«أيتم موت» منزل أحلام من القرون الوسطى جنوب لندن

المنزل من الخارج بهندسته المميزة - يقع المنزل في فناء تحيط به المياه من كل زاوية
المنزل من الخارج بهندسته المميزة - يقع المنزل في فناء تحيط به المياه من كل زاوية
TT

«أيتم موت» منزل أحلام من القرون الوسطى جنوب لندن

المنزل من الخارج بهندسته المميزة - يقع المنزل في فناء تحيط به المياه من كل زاوية
المنزل من الخارج بهندسته المميزة - يقع المنزل في فناء تحيط به المياه من كل زاوية

«أيتم موت» منزل ريفي كبير يقع على بعد نحو 20 ميلاً جنوب شرقي لندن، وليس بعيداً عن طريق «إم 25» السريع، بالقرب من بلدة «سيفن أوكس» الجذابة.
يكون المنزل الريفي، على خلاف القلعة التي تكون بالأساس مكاناً دفاعياً محصناً، منزلاً كبيراً متسعاً تم بناؤه خصيصاً ليكون مسكناً لصاحب أراضٍ ثري. وفي الوقت الذي وصفه فيه أحد الكتاب بأنه «منزل الأحلام»، وصفه نيكولاس بيفسنر، الكاتب المعماري الشهير، بأنه «المنزل الريفي الصغير الأكثر كمالاً ومثالية الذي يعود إلى القرون الوسطى في البلاد». ويمنحه وجوده في خندق، أي كونه محاطاً بالمياه، طابعاً رومانسياً متفرداً.
يعود تاريخ بناء أول أجزاء من المنزل إلى نحو عام 1320؛ وقد امتلكته مجموعة متعاقبة من أصحاب الأراضي المحليين الأثرياء. رغم توسيع المنزل وزيادة مساحته حتى بداية القرن السادس عشر، ظل على حاله دون أي تغيير ملحوظ منذ ذلك التاريخ.
وقت بناء هذا المنزل كان رعي الأغنام وإنتاج الصوف تجارة مربحة؛ لهذا السبب تمكّن الملاك الأوائل للمنزل من تكوين الثروة اللازمة لبناء ذلك المنزل. وكان الحصول على مياه نظيفة أمراً صعباً في بريطانيا خلال حقبة القرون الوسطى، ويعد الخندق المحيط بالمنزل جزءاً من النهر؛ مما شجع على اختيار هذا الموقع لبناء المنزل ليكون بجوار مصدر مياه نظيفة لمن يقطنون المنزل.
امتلك السير ريتشارد كليمنت المنزل خلال الفترة بين عامي 1521 و1538، وكان من مؤيدي الملكة كاثرين من أراغون، الزوجة الأولى للملك هنري الثامن؛ ومن الممكن العثور اليوم على قطع زجاج صغيرة في بعض نوافذ المنزل التي تحمل شعار عائلتها. وانتقلت ملكية المنزل خلال الفترة من 1592 حتى منتصف القرن التاسع عشر إلى أفراد من أسرة ثرية من شمال إنجلترا تعرف باسم عائلة سيلبي.
بعد ذلك قام توماس كوليار فيرغسون بشراء المنزل عام 1890، وشهد المنزل فترة بنائه هو وزوجته لستة أبناء، وتم قتل أحد الأبناء عام 1917 أثناء معركة في الحرب العالمية الأولى، في حين لقي ابن آخر مصرعه في غارة جوية أثناء مشاركته في الحرب العالمية الثانية. وأجرت عائلة فيرغسون بعض الإصلاحات الكبيرة في المنزل عامي 1890 و1891 للمساعدة في إصلاح الضرر الذي خلفته قرون من الإهمال، وظلت العائلة مقيمة في هذا المنزل حتى وفاة السير توماس عام 1951؛ فقد عرضوا المنزل للبيع بعد ذلك. واشترى تشارلز روبنسون، الأميركي الثري، المنزل عام 1953، وأنفق مبلغاً كبيراً من المال على إصلاح وتجديد المنزل، لكنه لم يكن يقيم في المنزل سوى 14 أسبوعاً في العام لأسباب تتعلق بالضرائب؛ وقد كان يحب المنزل كثيراً إلى حد دفن رفاته بالقرب من المنزل، وقرر التنازل عن المنزل لمؤسسة التراث القومي المسؤولة عن الاهتمام بالمباني التاريخية.
تم تشييد المنزل بحيث يتخذ شكله الخارجي شكل المربع حول باحة في الوسط، ويوجد ثلاثة جسور أعلى الخندق تؤدي إلى الباحة. أهم غرفة في المنزل هي القاعة الكبرى، وتعد جزءاَ من المنزل الأصلي الذي تم بناؤه عام 1320.
وتم تأجير المنزل لفترة وجيزة في نهاية القرن التاسع عشر إلى عائلة أميركية ثرية كانت تدعو الكثير من الكتاب والفنانين إلى المنزل وتستقبلهم في القاعة الكبرى، ومن بينهم المؤلف الأميركي هنري جيمس. لا بد أن أجواء الحديث إلى جوار نار التدفئة غير المحمية كانت رائعة، لكن ذلك جعلها معرّضة لتيارات الهواء. في نهاية كل عام كان يتم تزيين القاعة الكبرى لاستقبال الضيوف في تلك الفترة للاحتفال بالعام الجديد أو أعياد الميلاد.
بالقرب من الرواق الرئيسي توجد مكتبة مبهرة ضخمة أنشأها تشارلز روبنسون في خمسينات القرن العشرين. وفي الطابق العلوي توجد غرف بها ألواح خشبية عتيقة تعود إلى القرن السادس عشر. وفي الخارج نرى الحدائق الغنّاء المحيطة بالمنزل، الجديرة بالزيارة خلال الأشهر الدافئة.
وقد تولت مؤسسة التراث القومي عمليات إصلاح كبيرة للأجزاء ذات الإطارات الخشبية من المبنى بتكلفة قدرها 10 ملايين جنيه إسترليني، لكن لا يزال المنزل محتفظاً بالكثير من نسيجه التاريخي كما يحتفظ بهويته.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».