مواجهات بين متظاهرين والأمن قرب السفارة الأميركية في بيروت

خلال مظاهرة تضامناً مع القدس

متظاهرون قرب السفارة الأميركية في بيروت أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون قرب السفارة الأميركية في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

مواجهات بين متظاهرين والأمن قرب السفارة الأميركية في بيروت

متظاهرون قرب السفارة الأميركية في بيروت أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون قرب السفارة الأميركية في بيروت أمس (إ.ب.أ)

أنهت القوى الأمنية اللبنانية مظاهرة في محيط السفارة الأميركية في بيروت احتجاجاً على قرار الرئيس دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، عمد خلالها متظاهرون إلى رشق القوى الأمنية اللبنانية بالحجارة بعد منعهم من اختراق الحاجر الأمني للوصول إلى السفارة، وأوقفت عشرة أشخاص، لبنانيين وفلسطينيين.
وبدأت المظاهرة بمواجهات، حيث منعت عناصر مكافحة الشغب اقتراب المتظاهرين من السياج الشائك الذي يفصلهم عن السفارة، مستخدمة القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي، قبل أن تهدأ المواجهات ليتسنى لمنظمي المظاهرة، وهم فصائل فلسطينية وأحزاب يسارية لبنانية، إلقاء كلماتهم.
وفي الختام، تجددت المواجهات، ما دفع القوى الأمنية لفض المظاهرة بالقوة، ودفع المحتجين إلى الخلف، وأوقفت 10 شبان، هم 6 فلسطينيين و4 لبنانيين شاركوا في رمي القوى الأمنية بالحجارة.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بعد ظهر أمس، بخلو ساحة عوكر، نقطة التجمع في شمال شرقي بيروت، من المتظاهرين «الذين حاولوا اختراق الحاجز الأمني، ولكن القوى الأمنية تصدت لهم وأبعدتهم ولاحقتهم وأجبرتهم على التراجع».
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود «يشرف شخصياً على التحقيقات مع الموقوفين على ذمة التحقيق»، قائلاً إن التحقيقات «حتى الآن، أثبتت أن لا خلفية سياسية لحالة الشغب، بل ناتجة من انفعالات لدى المتظاهرين». وأشار إلى أن «ما أقدم عليه المتظاهرون من اعتداء على عناصر قوى الأمن، يقع تحت طائلة الملاحقة الجزائية». ولفت إلى أن التحقيق «يدور حول الاعتداء على قوى الأمن واستخدام العنف والشدة بحقهم ورشقهم بالحجارة أثناء أدائهم الوظيفي».
ونفذت الأحزاب والقوى والمنظمات الشبابية اليسارية والفصائل الفلسطينية، اعتصاماً في محيط السفارة الأميركية في عوكر تحت شعار «شدوا الرحال إلى فلسطين»، ورفعوا الأعلام الفلسطينية واللافتات، مطلقين الهتافات المنددة بقرار الرئيس الأميركي بشأن القدس. وأحرق عدد منهم مجسماً للرئيس الأميركي على وقع أغانٍ وطنية.
ووصلت بعض الجماعات الشبابية وبدأت ترشق القوى الأمنية بالزجاج والحجارة، محاولين اجتياز الشريط الشائك، ما دفع القوى الأمنية إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
وشهدت ساحة عوكر حالة كر وفر بين المتظاهرين والقوى الأمنية على الرغم من إصرار القائمين على المظاهرة على إبقائها سلمية، إلا أن المتظاهرين تقدموا بين الحين والآخر في اتجاه الباب الحديدي والأسلاك الشائكة التي قُطِعَ بها الطريق في اتجاه السفارة الأميركية، ورشقوا القوى الأمنية بالزجاجات الفارغة والحجارة وأشعلوا النار بمستوعبات النفايات، لتعود القوى الأمنية وتطلق القنابل المسيلة للدموع، وكذلك فتحت سيارات الدفاع المدني خراطيم المياه في اتجاه المتظاهرين لتفريقهم.
وقبل أن يغادر المتظاهرون بعد الظهر، اندلعت المواجهات مجدداً، ورشق عدد من الشبان القوى الأمنية بالحجارة فاعتقلت عدداً منهم. وأسفرت المواجهات عن تعرض بعض المظاهرين لحالات اختناق نتيجة للقنابل المسيلة للدموع، إذ أعلن الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة في بيان عن معالجة 42 حالة على الأرض، ونقلت 6 حالات إلى مستشفيات المنطقة.
وندد مسؤولون لبنانيون بأعمال الشغب، إذ غرد أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان عبر حسابه الخاص على موقع «تويتر»، قائلا: «عوكر ليست غزة، والقوى الأمنية اللبنانية ليست إسرائيلية، وممتلكات المواطنين الخاصة والعامة ليست مباحة للاعتداء عليها؛ فالتضامن والتظاهر لدعم القدس لا يعنيان استباحة القوانين اللبنانية».
بدوره، رأى النائب سامي الجميل عبر «تويتر»، أمس أن «السماح بتحويل منطقة عوكر إلى ساحة لبعض المشاغبين للتعدي على الجيش اللبناني وعلى هذه المنطقة المسالمة الآمنة وأهلها ومحالها عار على هذه السلطة التي لا تستقوي إلا على من يدافع عن لبنان». ويقيم «حزب الله» اللبناني اليوم مظاهرة كبيرة في الضاحية الجنوبية لبيروت، دعا إليها أمينه العام حسن نصر الله يوم الخميس الماضي، تنديداً بالقرار الأميركي.
وقال نصر الله: «أدعو الجميع، الرجال والنساء والصغار والكبار وأهلنا في الضاحية وفي بيروت وفي المحيط، لكن من يرغب أن يأتي في أي مكان في لبنان، وأيضاً أهلنا في المخيمات الفلسطينية إلى الحضور إلى هذه المظاهرة تحت عنوان الدفاع عن القدس والدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.