السودان يعتقل زعيماً عشائرياً بارزاً في دارفور

«قوات الدعم السريع» تتهم موسى هلال بالضلوع في «مؤامرة خارجية»

TT

السودان يعتقل زعيماً عشائرياً بارزاً في دارفور

ألقت القوات المسلحة السودانية القبض على زعيم عشائري وحليف سابق للحكومة، مع عدد من معاونيه، ونقلتهم من إقليم دارفور وسلمتهم إلى السلطات في الخرطوم.
وأعلنت «قوات الدعم السريع» التابعة للجيش السوداني، أمس، اعتقال رئيس «مجلس الصحوة الثوري» موسى هلال وعدد من معاونيه، بينهم ثلاثة من أنجاله، بعدما اتهمته بالضلوع في مؤامرة ذات أبعاد خارجية.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان حميدتي، أن قواته قبضت على هلال على خلفية اشتباكات بين قواته والقوات التابعة للجيش السوداني، أودت بحياة أحد قادة القوات الحكومية وتسعة جنود في منطقة مستريحة بشمال دارفور أول من أمس. وقال حميدتي: «تم القبض على هلال وعدد من معاونيه، وثلاثة من أبنائه، المتورطين في الأحداث التي أدت إلى مقتل العميد عبد الرحيم جمعة وعدد من أفراد قوات الدعم السريع في المواجهات».
واتهم حميدتي، هلال، بالضلوع في «مؤامرة ذات أبعاد خارجية ضد السودان»، وقال إن رجلاً بجنسية أجنبية ضبط ضمن مجموعة هلال، وضبطت بحوزته أجهزة اتصالات متطورة، وقطع بأن ضبط الرجل يكشف ضلوع أطراف أجنبية - لم يسمها - في زعزعة الأمن والاستقرار في إقليم دارفور.
وتعهد قائد «الدعم السريع» بالمضي قدماً فيما أطلق عليه «بسط هيبة الدولة دون هوادة أو مجاملة لأحد مهما كانت الكلفة». بيد أنه أضاف: «الأوضاع في (مستريحة) مستقرة الآن وتحت السيطرة تماماً، وأن قوات الدعم السريع ماضية في تنفيذ واجباتها المكلفة بها».
ويعد هلال من أبرز مؤيدي الحكومة السودانية، خلال فترة الحرب مع قوات التمرد الدارفوري. وعُرفت قواته آنذاك على نطاق واسع بـ«الجنجويد» واتهمت بارتكاب فظاعات ضد المتمردين في دارفور. لكن مناصريه يقولون إنه قاد قوات «حرس الحدود» التي خاضت الحرب ضد التمرد إلى جانب الحكومة السودانية، لكنه اختلف مع الخرطوم، وانحازت له «حرس الحدود»، ثم أنشأ تنظيماً معارضاً باسم «مجلس الصحوة الثوري».
وقتل أثناء الاشتباكات التي دارت بين قوات الجانبين أول من أمس، ضابط برتبة عميد وتسعة جنود، من قوات الدعم السريع التابعة للجيش السوداني، بمنطقة «مستريحة».
وأطلقت السلطات السودانية في 6 أغسطس (آب) الماضي، حملة لجمع السلاح والذخائر والسيارات غير المرخصة من المدنيين، وأمرتهم بتسليمها لأقرب نقطة شرطة أو جيش، وأن تجمع بالقوة حال رفضهم تسليمها. لكن هلال رفض تسليم أسلحة قواته، ورفض إلحاقها بقوات الدعم السريع التي يقودها أحد أبناء عمومته محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، ودعا إلى جمع سلاح متزامن.
ويتزعم مؤسس «مجلس الصحوة الثوري» بطن المحاميد من قبيلة الرزيقات العربية في غرب البلاد. وإثر خلافات بينه وبين السلطات في الخرطوم، اتهم هلال نافذين بالتآمر ضده، وغادر إلى باديته في شمال دارفور، على الرغم من احتفاظه بوظيفته نائباً في البرلمان.
وكان مجلس الأمن فرض حظراً للسفر على هلال وجمّد أمواله بعدما اتهمه بعرقلة عملية السلام في دارفور، جراء دعمه للقوات الحكومية في 2006، ثم أدرجته الإدارة الأميركية ضمن قائمة المشتبه بارتكابهم جرائم حرب في الإقليم.
لكن المحكمة الجنائية الدولية لم تصدر بحقه مذكرة قبض، ولم توجه له اتهامات.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».