حراك في الحديدة لطرد الانقلاب

فعاليات قبلية ومدنية تبدأ بتوزيع المنشورات

TT

حراك في الحديدة لطرد الانقلاب

تستعد محافظة الحديدة اليمنية الواقعة على ساحل البحر الأحمر، لثورة ضد وجود الميليشيات الحوثية في عموم إقليم تهامة، مدعومة بقبائل الإقليم التي تنسق مع كثير من القيادات والأعيان للتحرك في الساعات القليلة المقبلة صوب ميناء الحديدة الذي يعتمد عليه الحوثيون في التزود بالموارد الرئيسية والأسلحة المهربة من إيران.
وشرع سكان الحديدة مع الساعات الأولى من صباح أمس، في توزيع منشورات على الأحياء تدعو المواطنين للتكاتف وتوحيد الصفوف تمهيداً لمواجهة الميليشيات التي درجت على الانتهاكات وقتل المدنيين، إضافة إلى كتابة عبارات على جدران المنازل تقول: «لا حوثي بعد اليوم» و«يسقط يسقط حكم الحوثي».
ويعول الجيش الوطني على قيام هذه الثورة في إرباك الميليشيات داخل الحديدة مع تقدمه المتسارع في المديريات القريبة منها، خصوصاً أن الحديدة التي تبعد عن العاصمة اليمنية صنعاء قرابة 226 كيلومتراً، تشكل قوة بشرية لتعدادها الذي يفوق 2.1 مليون نسمة، وتعتمد الميليشيات الحوثية عليها من جانبين رئيسيين؛ أبرزهما موقعها الجغرافي المطل على البحر الأحمر ويسمح لها باستقبال السفن التجارية، وما تنتجه المدينة ومديرياتها من محاصيل زراعية، إذ تحتل المركز الأول بين محافظات اليمن في إنتاج الخضراوات والفواكه والأعلاف، فضلاً عن الصيد السمكي.
وقال عبد الله منصر شيخ قبيلة الزرانيق في إقليم تهامة لـ«الشرق الأوسط»، إن الترتيبات تجري على الأرض للقيام بثورة شعبية عارمة في محافظة الحديدة، ضد وجود الميليشيات الحوثية في المدينة، موضحاً أن الأيام القليلة المقبلة ستسجل هذا الحراك الوطني للمدنيين الرافضين لوجود الحوثيين في مدينتهم بأي شكل كان.
وأضاف أن جميع قبائل تهامة تدعم هذه الثورة، مشدداً على أن جميع أطياف المجتمع في تهامة سيشاركون في هذه الثورة بقوة وعزم، ولن يكون هناك تراخٍ، لافتاً إلى أن تنسيقاً وتواصلاً يجري مع القيادة الشرعية والجيش الوطني لموعد إطلاق الثورة التي تهدف إلى تحرير المدينة ومديرياتها.
وستعتمد الثورة، وفقاً لمنصر، على محاور عدة في مقدمتها أبناء المدينة الذين لاقوا جميع أصناف التعذيب والتنكيل، وجميع الوسائل المتاحة أمام المواطنين التي تمكنهم من الاستمرار وعدم التراجع حتى طرد آخر حوثي من المدينة ومن يعاونهم في نهب وقتل المدنيين.
ولفت إلى أن الجيش الوطني الذي يزحف إلى الحديدة يشارك فيه أبناء القبائل في تهامة، إضافة إلى مشاركة الشعب داخل الإقليم، الذي بدأ يشعر بقوة رغم المعاناة التي يمر بها من سطوة الميليشيات على المدينة، مشدداً على أن الوقت لم يتأخر في طرد وتحرير المدينة من قبضة الميليشيات، وإن كانت الأمور معقدة مع انتشار الحوثيين في المدينة، لكن هذا لا يثني المواطنين عن القيام بثورتهم.
إلى ذلك، أكد الناشط الحقوقي في الحديدة عبد الحفيظ الحطامي، أن المحافظة ومديرياتها تشهد خطوات متسارعة للقيام بثورة رغم القمع والقبضة الأمنية من الحوثيين، مشيراً إلى أن الثورة بدأت صباح أمس بكسر أبناء الحديدة خوفهم، ليستيقظ الحوثيون على شعارات وعبارات تطالب برحيل الحوثيين ومغادرتهم الحديدة، وإلا فإن مصيرهم سيكون أسود.
وأضاف أن الميليشيات تعيش حالة من الخوف والرعب، ويتبادل الحوثيون وأتباعهم الاتهامات بالخيانة، مع رفع قوة المواجهة للمدنيين في المدينة الذين بدأوا يرفضون سحب أبنائهم إلى الجبهات والقتال في صفوف الميليشيات، وهو ما يؤشر إلى حالة التململ التي يعيشها سكان المدينة بعد رحلة طويلة من العذاب على يد الميليشيات والقتل والاختطاف وهدم منازل المعارضين.
وأشار الحطامي إلى أن اقتراب الجيش وزحفه باتجاه مدينة الحديدة عبر المديريات الجنوبية (الخوخة، وحيس، والجراحي، وزبيد، والتحيتا)، شجع سكان المدينة على القيام بثورة، إذ يستعدون لذلك بتنسيق سري بين القيادات البارزة، خصوصاً أن الجميع متحد لإنجاز الخطوة الأولى من الثورة والتحرير معاً وطرد ميليشيات الحوثي الانقلابية. وتطرق إلى أن أبناء الحديدة ومشايخها وأحزابها وتكويناتها المجتمعية يعيشون لحظة توحيد وتوافق لإيقاف هذه الميليشيات من ممارسة العبث وإشعال الحروب والموت والتدمير الذي مارسته خلال السنوات الثلاث الماضية لصالح المشروع الإيراني بأي شكل كان، في ظل الوعي لإزالة مخلفات الماضي وكهنوت الإمامة وميليشيات القتل والإرهاب الغريبة عن المجتمع التهامي.
وبيّن أن هناك تصدعاً في جبهة الحوثيين، وذلك مع تقدم الجيش الوطني، خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتنفيذ المقاومة الشعبية 4 عمليات استنزافية استهدفت عناصر وأطقم وسيارات ميليشيات الحوثي كانت متجهة لتعزيز صفوفها في جبهة الساحل وسقط في هذه الهجمات 6 عناصر مسلحة وأصيب 11 آخرون.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».