مساع لتحصين القطاع النفطي بعد اتهامات بفساد ومحاصصة

دعوات إلى «وزارة بترول»... وتحذير من استخدام العائدات في سد الدين العام

TT

مساع لتحصين القطاع النفطي بعد اتهامات بفساد ومحاصصة

تتجه الأنظار بعد عودة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري عن استقالته، إلى الأولويات التي سينصرف مجلس الوزراء لمعالجتها قبل أشهر معدودة من موعد الانتخابات النيابية المقبلة. فإلى جانب الانكباب المرتقب استعدادا للاستحقاق النيابي، يُتوقع أن تخصص الحكومة قسما كبيرا من جهودها لتفعيل قطاع النفط والغاز بعد إعلان وزارة الطاقة الأسبوع الماضي انتهاء جولة التفاوض مع الشركات البترولية، وبالتالي القيام بخطوة أولى باتجاه تحويل لبنان من بلد مستورد للنفط إلى منتج ومصدّر يحفظ حقوق الأجيال اللاحقة، على حد تعبير وزير الطاقة سيزار أبي خليل.
ويحظى قطاع النفط والغاز بأهمية استثنائية نظرا لترقب اللبنانيين لـ«انفراج اقتصادي» مع بدء عملية الاستخراج ومن بعدها التصدير. إلا أن التجارب السابقة مع الحكومات المتلاحقة تجعل المخاوف من صفقات وفساد قد يطال هذا القطاع، مشروعة، بحسب نواب معارضين وخبراء اقتصاديين، خصوصا أن عملية تلزيم البلوكات قبل أكثر من عام تمت بإطار اتفاق سياسي بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل.
وفي مسعى لوضع حد لهذه المخاوف، دعا بري أمس اللجان النيابية إلى اجتماع للبحث في اقتراح إنشاء صندوق سيادي لبناني للعائدات النفطية، واقتراح «قانون شركة البترول الوطنية اللبنانية» وإنشاء مديرية عامة للأصول البترولية في وزارة المال، إضافة إلى قانون الموارد البترولية. إلا أن غياب الوزراء المعنيين عن الاجتماع؛ وأبرزهم وزير الطاقة لاضطراره للمشاركة في جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية التي عقدت أمس، أدّى لتأجيل البت بالاقتراحات؛ وإن كان النقاش عالي النبرة بين النواب بيّن أن هناك اختلافات كبيرة في وجهات النظر حول كيفية تأمين الشفافية المطلوبة في إدارة القطاع.
ويتمسك النائب عاصم قانصو بمطلبه بـ«إنشاء وزارة للبترول عوض جعل قطاع كهذا، يشكل ثروة للبنان، مرتبطا بوزارة الطاقة»، مستغربا «الدعوة لإنشاء صندوق سيادي واستمرار عمل هيئة إدارة قطاع البترول منذ 5 سنوات، من دون أن يكون هناك أي مهام لتقوم بها طوال الفترة الماضية، علما بأن الرواتب التي يتقاضاها أعضاؤها رواتب عالية جدا». ويضيف قانصو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو كأن هناك تآمر على عملية استخراج النفط والغاز وإصرار على اعتماد مبدأ المحاصصة المذهبية في إدارة الملف»، مستهجنا «تلكؤ الحكومة في إتمام التمديدات اللازمة، علما بأنه باستطاعتها اعتماد عملية تسييل الغاز فيتم عندها الاعتماد على البواخر في عملية التصدير».
ولا تقتصر المخاوف على هذا القطاع من انسحاب عملية المحاصصة التي تسيّر معظم الملفات في هذا البلد عليه؛ إذ يعبّر الخبير الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة عن تخوفه من التصريحات العلنية لمسؤولين لبنانيين بخصوص استخدام عائدات الثروة النفطية لسد الدين العام في لبنان، عادّاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه المواقف بحد ذاتها مخيفة وتستدعي دق ناقوس الخطر، من منطلق أن النهوض بالاقتصاد لا يكون من خلال تخصيص ولو جزء بسيط من هذه العائدات لسد الدين، إنما من خلال إنشاء صندوق سيادي لعائدات الثروة النفطية على أن يتولاه بنك استثماري عالمي فندخل في مجال الاستثمارات التي تعود علينا بأرباح كبيرة يتم ضخها بالاقتصاد مباشرة».
وقد دخل القضاء اللبناني مؤخرا على الخط لمتابعة اتهامات رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل السلطة السياسية بارتكاب «جرائم فساد وهدر الأموال العامة في الصفقات العمومية المنوي عقدها في قطاعي النفط والغاز». وأحال وزير العدل سليم جريصاتي تصريحات الجميل إلى النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود، عادّاً أن ما صدر عن رئيس «الكتائب» يشكل «إخبارا برسم النيابة العامة التمييزية يستدعي التحقيق فيه للوقوف على مدى صحته أو عدم صحته». كما رد جريصاتي تحريكه القضاء إلى سعيه للإيفاء بـ«التزامات الحكومة اللبنانية بـ(استعادة ثقة) المواطن في دولته ومؤسساتها، لا سيما من خلال مكافحة الفساد ومحاسبة مرتكبيه، وحرصا على تأمين الشفافية التامة في إجراء الصفقات العمومية، وعلى منع أي هدر للمال العام بأي طريقة كانت، وحماية للساحة اللبنانية من الاتهامات التي من شأنها، في حال ثبوت عدم صحتها، أن تزعزع الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي وتضرب مكانة الدولة المالية وثقة المستثمرين الأجانب».
وكانت الحكومة اللبنانية أقرت قبل نحو عام مرسومين مهمين لتقسيم الرقع البحرية والتنقيب عن النفط والغاز، ممهدة بذلك لانطلاق عملية المناقصة للاحتياطات البحرية. وأطلق لبنان في 15 فبراير (شباط) من عام 2013 لأول مرة في تاريخ البلاد، جولة ترخيص للشركات الراغبة بالمشاركة في التنقيب عن النفط قبالة السواحل اللبنانية. ويقدر المسؤولون حجم الاحتياطات البحرية اللبنانية من الغاز بـ96 تريليون قدم مكعبة، ومن النفط بـ865 مليون برميل.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.