ضغط حوثي على القبائل لكتابة «بيانات ولاء»... ومقتل العميد طارق صالح

بن دغر: الميليشيات تتحمل مسؤولية «المؤتمريين الأسرى»

مقاتلون من ميليشيات الحوثي في صنعاء أمس (رويترز)
مقاتلون من ميليشيات الحوثي في صنعاء أمس (رويترز)
TT

ضغط حوثي على القبائل لكتابة «بيانات ولاء»... ومقتل العميد طارق صالح

مقاتلون من ميليشيات الحوثي في صنعاء أمس (رويترز)
مقاتلون من ميليشيات الحوثي في صنعاء أمس (رويترز)

كشف عدد من مشايخ القبائل الموالين لحزب المؤتمر الشعبي من قبائل طوق صنعاء والمحافظات المجاورة، عن تلقيهم أوامر من الحوثيين بتحديد موقف مكتوب يؤيد الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، ويبارك عملية التخلص من صالح والقيادات الموالية له بوصفهم «خارجين عن الصف الوطني»، أو مواجهة مصير صالح.
وأعلنت مصادر متطابقة في «المؤتمر الشعبي» مقتل العميد طارق صالح، قائد حراسة الرئيس السابق، وإصابة أخيه محمد، وأكدت مقتل عارف الزوكا الرجل الثاني في حزب صالح، ووقوع نجل صالح الأصغر مدين أسيراً لدى الميليشيات، بينما لا يزال مصير نجله الآخر مجهولاً في ظل أنباء عن وقوعه في قبضة الميليشيات.
وفي ظل حالة الغموض وعملية التكتيم التي مارستها الميليشيا حول مصير عدد من القيادات العسكرية والحزبية المحيطة بصالح لحظة مقتله؛ علمت «الشرق الأوسط» من مصادر قريبة من عائلة صالح أن العميد طارق صالح قُتل في أثناء المواجهات وهو يدافع عن منزل عمه، وأن الميليشيات ما زالت تتحفظ على جثته في مكان مجهول.
في غضون ذلك كشفت مصادر في حزب المؤتمر الشعبي أن ميليشيا الحوثيين ما زالت تحتفظ بجثة صالح في أحد المستشفيات الواقعة تحت حمايتها، وأنها رفضت تسليم الجثة لأقاربه وقبيلته وقيادات في حزبه مشترطةً عدم إجراء أي جنازة شعبية أو رسمية أو القيام بدفنه في المكان الذي كان صالح قد اختاره قبراً له بجوار «مسجد الصالح» في منطقة السبعين.
وقالت المصادر إن ميليشيات الحوثيين تهدف بهذه الشروط التي عرضتها على القيادي في الحزب ورئيس البرلمان يحيى الراعي، إلى قتل معنويات أنصار الرئيس السابق ومحاولة تصويره في هيئة الخائن الذي حاول الانقلاب على الشراكة في سلطة الأمر الواقع بصنعاء.
وتدور في أوساط المؤتمريين خشيةٌ من إعدام جماعي للعشرات من حراسات صالح الذين قاموا بتسليم أنفسهم عقب انتهاء المواجهات، وأبدى أعضاء مخاوفهم من أن تلجأ الجماعة إلى إخفاء جثة الرئيس السابق بدفنها في مكان غير معروف للقضاء على «الرمزية» التي سوف يشكّلها المكان الذي يحتوي جثمانه لدى أنصاره.
وتداولت أوساط يمنية رواية مخالفة للرواية الشائعة عن كيفية مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح على يد ميليشيات جماعة الحوثي، إذ ذكرت أنه قُتل وتم التمثيل بجثته مع آخرين من أقاربه وقيادات حزبه في منزله المعروف بقصر «الثنية» في شارع حدة، بعد تمكن عناصر الميليشيات من اقتحام المنزل، وتعرضه لخيانات عسكرية قبلية من قبائل طوق صنعاء.
وتتحدث مصادر في حزب المؤتمر وعناصر من حراسة صالح نجت من الاشتباكات، عن مقتل صالح عشية الإعلان، داخل منزله المعروف بقصر «الثنية» في شارع حدة بعد تعرضه لخيانات وسطاء قبليين دلّوا على مكانه، قبل أن توجه الميليشيات عناصرها لاقتحام المنزل باستخدام الدبابات والقناصة والقذائف الصاروخية.
وأضافت مصادر أن صالح رفض مغادرة المنزل، وأمر حراس النسق الثاني من حمايته بالاستسلام والانسحاب بعد إحساسه بالخذلان من قبل القيادات العسكرية والقبلية الموالية له، مفضلاً أن يموت في مواجهة المهاجمين بسلاحه الشخصي مع رفيقه عارف الزوكا، مشيرةً إلى أنه أُصيب برصاصة قناص قبل أن يحتجزه الحوثيون ويقومون بإعدامه والتمثيل بجثته.
واتهمت المصادر جماعة الحوثي بنقل جثة صالح مع عدد من سياراته إلى خارج العاصمة لتصوير الجثة فقط واختلاق قصة كاذبة عن كيفية مقتله في أثناء محاولة هروبه، إمعاناً منها في التقليل من شأنه أمام مناصريه ومحاولة إلصاق تهمة الخيانة بأنصاره عبر محاولة الهروب.
وفي ظل حال الغموض وعملية التكتيم التي مارستها الميليشيا حول مصير عدد من القيادات العسكرية والحزبية المحيطة بصالح لحظة مقتله؛ علمت «الشرق الأوسط» من مصادر قريبة من عائلة صالح أن العميد طارق صالح قُتل في أثناء المواجهات وهو يدافع عن منزل عمه، وأن الميليشيات ما زالت تتحفظ على جثته في مكان مجهول.
وأضافت المصادر أن العقيد محمد عبد الله صالح، شقيق طارق، أصيب إصابة بالغة ونُقل إلى المستشفى بمعية أحد مرافقيه قبل أن يقوم أحد قادة الميليشيات ويدعى أبو عيسى باختطافه إلى مكان مجهول، في ظل مخاوف من القيام بتصفيته مع مرافقه الرائد أحمد الرحبي.
ورجحت المصادر أن الجماعة قامت بأسر مدين علي عبد الله صالح، النجل الأصغر للرئيس السابق، في حين ما زال مصير شقيقه الآخر صلاح مجهولاً مع اللواء محمد عبد الله القوسي وآخرين كانوا موجودين رفقة صالح، باستثناء أمين عام حزب المؤتمر عارف الزوكا الذي تأكد نبأ مقتله إلى جانب صالح، كما تأكد خبر نجاة الشيخ طارق العواضي، أحد القادة البارزين في الحزب.
إلى ذلك أكدت مصادر في الطب الشرعي اطلعت على صور صالح والمقطع المصور الذي بثه الحوثيون، أن حال الجثة وملابساتها والإصابات الموجودة بها تؤكد أن صاحبها قُتل قبل الوقت الذي زعمه الحوثيون بساعات، وأنها تعرضت للنقل أكثر من مرة وإخفاء آثار الدماء قبل ظهورها على تلك الهيئة.
إلى ذلك، حمّل الدكتور أحمد عبيد بن دغر، رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أمس (الثلاثاء)، الحوثيين المسؤولية عن حياة المعتقلين من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام. وقال بن دغر، في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «نحمّل الميليشيات الحوثية المسؤولية عن حياة المعتقلين من أعضاء المؤتمر الشعبي العام، ونطالب جامعة الدول العربية ومجلس الأمن بالتدخل لوقف الاعتقالات والإفراج عن المعتقلين». كما طالب بن دغر، المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بإدانة الاعتقالات، وما يرافقها من إهانات وتعذيب يتعرض لها المعتقلون من أعضاء «المؤتمر» في سجون الحوثيين.
ونشر الإعلام الأمني الخاص بالحوثيين في وقت سابق مقاطع فيديو تُظهر عشرات المعتقلين الذين وصفهم بـ«الانقلابيين» من الجنود الموالين للرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.