إدانة دولية لانتخابات الأسد.. وباريس ترى أن خيار السوريين «بين بشار وبشار»

أمين عام «الناتو» قال إن الحلف لن يعترف بها

ملصق كبير للرئيس السوري بشار الأسد معلق على هيكل بناية دمرت جراء المعارك  بين قوات النظام والمعارضة في حي الخالدية بحمص أمس (أ.ف.ب)
ملصق كبير للرئيس السوري بشار الأسد معلق على هيكل بناية دمرت جراء المعارك بين قوات النظام والمعارضة في حي الخالدية بحمص أمس (أ.ف.ب)
TT

إدانة دولية لانتخابات الأسد.. وباريس ترى أن خيار السوريين «بين بشار وبشار»

ملصق كبير للرئيس السوري بشار الأسد معلق على هيكل بناية دمرت جراء المعارك  بين قوات النظام والمعارضة في حي الخالدية بحمص أمس (أ.ف.ب)
ملصق كبير للرئيس السوري بشار الأسد معلق على هيكل بناية دمرت جراء المعارك بين قوات النظام والمعارضة في حي الخالدية بحمص أمس (أ.ف.ب)

لقيت الانتخابات الرئاسية التي أجراها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، في المناطق التي يسيطر عليها من البلاد، إدانة دولية واسعة. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن السوريين الذين أدلوا بأصواتهم يملكون الاختيار «بين بشار وبشار»، بينما وصفها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أندرس «بالمهزلة» التي لن يعترف بنتائجها.
وأعرب وزير الخارجية الفرنسي أمس عن أسفه لهذه «المهزلة المأساوية»، في إشارة إلى عملية الاقتراع. وقال: «السوريون، وفقط السوريون في المناطق التي يحكمها النظام، يملكون الاختيار بين بشار وبشار. هذا كلام فارغ. الواقع هو أننا نعرف النتائج أصلا قبل أن يبدأ» التصويت. وأضاف: «هذا السيد الذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) بأنه مرتكب جرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن يمثل مستقبل شعبه»، واصفا بشار الأسد بأنه «شخصية مقيتة»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال فابيوس إن «هدف الذين يريدون ديمقراطية في سوريا هو التوصل إلى اتفاق سياسي، وهذا أمر صعب جدا». وتابع قائلا إنه يجب التحدث إلى عناصر في النظام لكن ليس مع بشار الأسد «الحليف الموضوعي» للجماعات الجهادية وإن كانت هذه المجموعات تقاتله. وأوضح أن «المجموعات الإرهابية وبشار الأسد يعززون مواقعهم في شكل من أشكال الإرهاب. في الواقع النظام لا يحارب المجموعات الإرهابية بدرجة كبيرة، بل المعارضة المعتدلة» التي يجب دعمها، على حد قوله.
بدوره، وصف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الانتخابات التي تشهدها سوريا «بالمهزلة». وقال في اجتماع لوزراء دفاع الدول الـ28 الأعضاء في الحلف في بروكسل إن «هذه الانتخابات مهزلة لا تحترم المعايير الدولية للشفافية والحرية». وأضاف: «إنني واثق أن أيا من دول الحلف لن تعترف بنتائج هذا الانتخاب المزعوم».
وجاء ذلك بالتزامن مع مظاهرة احتجاجية نظمتها المعارضة السورية أمام مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل شاركت فيها أعداد من المعارضين ينتمون لقوى وجمعيات مختلفة للتنديد بالانتخابات السورية.
وقال المعارض نضال شيخاني إن «النظام يجري انتخابات في سوريا بينما هناك أكثر من تسعة ملايين من اللاجئين والمشردين فروا من أجل تجنب القتل والعنف». وأضاف أن المعارضة ليست وحدها التي انتقدت الانتخابات السورية، بل المجتمع الدولي بشكل أكبر من خلال ما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والوسيط الأممي والعربي السابق للأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي.
وكان عدد من المتظاهرين احتشدوا قرب مقر الأمم المتحدة في نيويورك مساء أول من أمس لتلاوة أسماء أكثر من مائة ألف شخص قتلوا في سوريا وذلك عشية الانتخابات. وقرر المتظاهرون وعددهم عشرة أن يتلوا هذه الأسماء لمدة 24 ساعة في ساحة داغ - هامرشولد. وأعلن عن تحركات مشابهة في أوروبا، وخصوصا في لندن وبرلين وباريس، وفي أميركا الشمالية في مدن تورونتو وشيكاغو ولوس أنجليس، وكذلك في سوريا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».