«التلفريك» ينتشر في أميركا الجنوبية للتغلب على الازدحام المروري

يوفر الوقت والتكلفة ويحد من انتشار الجريمة في المواصلات العامة

«التلفريك» أتاح فرص العمل لسكان الضواحي البعيدة من العواصم
«التلفريك» أتاح فرص العمل لسكان الضواحي البعيدة من العواصم
TT

«التلفريك» ينتشر في أميركا الجنوبية للتغلب على الازدحام المروري

«التلفريك» أتاح فرص العمل لسكان الضواحي البعيدة من العواصم
«التلفريك» أتاح فرص العمل لسكان الضواحي البعيدة من العواصم

ينطلق «التلفريك» بخفة فوق أزقة شوارع إيكاتيبك، وهي ضاحية فقيرة مترامية الأطراف بالعاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي.
وأسهم أول نظام «تلفريك» حضري (مكسيكابل) في نقل 1.6 مليون راكب يشكلون سكان الضاحية، وذلك منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2016 بطول طريق يمتد لخمسة كيلو مترات ويضم سبع محطات.
وتستغرق الرحلة بأكملها 17 دقيقة فقط، مما يمثل أقل من نصف وقت الرحلة التي يقطعها الركاب باستخدام الحافلة العامة أو سيارة أجرة، ويبلغ سعر التذكرة 7 بيزو (37 سنتاً).
وتشعر نانسي روميرو بالسعادة بشكل خاص. وتقول روميرو وهي من ركاب «مكسيكابل»، إنني «أستطيع الذهاب إلى العمل الآن بطريقة أسرع وأكثر راحة، فالحافلات العامة تكون دائماً مكدسة بالركاب».
وبينما يتم النظر في الغالب إلى عربات «التلفريك» على أنها من المعالم السياحية التي تنطلق على ارتفاعات عالية، أو باعتبارها وسائل نقل في منتجعات التزلج على الجليد في الدول الصناعية المتقدمة، فإنها في طريقها لتصبح وسيلة للنقل الجماعي في دول أميركا اللاتينية.
ويوضح إيكهارد أسمان من شركة «دوبلماير» التي تعد الأكبر في السوق العالمي لهندسة الكابلات الهوائية، أن «أميركا اللاتينية صارت الآن منطقة رائجة لعربات (التلفريك) بالمدن».
وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية، أن الطبيعة الجغرافية الجبلية بمدن أميركا اللاتينية تساعد على جعل عربات «التلفريك» وسيلة مفضلة للمواصلات في هذه المدن، التي تعاني من الازدحام الكثيف في حركة المرور، مع عدم القدرة على بناء خطوط كافية لمترو الأنفاق.
ويضيف أسمان التي أقامت شركته خطوطاً لعربات «التلفريك» في فنزويلا وبوليفيا وكولومبيا والمكسيك، أن «كل مدينة تقريباً في أميركا الجنوبية يزيد عدد سكانها على 200 ألف أو 300 ألف نسمة طلبت منا بالفعل معلومات حول عربات (التلفريك)».
وتكلفت خطوط «مكسيكابل» نحو 1.7 مليار بيزو (89 مليون دولار)، وأقامتها بشكل أساسي شركة «ليتنر» الإيطالية.
ويمكن أن تستوعب العربة الواحدة في هذه الخطوط التي تعمل عليها 185 عربة، عشرة أشخاص، وتنقل ما يصل إلى 24 ألف راكب يومياً.
ومن مزايا نظام «ميكسيكابل» أنه من المتوقع أن يخفض من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العاصمة المكسيكية بمقدار عشرة آلاف طن سنوياً، بالإضافة إلى أن المسؤولين يأملون أيضاً في أنه سيعمل على تقليص معدلات الجرائم التي تستهدف ركاب الحافلات العامة.
كما يعتقد المسؤولون أن عربات «التلفريك» ستسهم في تحسين الأوضاع الأمنية عن طريق تسهيل انتقال المواطنين إلى مركز مدينة مكسيكو سيتي، حيث يستطيعون الحصول على وظائف منتظمة بدلاً من التورط في أعمال إجرامية مع العصابات، كما أن أضواء الشوارع الإضافية التي أقيمت بالقرب من محطات عربات «التلفريك» تساعد على جعل الشوارع الجانبية أكثر أمناً.
وعلى سبيل المثال، تراجعت معدلات الجريمة في ميدلين، وهي مدينة كولومبية كانت أول مدينة في أميركا اللاتينية تنفذ مشروع «التلفريك» في 2004، على الرغم من أن تحسن الأوضاع الأمنية فيها يمكن أن يرجع أيضاً إلى زيادة وجود رجال الشرطة.
وتوجد أكبر شبكة لعربات «التلفريك» في أميركا اللاتينية حالياً بمدينة لاباز العاصمة البوليفية، إذ تنقل العربات ما يصل إلى 125 ألف راكب يومياً.
ويستخدم شبكة «تيليفيريكو» لعربات «التلفريك» في بوليفيا قرابة 100 مليون شخص، التي تم تدشينها في مايو (أيار) 2014، وافتتح الرئيس البوليفي إيفو موراليس الخط الخامس من الشبكة التي تضم 10 خطوط مخطط إقامتها في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتوضح مصادر شركة «ليتنر» أن «عربات (التلفريك) لا تحتاج إلى مساحات كبيرة، ويمكنها أن تعبر في الهواء فوق أي عقبة، وبالتالي فهي أيضاً توفر الوقت».
وهذه الشركة الإيطالية التي قادت عملية تشييد «مكسيكابل» قامت أيضاً ببناء خط طوله 3.5 كيلو متر في ريو دي جانيرو، يربط منطقة كومبليكسو دي أليماو العشوائية بمحطة لمترو الأنفاق.
ويمكن لهذا الخط أن ينقل ما يصل إلى ثلاثة آلاف راكب في الساعة، على الرغم من أن تشغيله توقف بسبب مشكلات مالية.
وعلى الرغم من أن أنظمة النقل العام عادة ما تكون مدعمة من الدولة، فإن عربات «التلفريك» أصبحت تلقى إقبالاً بشكل يعتقد معه الخبراء أنه يمكنها ذات يوم أن تسترد تكلفة تشغيلها.
ونجحت هذه الفكرة في أميركا الجنوبية، لدرجة أنها انتقلت إلى القارة الأفريقية، حيث يجري التخطيط الآن لتطبيقها في مدن أفريقية مثل لاغوس بنيجيريا ومومباسا بكينيا، وذلك وفقاً لمصادر بقطاع «التلفريك».



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.