«العدالة والتنمية» المغربي ينهي مؤتمره على وقع استقطابات حادة

TT

«العدالة والتنمية» المغربي ينهي مؤتمره على وقع استقطابات حادة

كشف عضو في حزب العدالة والتنمية المغربي لـ«الشرق الأوسط» عن جزء من كواليس انتخاب الأمين العام الجديد للحزب الذي جرى مساء أول من أمس، والأسباب التي رجحت فوز سعد الدين العثماني بالمنصب خلفا لعبد الإله ابن كيران، بنسبة 51 في المائة من الأصوات فيما حصل منافسه إدريس الأزمي الإدريسي، عمدة فاس والوزير السابق، على 49 في المائة من الأصوات، وهو ما عكس استمرار حدة التقاطب الذي أصبح يعيشه هذا الحزب ذو المرجعية الإسلامية منذ إعفاء أمينه العام السابق من رئاسة الحكومة وتعيين العثماني خلفا له.
وقال عضو المجلس الوطني للحزب الذي فضل عدم ذكر اسمه بسبب منع قوانين الحزب الكشف عن مضامين جلسة التداول التي سبقت عملية التصويت على المرشحين، أنه خلال مرحلة التداول هناك من قدر أن عدم التصويت لفائدة العثماني يعتبر طعنا في رئاسة الحكومة وإضعافا لحكومته ودفعه نحو الاستقالة، وبالتالي الخروج إلى المعارضة، وهو رأي عبر عنه قياديان في الحكومة، وبتشنج، ولم يكن مقبولا داخل المجلس الوطني على حد قوله.
وأشار المصدر ذاته إلى أن العثماني عبر من جانبه خلال التداول عن موقف وصفه بأنه كان «قاسيا»، ونقل عنه قوله قبل التصويت إن «حزبا لا يحظى رئيس حكومته بالأمانة العامة ينبغي أن يستخلص منه الدروس». وفهم من كلام العثماني، حسب المسؤول الحزبي، أن العثماني يهدد بالاستقالة وما يترتب عن ذلك من إسقاط الحكومة وهذا الموقف هو الذي أثر في نتائج التصويت ودفع مجموعة من الأعضاء من المتخوفين على التجربة إلى التصويت لصالحه.
من جانبه، صرح العثماني عقب انتخابه أنه «أمين عام للجميع، ولن أسمح لنفسي أن أكون أمينا عاما لفئة دون أخرى»، مشيرا إلى أن «العدالة والتنمية» أعطى درسا جديدا في الديمقراطية الداخلية وخاطب المؤتمرين قائلا: «اليوم أعطيتم درسا للأصدقاء والخصوم، لأن كثيرا من الناس ينتظرون أن يكون العراك في هذا المؤتمر، ويتنبأون بأن هذا الحزب سينقسم وينتظرون أن تفشلوا ونفشل جميعا، ولكن خيبتم اليوم ظنونهم».
من جهة أخرى، اعتذر ابن كيران الأمين العام السابق عن رئاسة المجلس الوطني للحزب بعدما حصل على أغلبية الأصوات كما لم يحصل على عضوية الأمانة العامة، وبذلك يكون قد انسحب من جميع هياكل الحزب ما أثار تساؤلات عن مستقبله السياسي.
وفي هذا السياق، توقع بلال التليدي عضو المجلس الوطني للحزب، أن يفكر ابن كيران في صيغة للعمل السياسي من موقع مجتمعي مدني كإنشاء مؤسسة تضم تحالفا للقوى الديمقراطية.
وقال التليدي لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤكد هو أن ابن كيران لن يغادر الحزب ولن يعتزل السياسة على الرغم من أنه خرج من جميع مواقع المسؤولية في الحزب وقبلها خرج من رئاسة الحكومة والبرلمان»، مستبعدا أن يكون العثماني أقصاه من عضوية الأمانة العامة كما راج، مرجحا أنه هو من لم يرغب في ذلك.
وهنأ الملك محمد السادس أمس العثماني على «الثقة» التي حظي بها من قبل المؤتمر الوطني الثامن لحزبه والتي قال إنها «تجسد مدى تقدير أعضاء هيئتك السياسية لالتزامك الحزبي ومسارك المهني، فضلا على ما تتحلى به من خصال إنسانية» كما أشاد بسلفه ابن كيران «لما أسداه لوطنه وملكه ولهيئته السياسية، من خدمات جليلة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».