هدنة برعاية دولية لوقف معارك الجيش اليمني والحوثيين

تسمح بنشر مراقبين وفتح طريق عمران ـ صنعاء

هدنة برعاية دولية لوقف معارك الجيش اليمني والحوثيين
TT

هدنة برعاية دولية لوقف معارك الجيش اليمني والحوثيين

هدنة برعاية دولية لوقف معارك الجيش اليمني والحوثيين

أعلن في العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، عن توقف المعارك بين قوات الجيش، وجماعة الحوثيين، المتمردة، في محافظة عمران شمال البلاد، بعد التوصل إلى اتفاق هدنة، تحت رعاية دولية، وإشراف لجنة رئاسية جديدة، شكلها الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ونشرت وكالة الأنباء الحكومية، بنود الاتفاق، الذي حظي بترحيب من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لليمن جمال بنعمر، ويتضمن وقفا فوريا لإطلاق النار، بدأ سريانه ظهر أمس، في جميع نقاط التوتر والاشتباكات في محافظة عمران، ووقف الحشود والتعزيزات والاستحداثات من قبل كل الأطراف، ونشر مراقبين عسكريين محايدين للإشراف على وقف إطلاق النار، والتأكد من التزام كافة الأطراف بالتنفيذ، وانسحاب الحوثيين من السجن المركزي ونقطة سحب وتسلم الشرطة العسكرية لها، وفتح طريق «عمران - صنعاء»، وتتولى الشرطة العسكرية مسؤولية تأمينه. وشكل الرئيس هادي لجنة رئاسية جديدة، لتنفيذ بنود هذا الاتفاق، يرأسها وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر أحمد، وتضم 11 شخصا، من القيادات العسكرية، وممثلين عن الحوثيين، وشخصيات قبلية.
وأكد المبعوث الأممي جمال بنعمر، في بيان صحافي نشره مكتبه، أهمية التزام الأطراف كافة على بنود هذا الاتفاق من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة. وقال بنعمر بأنه قام بمشاورات مكثفة مع قيادات أمنية وسياسية وممثلين عن أنصار الله، وهي التسمية التي تطلق على الحوثيين، من أجل نزع فتيل التوتر. وأبدى عضو مؤتمر الحوار عصام القيسي، مخاوف تجاه جدية تنفيذ هذا الاتفاق، وعبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن خشيته أن يلقى الاتفاق مصير الاتفاقات السابقة، وقال: «الخوف أن تكون اتفاقات الهدنة هي حصان طروادة، يجري من خلالها تسليم المدن لجماعة خارجة عن القانون»، مضيفا: «هناك غموض حقيقي في موقف رئيس الدولة ووزير الدفاع، من موضوع سيادة الدولة وهيبتها». موضحا أن البلاد «تحتاج إلى منطق تفادي الحرب، من خلال إظهار قوة الدولة، عبر إجراءات ذكية ومدروسة، وخطاب إعلامي محكم».
وخاض الجيش والحوثيون، معارك عنيفة، في محافظة عمران، 50 كلم، شمال صنعاء، واستمرت 15 يوما، سقط خلالها أكثر من 400 قتيل، معظمهم من الحوثيين، وعشرات الجرحى، بحسب إحصائيات أولية. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، بأن الهدوء خيم على مناطق المواجهات، مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة في بلدة عيال سريح، والجنات، والجميمية، والمرحة، والضبر، بعد ليلة دامية، شهدتها هذه المناطق. ونفذ الحوثيون ليلة أول من أمس، أضخم هجوم على مواقع يسيطر عليها اللواء 310. الذي يقوده اللواء حميد القشيبي المقرب من الجنرال علي محسن الأحمر.
وذكرت مصادر طبية أن الحوثيين شنوا هجوما واسعا، على المداخل الجنوبية، لمدينة عمران، بعيد خطاب متلفز لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بثه تلفزيون «المسيرة»، وتمكن الجيش من صد هذا الهجوم، الذي استخدم فيه دبابات ومدافع، وأسلحة متوسطة، وأكدت المصادر، سقوط عشرات القتلى والجرحى، في صفوف الحوثيين، وشاهد سكان محليون، عشرات الجثث على متن سيارات خاصة بالحوثيين، وأفادت بسقوط 14 قتيلا، وجرح 40 آخرين، في صفوف الجيش استقبلهم مستشفى عمران الحكومي، ليلة الثلاثاء، بينهم امرأة وطفل، في المواجهات التي اندلعت في قرية بنى ميمون، ببلدة عيال سريح، جنوب مدينة عمران.
وقال راجح لـ«الشرق الأوسط» بأن الأوضاع مأساوية، بعد أن تحولت القرية إلى ميدان للمواجهات العنيفة خلال الأيام الماضية. موضحا أن أكثر من 600 شخص أغلبهم من الأطفال والنساء نزحوا من القرية، التي يقطنها نحو 3000 نسمة، مطالبا الدولة بالقيام بواجبها في حماية السكان، وإبعاد جميع الأطراف عن استخدام المناطق الآهلة بالسكان من أي مواجهات مسلحة.
من جهة ثانية زار وفد يمني أمس مجلس الشيوخ الفرنسي لطلب دعم فرنسا في حين يواجه اليمن حربا مع تنظيم القاعدة في الجنوب وحركة تمرد شيعية في الشمال. وأعلن رئيس الوفد راجح بادي مستشار رئيس الوزراء اليمني والمتحدث باسم الحكومة «لدينا شعور أن الوضع يتعقد ونحن بحاجة إلى التضامن الدولي.. وإلا فإن كل مكتسبات الربيع العربي ستذهب هدرا وإذا انهارت الدولة فإن الثمن سيكون باهظا علينا جميعا». وقال أيضا «نشن حربا دون هوادة ضد تنظيم القاعدة في جنوب البلاد. ولدينا في الشمال جبهة أخرى ضد الحوثيين الشيعة الذين تدعمهم إيران». وقالت رئيسة مجموعة الصداقة الفرنسية اليمنية عضو مجلس الشيوخ الوسطية ناتالي غوليه بأن «اليمن بحاجة إلى الوكالة الفرنسية للتنمية والمساعدة التقنية معا، وأن تتدخل فرنسا أيضا لدى كبرى الدول المانحة ولا سيما دول الخليج لكي تفي بوعودها».
وفي 2013. وعد مؤتمر الجهات المانحة بتقديم 7.9 مليار دولار على مدى عامين. ولم يحصل اليمن حتى اليوم إلا على ملياري دولار فقط، كما قالت غوليه. واغتنم تنظيم القاعدة ضعف السلطة المركزية في 2011 في اليمن مع اندلاع حركة الاحتجاج الشعبية ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح لتعزيز مواقعه في البلاد. وشن الجيش في نهاية أبريل (نيسان) هجوما في محاولة لطرد مقاتلي تنظيم القاعدة من معاقلهم في محافظتي أبين وشبوة الجنوبيتين. ويشتبه في سعي الحوثيين حيث يسيطرون على محافظة صعدة، إلى توسيع منطقة نفوذهم في الدولة الفيدرالية اليمنية المقبلة التي ستتألف من ست محافظات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.