الأكراد يصادرون صناديق الاقتراع في القامشلي والنظام يرهب المقترعين في مناطقه

الأكراد يصادرون صناديق الاقتراع في القامشلي والنظام يرهب المقترعين في مناطقه
TT

الأكراد يصادرون صناديق الاقتراع في القامشلي والنظام يرهب المقترعين في مناطقه

الأكراد يصادرون صناديق الاقتراع في القامشلي والنظام يرهب المقترعين في مناطقه

أكدت مصادر المعارضة السورية، لـ«الشرق الأوسط»، أن نظام الرئيس بشار الأسد «أجبر السوريين على الاقتراع في المناطق الخاضعة لنفوذه»، في حين سرت معلومات عن تهديده «باعتقال كل الأشخاص الذين لم يوشم إبهامهم بالحبر الانتخابي خلال اليومين المقبلين بعد يوم الانتخاب». وفيما صادرت وحدات حماية الشعب الكردي في القامشلي صناديق الاقتراع منعا لإجرائها، سخر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي من نتائج الانتخابات قبل صدورها، بموازاة تداول صور لناخبين يقترعون بالوكالة، بعد إرسال صور هويات عبر تطبيق «واتس آب».
وأعلن ناشطون سوريون، أمس، أن قوات الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) صادرت صناديق الاقتراع الخاصة بانتخابات الرئاسة في مناطق خاضعة لسيطرتها بمدينتي الحسكة والقامشلي. وأكد الناشط السوري الكردي في القامشلي، ميرال أمادورا، لـ«الشرق الأوسط»، أن الصناديق «لم توزع في القامشلي، بعد أن صادرتها قوات حماية الشعب الكردي، مما حال دون إجراء الانتخابات»، مشيرا إلى أن الصناديق «وصلت إلى المربعات الأمنية التابعة للنظام في مركز المدينة، لكن منع إخراجها إلى النقاط الانتخابية».
وعلى غرار القامشلي، منع الأكراد إجراء الانتخابات في مناطق سيطرة قوات «الأسايش» في وسط مدينة الحسكة، في حين اقتصر الاقتراع على المناطق التابعة لقوات الدفاع الوطني التابعة للنظام. وقال ميرال إن قوات الدفاع والحزبيين في «البعث»: «أجبروا الموظفين في المدارس والمستشفيات والإدارات الحكومية على الاقتراع في الحسكة، وهددوهم بالطرد من وظائفهم في حال تخلفهم». وانسحب ذلك التهديد على سكان مدينتي حلب وإدلب، إذ أفاد ناشطون بأن سكان الجزء الغربي من حلب التحقوا بمراكز الاقتراع تحت الضغط، وكذلك في مدينة إدلب. وكان التهديد أكثر بروزا في مناطق خاضعة لسيطرة النظام، يسكنها مؤيدون للمعارضة السورية. وقال عضو المجلس الوطني السوري أنس عيروط لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود النظام واعتقالاته وسلطته في قرى بانياس المؤيدة بأغلبها للمعارضة هو ضغط في حد ذاته»، مؤكدا أنه «لا أحد من السكان كان ليتجرأ على عدم الانتخاب».
وأوضح عيروط، الذي يتحدر من مدينة بانياس في معقل النظام في طرطوس، أن النظام «أجبر السكان في رأس النبع وسوق الهال والبيضاء على المشاركة في احتفالات عشية الانتخابات الرئاسية»، علما بأن هذه القرى شهدت مجازر العام الماضي، اتهم الشبيحة بارتكابها. وقال عيروط إن الضغوط التي مارسها النظام على الشعب «دفعت النازحين خارج سوريا إلى العودة إليها بالتزامن مع الانتخابات، خوفا من اعتقالهم إذا قرروا العودة بعد أسابيع بحجة عدم المشاركة بهذه العملية».
وكشف ناشطون عن تهديدات مماثلة في ريف دمشق، إذ أكدت مصادر معارضة في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط» أن قوات أمن النظام «سربت معلومات عن نيتها، خلال اليومين المقبلين، اعتقال كل من لم يوشم إبهامهم بالحبر الانتخابي الذي يُستخدم للتأكيد أن هؤلاء اقترعوا»، مشيرة إلى أن هذه المعلومات «دفعت كثيرين للمشاركة في عملية الاقتراع خوفا من العقوبة». وانسحب التخويف على مدينة داريا، حيث قالت مصادر فيها لـ«الشرق الأوسط» إن النظام حوّل نقطة عسكرية في «فندق الفصول الأربعة» جنوب غربي المدينة، إلى نقطة اقتراع، مشيرة إلى أن القوات الحكومية «أجبرت النازحين من داريا الذين يسكنون تلك المنطقة على الاقتراع في هذا المركز العسكري، نظرا لعدم تمكن النظام من افتتاح مركز له في قلب المدينة المحاصرة».
وفي المناطق الواسعة الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة، تفرّغ الناشطون للسخرية من العملية الانتخابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بطرق تنوعت بين كتابة تعليقات ساخرة من احتفالات النظام ومؤيديه بما سموه «عرس الدم»، فيما سخر آخرون بطريقة دراماتيكية، حيث كتب ناشط من درعا أن «عدد البراميل المتفجرة التي ألقيت على درعا اليوم يفوق بكثير عدد الصناديق الموزعة بمنطقة أو منطقتين».
وبينما استهزأ الناشطون من نتيجة الانتخابات بالقول إنها ستكون «102 في المائة لأن (المرشحين) الحجار والنوري سيصوتان للأسد»، قال آخرون إن الأسد «صوت للحجار بينما صوتت (عقيلته) أسماء للنوري كي لا تكون النتيجة 100 في المائة لصالحه». على مقلب آخر، تداول ناشطون صورة من قلب مركز انتخابي، تصوّر شخصا يحمل هاتفا جوالا وتظهر فيه صورة هوية لامرأة غائبة، يجري التصويت بالنيابة عنها»، مما دفع ناشطين إلى السخرية، قائلين «فقط في سوريا الانتخاب مش ضروري تحضر.. أرسل صورة هويتك لصديقك (واتس آب) وهو يصوّت عنّك»، بينما قال آخرون إن هذه الهويات «عائدة لأموات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».