ألمانيا تتهم الصين باستخدام حسابات تواصل اجتماعي للتجسس

أستراليا تحذرها من التدخل في العملية السياسية

TT

ألمانيا تتهم الصين باستخدام حسابات تواصل اجتماعي للتجسس

توصلت أجهزة الاستخبارات الألمانية بعد تسعة أشهر من البحث أن أكثر من عشرة آلاف مواطن ألماني تلقوا اتصالات عبر موقع «لينكد إن» للتواصل المهني من صفحات وهمية تتخفى في شكل صفحات بحث عن خبرات ومستشارين وباحثين وأكاديميين. واكتشف فريق مشروع تابع للاستخبارات الداخلية تفاصيل مثيرة للقلق عند إجراء تحقيق بشأن أنشطة التجسس الصينية عبر مواقع التوصل الاجتماعي خلال الفترة بين شهري يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول) 2017. وكانت هيئة حماية الدستور الألمانية (الاستخبارات الداخلية في ألمانيا) حذرت من قبل من محاولة الاستخبارات الصينية اختراق برلمانات ووزارات وهيئات عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
واتخذ جهاز المخابرات الداخلية خطوة غير معتادة بإعلان أسماء صفحات أفراد ومنظمات يقول إنها وهمية، وذلك لتحذير شخصيات سياسية من مخاطر تسريب معلومات شخصية مهمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في بكين نفى أمس الاثنين الاتهامات، كما جاء في تقرير وكالة رويترز، وقال إن هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة. وأضاف: «نأمل أن تتحدث وتتصرف المؤسسات الألمانية المعنية، لا سيما الإدارات الحكومية، بطريقة تنم عن المسؤولية بشكل أكبر وألا تفعل ما لا يفيد تطور العلاقات الثنائية».
وقال الجهاز الألماني «أجهزة المخابرات الصينية تنشط على مواقع إلكترونية مثل (لينكد إن) وتحاول منذ فترة استقاء معلومات وإيجاد مصادر مخابرات بهذه الطريقة» بما في ذلك السعي وراء معلومات عن عادات وهوايات واهتمامات الساسة.
ويعكس التحذير الألماني تنامي القلق في أجهزة المخابرات الأوروبية والغربية من أنشطة صينية سرية في بلادها ويأتي في أعقاب تحذير من وكالة المخابرات المركزية الأميركية من محاولات أجهزة أمنية صينية تجنيد مواطنين أميركيين للعمل لحسابها.
ونشر جهاز المخابرات تفاصيل حسابات تواصل اجتماعي يقول إنها واجهات فتحتها المخابرات الصينية لجمع معلومات شخصية عن مسؤولين وساسة ألمان. وأضافت: «قد تكون هناك أعداد كبيرة من الأفراد المستهدفين والصفحات الوهمية التي لم تحدد بعد». وتشمل الحسابات الوهمية التي نُشرت تفاصيلها حسابا باسم «ريتشل لي»، كما جاء في تقرير رويترز، التي تعرف نفسها بأنها مسؤولة توظيف في موقع «رايز إتش.آر» و«أليكس لي» وهو مدير مشروعات في مركز لدراسات التنمية الصينية الأوروبية. والكثير من صور الحسابات لشبان وشابات يتسمون بالأناقة والجاذبية. وقال أحد المسؤولين إن صورة حساب «ليتشيا تشين» المديرة في المركز الصيني للسياسة والاقتصاد الدوليين مأخوذة من كتيب مصور للموضة منشور على الإنترنت. وأظهرت مراجعة رويترز لهذه الصفحات أن بعضها على صلة مع دبلوماسيين وساسة بارزين من عدة دول أوروبية. لكن ليست هناك طريقة لمعرفة ما إذا كانت اتصالات أخرى جرت باستثناء الإضافة على موقع التواصل.
ومن جانب آخر وفي تصعيد لحرب كلامية بين الجانبين، قالت صحيفة «الشعب» الرسمية الصينية أمس الاثنين إن تقارير الإعلام الأسترالي عن تدخل صيني في أستراليا تتسم بالعنصرية وجنون الارتياب.
وكان رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تورنبول قال الأسبوع الماضي إنه يتعامل بجدية بالغة مع تقارير تقول إن الحزب الشيوعي الصيني يسعى للتدخل في بلده. وأضاف تورنبول أن قوى أجنبية تقوم «بمحاولات غير مسبوقة ومتزايدة التعقيد للتأثير على العملية السياسية» في أستراليا والعالم. وأشار إلى تقارير مثيرة للقلق بشأن التأثير الصيني، كما جاء في تقرير رويترز.
واحتجت الحكومة الصينية بالفعل على هذه التصريحات وكثفت صحيفة الشعب اليومية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم هجومها أمس الاثنين. وقالت الصحيفة في تعليق إن التقارير الواردة في الإعلام الأسترالي مفعمة بالخيال وتشن هجمات لا أساس لها من الصحة على الحكومة الصينية وتشوه سمعة الصينيين المقيمين في أستراليا من الطلبة وغيرهم.
وطفت القوة الناعمة للصين على السطح مجددا في الأسبوع الماضي عندما خفضت الحكومة الأسترالية الدرجة الوظيفية لسياسي من أعضاء حزب العمال المعارض في الحكومة الأسترالية بعد أن حذر رجل أعمال صينيا معروفا ينتمي أيضا لعضوية الحزب الشيوعي الصيني من تعرض هاتفه للتجسس من جانب المخابرات.
وفي يونيو (حزيران) تحدثت فيرفاكس ميديا وهيئة الإذاعة الأسترالية عن حملة صينية منسقة «لاختراق» مضمار السياسة الأسترالي للترويج للمصالح الصينية. وتعهد تورنبول بحظر التبرعات السياسية الأجنبية للتصدي للتأثير الخارجي في السياسة المحلية.


مقالات ذات صلة

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

الولايات المتحدة​ علما الولايات المتحدة الأميركية والصين (أرشيفية - أ.ب)

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

قال مسؤول أميركي كبير للصحافيين، إن «كمية كبيرة» من البيانات الوصفية للأميركيين سُرقت في حملة تجسس إلكتروني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا سكان يقفون بجوار منزلهم المتضرر بسبب ضربة صاروخية وسط هجوم روسي على مشارف أوديسا بأوكرانيا 28 نوفمبر 2024 (رويترز)

الحكم على امرأة بالسجن 15 عاماً في أوكرانيا لمساعدتها الجيش الروسي

حكم القضاء الأوكراني، اليوم الخميس، على امرأة من منطقة دونيتسك، الواقعة في شرق البلاد، بالسجن 15 عاماً بسبب تمريرها معلومات عسكرية حسّاسة لروسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية كلمة «بيغاسوس» تظهر على هاتف ذكي موضوع على لوحة مفاتيح في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 4 مايو 2022 (رويترز)

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

ألغت محكمة تايلاندية دعوى قضائية رفعها ناشط مؤيد للديمقراطية قال فيها إن برنامج التجسس الذي أنتجته شركة تكنولوجيا إسرائيلية تم استخدامه لاختراق هاتفه.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا أحد عناصر جهاز الأمن الأوكراني (قناة المخابرات الأوكرانية عبر «تلغرام»)

أوكرانيا توقف ضابطا كبيرا بتهمة التجسس لصالح روسيا

أعلنت أوكرانيا، الجمعة، توقيف ضابط يقود وحدة قوات خاصة في البلاد بتهمة نقل معلومات إلى روسيا حول عمليات عسكرية سرية تنفذها كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي يشدد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».