دعت حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية، والمعينين قبل أحداث الانقسام، وسيطرة حماس عسكرياً على قطاع غزة في يونيو (حزيران) 2007، إلى العودة إلى عملهم في الوزارات، وذلك لأول مرة منذ 10 سنوات.
وكلفت الحكومة في جلستها الأسبوعية الوزراء بترتيب عودة الموظفين إلى أعمالهم، من خلال آليات عمل تضمن تفعيل دور وعمل الحكومة في قطاع غزة، بصفته جزءاً من التمكين الفعلي لتحقيق المصالحة، انسجاماً مع اتفاق القاهرة الأخير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، واعتبرت أن اختصاص اللجنة القانونية الإدارية التي شُكلت بناءً على اتفاق القاهرة، هو النظر في وضع الموظفين الذين تم تعيينهم بعد الـ14 من يونيو 2007 (أي ما يعتبر موظفي حكومة حماس)، مضيفة في بيانها أن عمل اللجنة «يأتي متمماً لجهود الحكومة لإنجاح مساعي المصالحة الوطنية، وعملها في هذا السياق يوضح أي التباس حول وضع الموظفين بشكل عام». وأكدت في السياق ذاته أن «إنهاء الانقسام بشكل تام وصحيح لا يتم من خلال التصريحات الإعلامية عبر وسائل الإعلام، بل بالحوار الجاد والصادق والمسؤول».
وأوضحت الحكومة أن تمكينها في غزة يعني قيام الوزراء بمهامهم في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة)، كما في المحافظات الشمالية (الضفة الغربية) دون عراقيل، مشددة على أهمية توفير المناخ الملائم لعمل الوزراء في الوزارات والدوائر الحكومية لضمان توحيد العمل بين محافظات الوطن. كما دعت إلى ضرورة السماح للحكومة بممارسة صلاحياتها كاملة وغير منقوصة في قطاع غزة كما هو الحال في الضفة الغربية، دون تدخل من أي جهة كانت حسب القانون، بما في ذلك التمكين المالي الموحد، من خلال وزارة المالية والتخطيط، باعتبارها الجهة المسؤولة الوحيدة عن الجباية وعن الصرف في آن واحد، إضافة إلى السيطرة الكاملة على المعابر، ومسؤولية الحكومة في فرض النظام العام وسيادة القانون بالتكامل مع قطاع العدالة، وتوفير الأمن والأمان للمواطنين وصون حقوقهم وممتلكاتهم وحرياتهم، وضرورة إنجاز ذلك بالكامل كخطوة أولى لا بد منها، وتمثل حجر الأساس للانتقال إلى معالجة باقي الملفات الأخرى.
وأثار قرار الحكومة جدلاً في قطاع غزة، حيث اعتبرت حركة حماس دعوتها الموظفين للعودة إلى أماكن عملهم مخالفاً لاتفاق القاهرة الموقع في الرابع من مايو (أيار) 2011؛ إذ قال فوزي برهوم، الناطق باسم الحركة في تصريح صحافي له: إن هذا يعد تجاوزاً لمهام اللجنة الإدارية والقانونية المتفق عليها، حيث ينص الاتفاق على أن عودة الموظفين الذين كانوا على رأس عملهم قبل الرابع عشر من يونيو 2007 تكون وفق الآلية التي توصي بها اللجنة المشكلة.
بدورها، دعت كتلة التغيير والإصلاح البرلمانية لحماس، الحكومة لما اعتبرته «التعقل الوطني والالتزام باستحقاقات اتفاق المصالحة بعيداً عن الانتقائية والحزبية والقفز عن التفاهمات»، واتهمت الحكومة بالتباطؤ في حل ملف الموظفين على قاعدة التوافق والشراكة الوطنية، والعمل وفق أجندة حزبية وخضوعها لصالح حركة فتح، والتعامل بانتقائية وسلبية مع اتفاقيات المصالحة.
من جانبه، أوضح يعقوب الغندور، نقيب موظفي حماس سابقاً، أن قرار الحكومة متسرع ويهدف لخلط الأوراق، وطالبها بالقيام بواجباتها وحل ملف الموظفين حلاً عادلاً، وقال بهذا الخصوص «كان يجب أن تصدر الحكومة قراراً بالإسراع في عمل اللجنة الإدارية والقانونية، وبعد ذلك يتم الحديث عن عودة الموظفين السابقين، لكن الحكومة تريد خلط الأوراق وإرباك عمل المؤسسات الحكومية»، متهماً الحكومة بالعمل على التهرب من استحقاقات المصالحة من خلال ملف الموظفين.
من جانبه، قال طلال أبو ظريفة، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية: «إن قرار الحكومة لا يخدم المصالحة، ويدخل الموظفين في مناكفات تضر الكل الوطني، معتبراً أن ذلك يخلق تناقضاً في إطار المؤسسة الوظيفية ويناقض اتفاق 2011».
