المغرب يعتمد خطة للنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان

TT

المغرب يعتمد خطة للنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان

أعلن المغرب اعتماد خطة وطنية للنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان، تعد الأولى من نوعها تتضمن مجموعة من التدابير ستتخذها الدولة لتحسين وتعزيز حماية حقوق الإنسان.
وتتكون الخطة، التي أعلنت عنها الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان مساء أول من أمس في الرباط، من أربعة محاور أهمها محور الديمقراطية والحكامة، تلتزم فيه الحكومة باتخاذ مجموعة من التدابير، من أجل ضمان المساواة وتكافؤ الفرص ومكافحة الإفلات من العقاب، وتطبيق الحكامة في قطاع الأمن، وترسيخ النزاهة والشفافية ومحاربة الفساد في الإدارة، فضلا عن حماية الحق في التجمع والتظاهر وتأسيس الجمعيات.
أما المحاور الثلاثة الأخرى فتشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وحماية الحقوق الفئوية والنهوض بها، ثم الإطار القانوني والمؤسساتي الذي ينص على إصدار قوانين وتشريعات لحماية حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وحريات التعبير والإعلام والصحافة والحق في المعلومة.
وجاء إعداد الخطة في سياق الإصلاح السياسي، الذي عرفه المغرب منذ التسعينات من القرن الماضي بعد إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أشرفت على معالجة ملفات الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها المعارضون السياسيون. وأعلن عن تكوين لجنة للإشراف على إعداد الخطة منذ عام 2008، ضمت المنظمات الحقوقية المدنية، ثم جرى إدخال تعديلات عليها، لا سيما بعد إقرار دستور 2011 لترى النور بعد نحو 9 سنوات.
وخلال حفل الإعلان الرسمي عن الخطة للنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان، نوه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، بتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، وقال إنها «مكنت بلادنا من قراءة شجاعة لماضيها والكشف عن حقيقة ما جرى، وجبر أضرار ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتحديد ضمانات عدم التكرار، وفق معالجة شمولية تهدف إلى توطيد الانتقال الديمقراطي وضمان القطيعة مع أخطاء الماضي».
ووعد العثماني بأن تقوم حكومته بتسوية جميع الملفات المتعلقة بجبر الضرر الفردي قبل نهاية العام الجاري. كما التزم بعرض المشروع على مجلس الحكومة قصد المصادقة عليه، ومن ثم الشروع في تنفيذ الخطة.
من جهته، أوضح مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، أن استئناف عملية التحيين بدأت منذ يونيو (حزيران) الماضي بتشاور مع القطاعات المعنية كافة، ومكنت من مضاعفة عدد التدابير التي تضمنتها لتصل إلى 430 تدبيرا. ودعا إلى إشعار هيئات الأمم المتحدة باعتماد المغرب للخطة والتعريف بها على نطاق واسع، معتبرا أن «المغرب أضحى اليوم في مصاف الدول التي اعتمدت تخطيطا استراتيجيا في مجال حقوق الإنسان، باعتبارها الدولة الـ39 التي اعتمدت هذا التوجه لتعزيز حقوق الإنسان، وذلك استجابة لتوصية المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1993 بفيينا».
وأشار الرميد إلى القضايا الخلافية التي لم يتم التوافق بشأنها بين الحكومة والمنظمات الحقوقية، وقال في هذا الصدد إن «الحوار المجتمعي لم ينضج بالقدر الكافي لتحديد مواقف واضحة ودقيقة بشأن بعض القضايا، لذا تقرر مواصلة الحوار حول تلك القضايا من قبيل الإعدام، والانضمام إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية، واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 وبعض القضايا المرتبطة بمدونة الأسرة حتى نجد الطريقة الملائمة لمعالجتها».
بدوره، عبر محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن الموقف نفسه بشأن القضايا التي لم يتم الحسم فيها، مؤكدا أهمية «النقاش المجتمعي الرزين والهادئ والهادف لمعالجة القضايا الإشكالية التي ينقسم حولها المجتمع المغربي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».