توقعات بمشاركة عربية في انتخابات «فيدرالية الشمال» غداً

لافتة في القامشلي تدعو إلى المشاركة في الانتخابات («الشرق الأوسط»)
لافتة في القامشلي تدعو إلى المشاركة في الانتخابات («الشرق الأوسط»)
TT

توقعات بمشاركة عربية في انتخابات «فيدرالية الشمال» غداً

لافتة في القامشلي تدعو إلى المشاركة في الانتخابات («الشرق الأوسط»)
لافتة في القامشلي تدعو إلى المشاركة في الانتخابات («الشرق الأوسط»)

يتوجه الناخبون في مناطق «فيدرالية شمال سوريا» يوم غد إلى صناديق الاقتراع لاختيار رؤساء مجالس المدن والبلدات وأعضاء مجالس المقاطعات، في الأقاليم الثلاثة الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» شمال البلاد، وسط توقعات بمشاركة عربية.
ويشارك في المرحلة الثانية من الانتخابات أكثر من 5470 مرشحاً، ينتمون إلى 30 حزباً وكياناً عربياً ومسيحياً وكردياً إلى جانب مرشحين مستقلين، وستفتتح أبواب المراكز الانتخابية يوم غد في تمام الساعة الثامنة صباحاً، وتغلق عند الساعة السادسة مساءً، حيث بلغت عدد المراكز الانتخابية في إقليم الجزيرة 824 مركزاً، أما في إقليم الفرات 256 مركزاً، فيما بلغ عددها في إقليم عفرين 205 مراكز انتخابية بحسب مفوضية الانتخابات.
وعمدت المفوضية إلى تدريب نحو 10 آلاف من المدرسين سيشرفون غداً على صناديق الاقتراع، بمعدل ثمانية مراقبين سيشرفون على كل صندوق، كما ستعمل لجانها داخل المراكز الانتخابية على توزيع البطاقات وشرح آلية الاقتراع.
وتقول الرئيسة المشتركة لمفوضية الانتخابات روكن ملا إبراهيم لصحيفة «الشرق الأوسط»: «تم تحديد ألوان للمغلفات وأوراق خاصة بالاقتراع، اللون الأبيض اختير لمغلف وورقة الاقتراع الخاصة بالبلدات، وحددنا لون مغلف مجالس النواحي باللون الأزرق، ولون مغلف وورقة اقتراع المقاطعات ستكون باللون الفضي»، منوهة إلى مراعاة وضع المغلف الملون على كل صندوق ليتسنى للمواطنين المقبلين على صناديق الاقتراع معرفة الصناديق الخاصة بالبلدات والنواحي.
وحددت مفوضية الانتخابات شروط ومعايير المشاركة في العملية الانتخابية، على ألا يقل عمر الناخب عن 18 سنة، ينحدر من سكان مناطق فيدرالية شمال سوريا، أو مضى على إقامته في المنطقة مدة لا تقل عن 10 سنوات متتالية، كما اشترطت المفوضية أن يكون الناخب حاملاً للبطاقة الانتخابية قبل الإدلاء بصوته.
وذكرت روكن ملا إبراهيم أن لجان المفوضية جهزت كل الجوانب المتعلقة بالعملية الانتخابية، من صناديق الاقتراع والحبر الخاص والبطاقات الانتخابية، وأضافت: «طبعت صور المرشحين المستقلين على ورقة الاقتراع، بينما وضع شعار اللوغو الخاص بالقائمة المشاركة على الورقة، وورقة الاقتراع تقسم إلى قسمين، قائمة فردية مستقلة وقائمة مغلقة تتعلق بالأحزاب والقوى السياسية المشاركة».
وفي إطار الإعداد للانتخابات، انتشرت في مدن وبلدات «فيدرالية شمال سوريا» لافتات بثلاث لغات، العربية والكردية والسريانية، وهي اللغات الرسمية في النظام الفيدرالي المعلن في شهر مارس (آذار) 2016، تدعو المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات، وكتب على إحداها: «صوتك أمانة امنحه لمن يستحق»، و«مستقبل (روج آفا) بين يديك، لا تبخل بصوتك».
وتحدثت هيفين وهي طالبة جامعية تسكن في مدينة القامشلي (أقصى شمال سوريا) في الـ(22) من العمر، بأنها ستصوت في الانتخابات، وتعزو السبب إلى: «تقديراً للتضحيات التي سقطت من أجل سوريا تعددية فيدرالية، ولأجل الحفاظ على مكتسبات الشعب الكردي»، وأيد داود عبد المسيح (35 سنة) وهو الآخر من أبناء القامشلي كلام هيفين وقال: «هذه الانتخابات بمثابة استفتاء لنا واختبار لممارسة العملية الديمقراطية، الناس هنا متفائلون ومتحمسون».
وتتنافس ثلاثة قوائم انتخابية في إقليم الجزيرة، قائمة الأمة الديمقراطية والتي تضم 18 حزباً سياسياً أبرزها حزب الاتحاد الديمقراطي والاتحاد السرياني والهيئة الوطنية العربية، وقائمة التحالف الوطني الكردي ويعد حزب الوحدة الكردي (يكيتي) أبرز أحزابها، إلى جانب مشاركة قائمة ثالثة خاصة بالمستقلين.
