استغربت أوساط سياسية وإعلامية في الجزائر تحالفات «غير طبيعية» بين أحزاب محسوبة على السلطة وأخرى معارضة، في رئاسة المجالس الشعبية الولائية المنبثقة عن الانتخابات البلدية التي جرت الشهر الماضي، ومنحت الريادة لحزب «جبهة التحرير الوطني» الذي يقوده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وأفرزت التحالفات في 48 مجلساً ولائياً تولي مرشحي «جبهة التحرير» رئاسة 32 منها، بناء على «صفقة» جرت بين الأمين العام للحزب جمال ولد عباس وقيادات أحزاب متشددة في معارضتها للسلطة، أبرزها «جبهة القوى الاشتراكية»، وهي أقدم حزب معارض، و«حركة مجتمع السلم» المحسوبة على «الإخوان المسلمين». والمثير أن هذه التحالفات تمت على حساب حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يعد حليف «الجبهة» في إطار ما يسميه أويحيى «الأغلبية الرئاسية»، ما اعتبر خلطاً للأوراق في المشهد الحزبي.
وأفضت التفاهمات حول رئاسة مجلس ولاية العاصمة، أمس، إلى التمديد لمرشح «جبهة التحرير» كريم بنور. وتم ذلك ضد مرشح «التجمع» بشير ولد زميرلي. واستاءت قيادة حزب أويحيى في العاصمة من تنسيق حزب الرئيس مع معارضين شديدي الخصومة، إزاء منتخبي الموالاة في البرلمان والمجالس المحلية.
ووقع التحالف في ولاية العاصمة مع مرشحي العدو اللدود «القوى الاشتراكية» والصديق «تجمع أمل الجزائر» (يرأسه وزير الأشغال العمومية سابقاً). وحصل السيناريو نفسه بين «مجتمع السلم» و«جبهة التحرير» في ولايات عدة. ودخل على الخط حزب «جبهة المستقبل»، بقيادة المرشح السابق للرئاسة بلعيد عبد العزيز، الذي رجح كفة حزب الرئيس في العديد من الولايات.
والمثير فيما حصل أن «القوى الاشتراكية» و«مجتمع السلم» اتهما الحكومة بـ«تزوير» نتائج الاستحقاق لمصلحة حزب الرئيس، ورفعا طعوناً كثيرة إلى القضاء تنتقص من شرعية فوز «الجبهة». كما ندد الحزبان، وكل أحزاب المعارضة، بـ«تزوير» انتخابات البرلمان التي جرت في 4 مايو (أيار) الماضي، واحتفظت فيها «جبهة التحرير» بالريادة.
ويمنح قانون البلدية والولاية الفرصة لاختيار رؤساء المجالس الولائية عن طريق الانتخاب، ما فتح الباب للتحالفات. أما المجالس البلدية (1541 بلدية) فرئاستها تعود لمتصدر لائحة المترشحين التي فازت بأكثر الأصوات في الاستحقاق.
ويفسر القيادي في «مجتمع السلم» النائب ناصر حمدادوش «شهر العسل» الظرفي بين المعارضة والموالاة، قائلاً إن «البعض يستغرب ما تعقده حركة مجتمع السلم من تحالفات محلية على مستوى المجالس الشعبية الولائية، وهي في موقع المعارضة، خصوصاً مع بعض أحزاب الموالاة، وتحديداً مع حزب جبهة التحرير الوطني... ولهؤلاء نقول إن هذه التحالفات الانتخابية تخضع للمنطق السياسي الوطني نفسه الذي تستند إليه الحركة، وهو نتائج الانتخابات، فلا يمكن أن يعطيك الشعب منتخبين ويأمل منك أن تمثّله وتدافع عنه، ثم تخذله في هذه المجالس، خصوصاً إذا كنت أغلبية في بلدية، فأنت تمثل الحزب الحاكم فيها، وقد تحتاج إلى تحالفات لضمان توسيع القاعدة السياسية والشعبية، وإحداث التوازنات لتسيير ولاية آمنة».
الجزائر: تحالفات تخلط الأوراق في رئاسة المجالس المحلية
الجزائر: تحالفات تخلط الأوراق في رئاسة المجالس المحلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة