة إلى بيان المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت بشأن جولة جنيف الأخيرة».
ويذهب رمضان أبعد من ذلك في الحديث عن «تطور العلاقة بين الإدارة الأميركية والائتلاف الوطني السوري والحكومة السورية المؤقتة في الزيارات الأخيرة التي حصلت في واشنطن وإسطنبول وجنيف»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «رغبة الجانب الأميركي في إعادة تنظيم العلاقة، دعماً للجهود التي تركز على العملية السياسية»، ويضيف: «من جهتنا، ما زلنا ندعو لموقف أميركي أكثر وضوحاً وأكثر تماسكاً، لجهة التدخل لوضع حد للتغول الروسي والتدخل الإيراني الفظِّ، ودعم طهران للميليشيات الإرهابية الإيرانية، والتحرك عبر مجلس الأمن، وتوفير الدعم اللازم لحماية المدنيين السوريين، والاستمرار في دعم الجيش السوري الحر والقوى العسكرية الملتزمة ببرنامج الثورة السورية الوطني».
إلا أن ما يعزز فرضية «لا مبالاة» واشنطن هو ما ورد في مجلة «نيويوركر» الأميركية قبل أيام، وحديثها عن «رؤية أميركية سلمت ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة». وجاء في المقالة: «على ما يبدو أن إدارة دونالد ترمب جاهزة لقبول الأسد في الحكم حتى الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2021. وبناء على هذا الموقف الذي نقل عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين، فإن واشنطن تتراجع عن بياناتها التي ظلت تتمسك برحيل الأسد لتحقيق عملية الانتقال السياسي، وبالتالي وقف الحرب».
واعتبرت الصحيفة أن «القرار الأخير يعكس الخيارات المحدودة أمام الإدارة، والوضع العسكري على الأرض، ونجاح روسيا وإيران و(حزب الله) بتقوية وضع الأسد». وتكمن المفارقة في كون ما ورد في «نيويوركر» يتعارض تماماً مع ما أعلنه وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون في أكتوبر (تشرين الأول)، لجهة قوله إن «الولايات المتحدة تريد سوريا موحدة من دون بشار الأسد»، مضيفاً: «حكم عائلة الأسد يقترب من نهايته، والموضوع الرئيسي هو كيفية تحقيقه»، وهو ما يضعه متابعون للملف بإطار «الضياع الأميركي، وعدم وجود رؤية موحدة في الإدارة الأميركية الحالية للتعامل مع الملف السوري».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».