فريق مالي حكومي ومتخصص يبحث الحد من تدهور العملة اليمنية

«المركزي» يتساءل: كيف تهرب حكومة شرعية أموالاً وهي صاحبة سيادة؟

TT

فريق مالي حكومي ومتخصص يبحث الحد من تدهور العملة اليمنية

كشف مسؤول مالي يمني لـ«الشرق الأوسط» عن شروع فريق من المختصين من وزارة المالية اليمنية والبنك المركزي اليمني، إضافة إلى متخصصين آخرين في بحث وطرح مقترحات تحد من تدهور الريال اليمني، ويشمل ذلك وضع سياسة مالية تتلاءم مع السياسة النقدية وأدوات السياسة النقدية التي يتبناها البنك المركزي (اليمني).
وبحسب الدكتور منصور البطاني نائب وزير المالية اليمني، فإن الإجراءات الجارية ينتظر أن ترفع حصيلة الإيرادات وترشد الإنفاق وتيسر عملية الاستيراد للسلع والخدمات، كما ترنو إلى استخدام أدوات السياسة النقدية المتعلقة برفع نسب الفائدة لسحب السيولة الكبيرة الموجودة لدى الصرافين والبنوك وإعادة الخصم واستخدام أدوات السوق المفتوحة مثل رفع احتياطي البنوك التجارية، بالإضافة لبعض الأدوات الأخرى التي نرى أنها مهمة وتؤدي إلى السيطرة على الكتلة النقدية الموجودة في السوق. وتراجع سعر صرف الريال اليمني بشكل غير مسبوق أمام أسعار صرف العملات الأجنبية في ختام تداولات الأسبوع، ليصل سعر الدولار إلى 430 ريالا يمنيا، لتختتم التعاملات بانهيار جديد للعملة اليمنية التي تعاني، فيما تم تشكيل لجنة لتوريد ملياري دولار لخزينة الدولة.
يشدد مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام والدراسات الاقتصادية اليمني لـ«الشرق الأوسط»، على أن الأسباب التي تقود تدهور الريال حاليا، هي نفسها الأسباب التي قضت على نصف قيمته منذ بدء الانقلاب على الشرعية في البلاد.
ويقول: «لا توجد أسباب جديدة وإنما هي أسباب مستمرة منذ فترة طويلة، أهمها التلاعب والمضاربة بأسعار صرف الريال مقابل العملات الصعبة وضعف إيرادات اليمن من العملة النقدية بسبب توقف الصادرات».
يضيف نصر أنه «خلال فترة قريبة كان الحديث عن الوديعة السعودية بقيمة ملياري دولار خففت حدة التراجع وإغلاق الموانئ والتوقف عن الاستيراد من الخارج هدأ نسبيا من الطلب على الدولار ولكن لم يعالج مسببات الانهيار وبالتالي من المؤكد استمرار التدهور طالما الأسباب موجودة».
وأمام التدهور المستمر للعملة اليمنية، تراهن وزارة المالية اليمنية على «تدخل الدول الصديقة لصناعة نقطة مقاومة تضع حدا للمسار الهابط للريال اليمني»، وهو ما تعمل على تنفيذه السعودية التي اعتمدت ملياري دولار لصالح البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.
وفي هذا الشأن أكد نائب وزير المالية اليمني أن موافقة السعودية على اعتماد مبلغ ملياري دولار لصالح البنك المركزي في عدن وتمويل المشتقات النفطية الخاصة بالكهرباء لمدة عام، من شأنه وقف تدهور العملة المحلية التي ارتفعت فور صدور قرار الاعتماد لكنها عادت للهبوط، انتظارا لوصول المبلغ المعتمد للخزينة في البنك المركزي خلال الفترة القريبة المقبلة.
ويركز نصر في حديثه على أن البنك المركزي هو القادر على إيقاف تدهور انهيار العملة اليمنية بالتعاون مع الحكومة ودول التحالف وجميع الشركاء الدوليين من خلال تفعيل أداء البنك المركزي ووضع سياسة نقدية تتجاوز هذه المشكلة بمحاصرة أسباب هذا الانهيار ووضع حزمة من الإجراءات والبحث عن مصادر لتمويل البلد بالعملة الصعبة ووقف المضاربة وإغلاق الصرافة غير الرسمية والجشع لدى بعض البنوك.
وبالعودة إلى نائب الوزير، فإن البطاني يرجع أهم أسباب وقف تدهور العملة اليمني، إلى «دفع رواتب القوات المسلحة في الجبهات»، مبينا أن هذا الأمر سيكون له أثر آخر في استقرار الريال اليمني وعودة إلى قيمته الحقيقية.
وأشار إلى لجنة مشكلة من قبل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يرأسها وزير المالية الدكتور أحمد عبيد الفضلي، لمتابعة توريد المبلغ لحسابات البنك المركزي الخارجية وتوريد المشتقات النفطية.
وشدد المسؤول اليمني على أن الحكومة تتحمل عبئا كبير من خلال دفع رواتب بالمليارات لأعداد كبيرة للنازحين للمحافظات الجنوبية والشرقية الذين يعمل أغلبهم في قطاع التربية والتعليم، إلى جانب دفع مرتبات بعض المرافق في صنعاء التي وافت عليها الحكومة بالبيانات اللازمة.
وأكد أن موظفي تعز سيتم تسليمهم رواتبهم خلال الأسبوع المقبل، التي تم الترتيب لها مع مصرف الكريمي حيث ستقوم الحكومة بتوريد قيمة المبالغ المالية اللازمة.
وأبان أن المبالغ التي سحبت من الدورة النقدية التي نهبت تحت مبررات الاستيراد في فترة 2015 و2016 من قبل الانقلابيين يستخدمونها الآن في إغراق السوق والمضاربة، وهي ما تعتبر حربا في الجبهة الاقتصادية، مشددا على أهمية أن يكون هناك دعم دولي لرفع الاحتياطي النقدي.
إلى ذلك، رد البنك المركزي اليمني على ما وصفه بـ«الحملة» التي قال إنه يواجهها، وذلك إثر وصول سفينة إلى عدن تحمل أموالا.
وحول العملة التي وصلت على متن سفينة صينية إلى ميناء الحاويات في العاصمة المؤقتة عدن، أصدر البنك المركزي اليمني بيانا قال فيه إن «هذه الستة والثلاثين مليار ريال (يمني) ملكية البنك المركزي اليمني، ومن المبالغ التي تم طباعتها في روسيا بموجب اتفاق رسمي بين البنك المركزي اليمني وشركة (غونزاك) (Goznak) الروسية، (...) فكيف تهرب حكومة شرعية أموالا وهي صاحبة السيادة».
وأضاف البيان الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ): «تم إفراغ السفينة ونقل المبالغ المالية إلى البنك المركزي اليمني، وبعدها خرج من يشكك في البنك المركزي والحكومة الشرعية، ونؤكد أن كل ذلك لن يثني الحكومة عن القيام بمسؤولياتها الوطنية والأخلاقية والتاريخية في هذه المرحلة الاستثنائية الصعبة، ومثلما اجتزنا محطات أصعب وأكثر خطورة سنتجاوز حتما بتضافر جميع أبناء الشعب اليمني المعضلات والتحديات القائمة، يساندنا ويدعمنا في ذلك الأشقاء الأوفياء في دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ومساندة فاعلة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وتوجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.