وترى نظيرة كورية وتشغل عضو الهيئة التنفيذية لحزب الاتحاد السرياني، بأنّ خطوة الانتخابات تعد تطبيقاً عملياً لمبادئ العيش المشترك، وتقول: «مساهمة جميع المكونات في شمال سوريا بغض النظر عن العرق أو الدين في اتخاذ القرار في كل المجالات، تهدف للوصول إلى الديمقراطية التعددية المبنية على أساس اللامركزية السياسية والنظام الفيدرالي».
ولفتت كورية إلى أن اللغة السريانية التي يتحدث بها الشعب الآشوري في سوريا، كانت محظورة سابقاً في زمن حزب البعث لعقود خلت، وتضيف: «لكن مشروع الفيدرالية تعترف رسمياً باللغات السريانية والعربية والكردية ولغات جميع المكونات. سوريا اليوم لن تعود كما كانت قبل عام 2011 بحكمها المركزي، والشكل الأنسب إقرار النظام الفيدرالي».
من جانبه، أكد الشيخ محمد البنيان رئيس «الهيئة الوطنية العربية» مشاركة كتلته في المرحلة الثانية من الانتخابات، والتي تتضمن مرشحين عرباً لرئاسة مجالس البلدات والنواحي والمقاطعات، وقال: «بعد نجاح مشروع الإدارة الذاتية بالشمال السوري وإثباتها للعالم أجمع أنها قادرة على إدارة مناطقها، اخترنا النظام الفيدرالي لأنه يضمن الحقوق لجميع المكونات ويوقف نزيف الدم السوري».
فيما نقل الحاج إبراهيم (62 سنة) رفضه الانتخابات والتصويت لصالح قائمة أو مرشح ما، وقال: «بسبب مقاطعة قسم من الأحزاب الكردية»، كما تساءل الإعلامي سيف الدين خضر، «هل يجوز لجهات الإدارة الذاتية (الحكومية) ترويج لمرشح وقائمة دون غيره، لاحظت بأن السيارات العامة ملصوقة بها صور مرشحين لقائمة الأمة الديمقراطية»، مضيفاً: «بحسب اعتقادي ومفهومي الانتخابي والديمقراطي البسيط، ومن الناحية القانونية أعتقد أن هذه التصرفات تعتبر خروقات».
وتمنع المادة 16 من اللائحة التنفيذية للقانون الانتخابي، موظفي الدوائر الرسمية استخدام نفوذهم الوظيفي أو موارد الإدارة لصالح أنفسهم أو لصالح قائمة انتخابية.
بدوره، أشار مصطفى مشايخ رئيس التحالف الوطني الكردي، إلى أن التحالف الذي يضم خمسة أحزاب سياسية سيشارك في إقليم الجزيرة بقائمة انتخابية، أما في إقليمي الفرات وعفرين سيشارك حزب الوحدة الكردي (يكيتي) ككيان سياسي بقائمة خاصة. وقال: «إيماناً منا بأهمية المساهمة في تعزيز الديمقراطية في المجتمع، وممارسة الحق الانتخابي كحق طبيعي ومشروع للمواطنين، قررنا المشاركة في انتخابات يوم غدٍ الخاصة بالبلدات والنواحي بقائمة انتخابية في إقليم الجزيرة تحت اسم (التحالف الكردي)، بهدف تمثيل طموحات وتطلعات المواطن».
وعن مشاركة التحالف في انتخابات مجلس الشعوب بداية العام المقبل، شدد مشايخ على أن «نتائج انتخابات مجالس البلدات والمدن ستحدد مشاركتنا في الانتخابات النهائية»، ولم يستبعد مقاطعة أحزاب التحالف في حال تزوير النتائج أو التلاعب في فرز الأصوات؛ لصالح قائمة الأمة الديمقراطية التي تدير مناطق فيدرالية شمال سوريا».
وفي المرحلة الثانية من الانتخابات التي ستجري غداً الجمعة، سيتم انتخاب رؤساء مجالس النواحي والمدن وأعضاء مجالس المقاطعات التي يتألف منها كل إقليم، ويصار في المرحلة الثالثة والنهائية بداية العام المقبل إلى انتخاب «مجلس الشعوب الديمقراطية» التي ستتمتع بصلاحيات تشريعية واسعة في كل إقليم، كما سيتم في اليوم نفسه انتخاب «مؤتمر الشعوب الديمقراطية» العام، الذي سيكون بمثابة برلمان عام على رأس مهماته تشريع القوانين ورسم السياسة العامة للنظام الفيدرالي.
ويؤكد الأكراد أنّ هذه الانتخابات لا تخصهم وحدهم، بل تشمل جميع مكونات المجتمع من عرب وسريان وأرمن وتركمان، وسط توقعات مقاطعة أحزاب «المجلس الوطني الكردي» المعارض، وعدم مشاركة «المنظمة الآشورية» و«الحزب الديمقراطي التقدمي» الكردي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».