اجتماع {دعم لبنان} في باريس اليوم يكرس {النأي بالنفس}

مصدر دبلوماسي: الملف «موضوع رئاسي» بالنسبة لفرنسا

اجتماع {دعم لبنان} في باريس اليوم يكرس {النأي بالنفس}
TT

اجتماع {دعم لبنان} في باريس اليوم يكرس {النأي بالنفس}

اجتماع {دعم لبنان} في باريس اليوم يكرس {النأي بالنفس}

مرة أخرى، تأخذ فرنسا المبادرة لمد يد العون للبنان، من خلال تنظيم اجتماع «مجموعة الدعم» قبل ظهر اليوم. وبما أن ملف لبنان «موضوع رئاسي» بالنسبة لفرنسا، وفق ما أكدته أمس مصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة المستوى، فإن الرئيس إيمانويل ماكرون هو من سيفتتحه بكلمة أمام الحاضرين المجتمعين في مقر وزارة الخارجية. أما الغرض، كما شرحته هذه المصادر، فهو متعدد، وأول وجوهه «توجيه رسالة سياسية، مفادها إظهار وحدة الأسرة الدولية في دعمها ومساندتها للبنان»، وتتمثل بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، فضلاً عن ألمانيا وإيطاليا ومصر (بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن). وأضافت باريس إلى لائحة المدعوين البنك الدولي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وممثل الأمين العام للمنظمة الدولية في لبنان.
وتريد باريس، التي تتشارك إدارة المؤتمر بحضور رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، التشديد من جهة على «دعم استقرار لبنان وأمنه وسيادته»، وإبراز أن لهذا الغرض «معنى سياسياً عميقاً» بالنسبة للبنان، في ظل الأوضاع الخطرة في المنطقة. وترى باريس أن خفض التوتر فيها «يجب أن يتركز على لبنان»، من خلال «عملية مزدوجة» بالنأي بلبنان في الداخل والخارج. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء أعاد التأكيد على مبدأ النأي، الأمر الذي دفع الحريري إلى سحب استقالته.
بيد أن باريس تريد توسيع المفهوم، بحيث يعني في الوقت عينه نأي الأطراف اللبنانية، وتحديداً «حزب الله»، عن التدخل في صراعات وحروب المنطقة، وهو السبب الذي دفع الحريري لتقديم استقالته. ومن ناحية أخرى، تريد باريس أن يطبق المبدأ على نأي الدول الإقليمية والخارجية المؤثرة على الوضع في لبنان عن التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، مع التشديد على حاجة اللبنانيين للتفاهم وتحصين بلادهم.
وتضيف المصادر الفرنسية أن مبدأ النأي بالنفس الذي أقر في قصر بعبدا عام 2013 «مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى، وأن يكون مفهوماً أنه لا استقرار في لبنان من دون العمل به، وهو ينطبق على الجميع، خصوصاً على (حزب الله)».
وتلخص المصادر موقف باريس كالتالي: «ما نريده هو حماية لبنان من نفسه ومن النزاعات الخارجية، خصوصاً أن هناك توازنات في المنطقة قد نسفت، وخطوط حمراء رسمت بقوة»، ما يعني وجود تهديدات إضافية تجب حماية لبنان منها.
بيد أن للاجتماع كذلك أغراضاً أخرى، لعل أهمها - بحسب باريس - توفير الدعم للحريري، «وتوفير الوسائل التي تمكنه من المحافظة على أمن واستقرار لبنان». وتؤكد المصادر الفرنسية أن باريس «لعبت دوراً حاسماً»، ليبقى على رأس الحكومة. ولن يتوقف عمل فرنسا عند مجموعة الدعم الدولية، بل إنها تخطط لمؤتمر دعم الاستثمار في لبنان الذي ترفض تسميته «باريس 4»، لأنه مختلف في الشكل والأهداف.
بيد أن هذا المؤتمر لن يعقد قبل أن تتم الانتخابات اللبنانية، المقررة في مايو (أيار) المقبل، وقبل أن تعد الحكومة المنبثقة عنها خطة اقتصادية متماسكة، تبدأ بالعمل على تنفيذها، وتكون مطمئنة للمؤسسات الدولية وللمانحين. فضلاً عن ذلك، تعمل فرنسا على أفكار لجهة كيفية توفير الدعم للبنان في موضوع اللاجئين السوريين الذين يطأون بثقلهم على الاقتصاد اللبناني، وهي تعمل مع إيطاليا في التحضير لمؤتمر سيعقد في روما لدعم الجيش والقوى الشرعية اللبنانية.
ومن هذا المنظور، فإن الدعم السياسي سيترافق مع الدعوة لدعم المؤسسات اللبنانية، وأولها الجيش، وإعادة التأكيد على دعم قوة اليونيفيل، وكذلك العمل على مساندة لبنان في ملف اللاجئين. وفي هذا الخصوص، فإن باريس ستحث على أن يركز مؤتمر «بروكسل 2» للاجئين على لبنان، بعد أن ركز مؤتمر لندن على مساعدة الأردن.
وتعترف المصادر الفرنسية بأنه «لا ضمانات حقيقية» لأن تعمد الأطراف اللبنانية والخارجية للعمل بمبدأ النأي، وهي ترى أن ميزان القوى اليوم يميل لصالح «حزب الله»، لكنها في الوقت عينه تشدد على أهمية قدرتها على التحدث إلى كل الأطراف في لبنان وخارجه، وعلى التزام الأطراف بمبدأ النأي الذي تعتبر أن «الجميع يحتاجون إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى».
وفي أي حال، فإن الستارة لن تسدل على الملف اللبناني بعد انتهاء اجتماع اليوم، بل إن المصادر الفرنسية تؤكد أن باريس «ستبقى متيقظة» لمتابعة العمل بمبدأ النأي، وأنها مستمرة في وضع الملف اللبناني في كل اتصالاتها مع الأطراف المؤثرة، بمن فيها إيران.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».