وساطة أميركية للتفاوض بين بغداد وأربيل

TT

وساطة أميركية للتفاوض بين بغداد وأربيل

تناقلت وسائل إعلام كردية محلية أنباء عن وساطة أميركية بين بغداد وأربيل بهدف دفعهما نحو استئناف المفاوضات لحل المشكلات العالقة بينهما، في وقت قالت فيه نائبة كردية بالبرلمان العراقي: «إن رئيس الوزراء حيدر العبادي لا يريد التفاوض مع التشكيلة السابقة لوفود الإقليم وحسب، بل يصر على إشراك بقية الأحزاب السياسية الرئيسية بالإقليم في الوفد الكردي المنتظر إرساله إلى بغداد خلال الفترة المقبلة».
ورغم أن حكومة الإقليم، وعلى لسان متحدثها الرسمي سفين دزه يي، قد أكدت أنه ليس هناك جديد فيما يتعلق بإرسال الوفد الكردي إلى بغداد للتفاوض مع الحكومة الاتحادية، وأنها ما زالت بانتظار ورود الرد الرسمي من حكومة العبادي باستعدادها لاستقبال الوفد، أشارت مصادر إعلامية كردية إلى أن «حكومة الإقليم طلبت من السفارة الأميركية ببغداد التدخل، من أجل دفع الحكومة الاتحادية لقبول التفاوض مع حكومة الإقليم، ورفع الشروط التي تفرضها الحكومة الاتحادية، وفي مقدمتها إلغاء الاستفتاء الذي أجري في شهر سبتمبر (أيلول) المنصرم».
من جهتها، أكدت سروة عبد الواحد، رئيسة كتلة التغيير بمجلس النواب العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من بغداد أن «أي موعد لم يحدد بعد لإرسال الوفد الكردي إلى بغداد للتفاوض، إذ إن الحكومة الاتحادية ما زالت عند موقفها بضرورة تغيير التشكيلة السابقة لوفود الإقليم، وألا يقتصر التمثيل فقط على أطراف الحكومة المحلية، بل يجب إشراك جميع القوى السياسية الرئيسية بالوفد، وهذا شرط من شروط الحكومة الاتحادية».
وأضافت أن رئيس الوزراء العراقي يرى أن الأولوية المطلوبة من حكومة الإقليم هي تأمين توافق داخلي لتركيبة الوفد، بحيث يمثل جميع القوى السياسية، وأن يكون ضمن الوفد قيادات فاعلة تمتلك صلاحيات سياسية واقتصادية وأمنية كاملة، لتنفيذ أي اتفاق سيتمخض عن المفاوضات المقبلة، وكذلك حل الخلافات والمشكلات الداخلية بالإقليم قبل توجه أي وفد إلى بغداد، على شرط ألا يكون الوفد من الأشخاص السابقين أنفسهم.
وأشارت رئيسة كتلة التغيير إلى أن العبادي يقول إنه «إذا اتفقنا مع الوفد القادم حول وضع قوات البيشمركة، فيجب أن يكون ضمن الوفد قيادات البيشمركة التي لديها السلطة على تلك القوات، وذلك لضمان تنفيذ الاتفاقات الأمنية والعسكرية».
وفي سياق متصل، أشارت مصادر في رئاسة الجمهورية إلى أن الرئيس العراقي، الدكتور فؤاد معصوم، الذي يزور حالياً إقليم كردستان، ومن المؤمل أن يلتقي بقيادات الاتحاد الوطني، ثم يزور أربيل للقاء قياداتها السياسية سيبذل بدوره جهوداً «من أجل حث القيادات الكردية لدخول المفاوضات، وحل المشكلات القائمة، وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها».
وترى أوساط نيابية ببغداد أن انفراجاً قد يحصل في غضون الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً لجهة «زيادة حصة إقليم كردستان من الموازنة العامة، حيث هناك توجهات لدى الحكومة الاتحادية لزيادة الحصة المثبتة في مشروع قانون الميزانية للعام القادم، من 12.67 إلى 15 أو 17 في المائة، مثلما كانت الحصة في السنوات السابقة، وهذا سيزيل كثيراً من العقبات أمام استئناف المفاوضات، والتوصل إلى حلول مرضية للجميع».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.