شاشة الناقد

العودة إلى الوراء لا تصنع فيلما جيدا

من «رجال إكس: أيام الماضي المقبل»
من «رجال إكس: أيام الماضي المقبل»
TT

شاشة الناقد

من «رجال إكس: أيام الماضي المقبل»
من «رجال إكس: أيام الماضي المقبل»

الفيلم «رجال إكس: أيام الماضي المقبل» X‪ - ‬Men‪:‬ Days of Future Past
إخراج: برايان سينجر
أدوار أولى: هيو جاكمان، جيمس ماكفوي، بيتر دينكلايج، جنيفر لورنس.
تقييم الناقد: (*2)
إذن، يستطيع وولفرين، أو هيو جاكمان، في هذا الفيلم العودة إلى الماضي ليقابل رفاقه ذوي القدرات الفائقة حين كانوا شبابا، وليقول لهم معرفا بنفسه: «أنا من المستقبل». هذا اللقاء ليس زيارة اجتماعية، بل وراءها رسالة: تغيير التاريخ من خلال تغيير الأحداث التي ستؤدي إليه. فعل صعب؟ ليس في هذا الفيلم، فالمهمـة هي تجنيب الآخرين (منهم جنيفر لورنس ومايكل فاسبيندر وجيمس ماكفوي وهالي بيري، إلخ..) الإقدام على ما أقدموا عليه فعلا، وبذلك يجري تحييد الحاضر عن النتائج التي وقعت بسبب ما حدث بالأمس. بسيطة!
لكن ما لم يخطر على بال أحد من صانعي هذا الفيلم (أخرجه برايان سينجر الذي حقق الجزء الأول وكتبه سيمون كنبيرغ) هو التالي: إذا ما جرى لهؤلاء تغيير التاريخ كيف يمكن حينها قبول ما حدث في الأجزاء الأخرى من هذا المسلسل الطويل؟ هذا ما ليس بسيطا.
بالعودة في هذا الفيلم إلى الأمس لأجل تغيير المستقبل ومنع الأشرار من المساس بأبطال الفيلم ومصائرهم، يصير لدينا 18 شخصية بعضهم مزدوج الحضور (اليوم وبالأمس) وكل منها يبحث عن مساحة في الفيلم ويقدم استعراضا لتخصصه. وبما أنه ليس هناك مجال ممكن للمساواة بين هذه الشخصيات ومنح كل منها القسط المماثل من الأوكسجين للشخصية الأخرى، فإن بعضها مضطر لأن يمر مرور الكرام، لعلك لا تنساه قبل أن ينتهي الفيلم.
صار لدينا أيضا إمكانية التدخل في مجرى أحداث جرت بالأمس لكي يتغيـر الحاضر. وعلاوة على ذلك، نحن أمام نسخة من سلسلة «كوكب القردة» التي يحاربها البشر فتثور. ربما في الفيلم المقبل من «كوكب القردة»، وعلى سبيل المقايضة، سنجد أن القردة عادوا إلى الماضي أيضا لإعادة ترتيب البيت، كما الحال هنا.
في عالم يريد أن يحتفي بـالمختلفين، فإن «رجال - إكس» كان دائما حاضرا للغاية. ومن الفيلم الأول، وهناك ذلك التمرير بأن هذا النوع من الاختلاف مبارك، وأن الحق على كل الطليان غير المختلفين حول العالم.
سلسلة «كوكب القردة» ليست الوحيدة التي تخطر على البال. من شاهد الفيلم الصامت لفريتز لانغ «ميتروبوليس» (1927) يمكن أن يلحظ كيف سطا المخرج هنا على مشاهد معينة من ذلك الفيلم (تحديدا المشهد الذي نرى فيه الممسوخين هنا تمشي في صفوف بين حرس المعسكر الذي وضعوا فيه). يبني الفيلم الجديد بعض جوهره على أن كثيرا من الممسوخين قـتلوا خلال الأعوام التي سبقت الدقائق الـ15 الأولى من الفيلم، مما يدفعني للتساؤل عن كيف أننا لم نخسر أيا من الشخصيات الرئيسة. أحد هؤلاء الباقين هو وولفرين الذي يظهر بتصفيف شعر يجعله يبدو كما لو أنه سار على رأسه مسافات طويلة. وكما نعلم «موهبة» جاكمان هي استخراج نصول حادة من داخل يديه. يا لها من «موهبة»! تستطيع أن تقول لي أن سوبرمان يطير وأن سبايدرمان يستطيع أن يوقف قطارا بخيوطه (العنكبوتية على ضعفها) لكن كيف يمكن لسكاكين طويلة الدخول والخروج من وإلى داخل اليد؟ هل هناك زر أمان يجعلها لا تنفلت من داخل اليد خطأ؟! ألا تقطع اللحم والعظم عندما تدخل اليدين؟! وهل يستخدمها وولفرين لقطع البصل وفرم البقدونس وصنع السلطة؟!



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.