كما أكد على ضرورة معالجة ملف الموظفين عبر اللجنة الإدارية والقانونية، وليس من خلال قرارات تحول دون تقدم المصالحة، داعياً إلى إيجاد آلية وطريقة واضحة يتم الاستناد إليها لمنع العودة إلى المناكفات وإثارة أجواء سلبية تحول دون تقدم المصالحة.
وتأتي هذه التطورات، في وقت اجتمع فيه يحيى السنوار، قائد حماس في غزة، مع السفير السويسري لدى السلطة الفلسطينية جوليان توني لبحث ملف المصالحة، وإيجاد حل لقضية الموظفين وفق ما تم التوقيع عليه.
وحسب بيان لحماس، فإن السنوار وتوني حذرا من المخاطر المترتبة على عدم حل قضية الموظفين بشكل عادل، مشددين على ضرورة عدم السماح لأي عقبات بإيقاف مسار المصالحة.
من جهة أخرى دفعت تصريحات أطلقتها جيلا جملئيل، وزيرة المساواة الاجتماعية الإسرائيلية، بشأن الدعوة لإقامة دولة فلسطينية في سيناء، السلطات المصرية إلى التعبير عن رفضها واستنكارها للمقترح، إذ قال وزير الخارجية سامح شكري في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، إن «مصر ترفض التناول أو التصريح من أي جهة بشأن أمور تتعلق بأرضها أو أي تفكير للانتقاص منها، وخاصة سيناء التي ارتوت بدماء المصريين، وليس هناك مجال للتنازل عن ذرة واحدة من رمالها».
وتواكبت تصريحات الوزيرة في حكومة نتنياهو، والتي جاءت ضمن حوار صحافي أبرزته القناة الثانية الإسرائيلية، مع وجود، جملئيل، في القاهرة للمشاركة في فعاليات مؤتمر لدعم المرأة ترعاه منظمة الأمم المتحدة، وقالت الوزيرة إنه «لا يمكن إقامة دولة فلسطينية إلا في سيناء».
وليست هذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها، مسألة توطين الفلسطينيين في سيناء من قبل مسؤولين أو قادة إسرائيليين، إذ أعربت مصر في فبراير (شباط) الماضي، على لسان السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، آنذاك، عن النفي لما تردد «بشأن وجود مقترحات لتوطين الفلسطينيين في سيناء»، وقال إنه «لم يسبق مناقشته أو طرحه على أي مستوى من جانب أي مسؤول عربي أو أجنبي مع الجانب المصري، وإنه من غير المتصور الخوض في مثل هذه الأطروحات غير الواقعية وغير المقبولة، خاصة أن أرض سيناء جزء عزيز من الوطن، شهد ولا يزال يشهد أغلى التضحيات من جانب أبناء مصر الأبرار».
من جهته، قال رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية في المركز الإقليمي لدراسات الشرق الأوسط، الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إنه «ورغم كون الوزيرة الإسرائيلية ليست من المؤثرين في حكومتها، غير أنه لا يمكن إغفال السياق الذي تطرح من خلاله تل أبيب بين الآن والآخر مسألة التوطين على الجانب المصري، عبر مسارات بحثية ودبلوماسية مختلفة المستويات».
وفي فلسطين، قال المتحدث الرسمي باسم فتح أسامة القواسمي، في بيان رسمي صادر عن الحركة أمس، إن تصريحات الوزيرة الإسرائيلية «عنصرية، واعتداء مباشر على الشعبين الفلسطيني والمصري، وإن لشعبنا وطناً ودولة اسمها فلسطين، وسيناء ستبقى مصرية، ولا نقبل بأقل من حقوقنا المشروعة كاملة دون انتقاص».
واعتبر القواسمي أن «حكومة الاحتلال الإسرائيلية الرافضة للقانون الدولي، تبحث عن كل الصيغ المستحيلة، ولا تبحث عن الصيغة الوحيدة لصنع السلام الحقيقي، والمتمثلة بإنهاء الاحتلال الاستعماري عن أراضي دولة فلسطين وعاصمتها القدس المحتلة»، مشددا على «أن الشعب الفلسطيني جاهز ومستعد للصمود والتحدي، والبقاء إلى أن يزول الاحتلال عن أرضنا ودولتنا مهما طال الزمن».
السلطة تدعو موظفيها في غزة إلى العودة... و{حماس} تعتبرها {مخالفة للاتفاق}
مصر تستنكر دعوة إسرائيلية لتوطين الفلسطينيين في سيناء
السلطة تدعو موظفيها في غزة إلى العودة... و{حماس} تعتبرها {مخالفة للاتفاق}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة