«إيغاد» تسلم الدعوات لمنتدى تنشيط السلام في جنوب السودان

«الترويكا» الغربية تطالب أطراف النزاع تقديم تنازلات

«إيغاد» تسلم الدعوات لمنتدى تنشيط السلام في جنوب السودان
TT

«إيغاد» تسلم الدعوات لمنتدى تنشيط السلام في جنوب السودان

«إيغاد» تسلم الدعوات لمنتدى تنشيط السلام في جنوب السودان

أعلن أطراف النزاع في جمهورية جنوب السودان تسلمهم دعوات من الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا (إيغاد)، لبدء أعمال المنتدى التنشيطي للسلام المقرر عقده نهاية الأسبوع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
ويهدف المنتدى، الذي ترعاه دول ومنظمات غربية، إلى نزع فتيل القتال في الدولة الوليدة، الذي أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من المواطنين وفرار أكثر من مليون شخص، منذ اندلاع النزاع في ديسمبر (كانون الأول) 2013، عندما أقال الرئيس سلفا كير نائبه رياك مشار من منصب نائب الرئيس.
ويتوقع أن يخرج المنتدى بخريطة طريق تتضمن وقف إطلاق نار شامل ومستدام، ووضع جدول زمني منقح وواقعي لتنفيذ اتفاق السلام الموقع في عام 2015، مع استصحاب المستجدات في واقع الدولة التي تواجه تعقيدات منذ استقلالها قبل ست سنوات.
وقال المتحدث باسم الرئاسة في جنوب السودان، أتيني ويك أتيني، في تصريحات، إن «هيئة (إيغاد) قد وجهت دعوة إلى الرئيس سلفا كير ميارديت لحضور المنتدى... لكن الرئيس سلفا كير لن يستطيع المشاركة، وتم تفويض وزير شؤون مجلس الوزراء الدكتور مارتن آليا لومورو لتمثيل الحكومة». وكشف أن مجلس وزراء هيئة «إيغاد» سيحدد موعدا لاجتماع قمة الرؤساء بعد بدء المنتدى المقرر في الفترة من 18 إلى 22 ديسمبر الحالي. وكانت منظمة «إيغاد» قد بدأت اجتماعات تشاورية مع مختلف أصحاب المصلحة في اتفاق السلام للخروج برؤية موحدة بشأن العملية.
من جهتها، قالت المعارضة المسلحة الرئيسية بزعامة رياك مشار إنها تسلمت دعوة «إيغاد»، لحضور منتدى تنشيط عملية السلام، أرسلها رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي ديسالين، طالبه فيها بضرورة المشاركة بوفد، وعبر عن تفاؤله من «أن تغتنم المعارضة المسلحة هذه الفرصة التاريخية للانخراط في المنتدى بشكل جاد، وأن توقف جميع الأعمال العدائية وإنهاء الصراعات وإعادة بناء السلام والاستقرار في البلاد وتحقيق التحول الديمقراطي».
وينتظر أن يبدأ المنتدى التنشيطي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الاثنين المقبل، على أن يسبقه اجتماع لمجلس وزراء هيئة «إيغاد» اليوم.
من جانبها، شددت دول الترويكا الغربية، التي تضم الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والنرويج، في بيان لها على حكومة جنوب السودان، بعدم استخدام نفوذها في «إيغاد»، كعضو في هذه المنظمة، وألا تبدي اعتراضها على القضايا المطروحة في المنتدى، مشيرة إلى أن «هذا ينطبق على جميع أطراف النزاع الأخرى». وطالبت المعارضة بتحمل مسؤولياتها بالحضور إلى طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة. وقالت في هذا الخصوص: «يجب على جميع الأطراف المشاركة بإخلاص وتقديم التنازلات من أجل المصلحة الوطنية».



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.