بريطانيا تنفي وجود أطماع لها في ليبيا... وتجدد دعمها للمؤسسات السياسية

الجيش يعلن «الهلال النفطي» منطقة عسكرية

TT

بريطانيا تنفي وجود أطماع لها في ليبيا... وتجدد دعمها للمؤسسات السياسية

جددت بريطانيا تأكيدها أنها «لا تدعم أشخاصاً بأعينهم» في ليبيا، مشددة على ضرورة «توحيد جميع المؤسسات»، في البلد الذي يعاني انقساماً سياسيا حاداً، في وقت أعلن فيه الجيش الوطني الليبي منطقة تضم حقولاً نفطية كبيرة، منطقة عسكرية مغلقة.
وحذر العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة، من «الوجود في منطقة السدرة، الواقعة شمال شرقي ليبيا، منعاً باتاً إلا بإذن من غرفة عمليات سرت الكبرى»، وأعلنها منطقة عسكرية، موضحاً أن هذه المنطقة تقع «جنوب خليج السدرة حتى الجبال السوداء، بما فيها مواقع الحقول النفطية».
وحذر المسماري في بيان نشره عبر صفحته على «فيسبوك» مساء أول من أمس بأن «الجيش سوف يدمر أي هدف يوجد داخل حدود المنطقة المعلن عنها، والغرفة تخلي مسؤوليتها عن أي خسائر أو أضرار نتيجة القصف الجوي».
وشهدت منطقة الهلال النفطي معارك عدة، آخرها كان مطلع مارس (آذار) الماضي بين ما يسمى بـ«سرايا الدفاع عن بنغازي»، وقوات الجيش الليبي التابعة لحفتر، أسفرت عن بسط القوات المسلحة سلطاتها على حقول النفط في تلك المنطقة.
وفسر المحلل الليبي فوزي الحداد هذا التحذير الصادر عن الجيش الليبي، «بأنه يستهدف لفت أنظار العالم بأن القائد العام للقوات المسلحة رقم لا يستهان به في أي عملية سياسية، ولا يمكن تخطيه».
وأضاف الحداد لـ«الشرق الأوسط» أن «سيطرة الجيش على الأرض لا يمكن أن تتم بعيداً عن بسط نفوذه على حقول النفط، وإبعاد الكيانات الإرهابية، ما يجعله دائما حاضرا في أي تسوية سياسية في البلاد».
في غضون ذلك، يشارك محمد سيالة، المفوض بمهام وزير الخارجية في حكومة الوفاق الوطني، في القمة الرابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز. وقال المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية أمس إن المنتدى يهدف دعم الحقوق السيادية للدول الأعضاء بالمنتدى، ويعمل على الارتقاء بالحوار ما بين منتجي الغاز الطبيعي والدول المستهلكة للغاز.
وقال بيتر ميليت، سفير بريطانيا لدى ليبيا، إن بلاده «تدعم المؤسسات السياسية والأمنية والاقتصادية في ليبيا والمعترف بها من قبل المجتمع الدولي»، مرحباً «بأي إجراءات لتوحيد تلك المؤسسات، وفي مقدمتها المصرف المركزي، وذلك بهدف تجنيب البلاد الانقسام».
وأضاف ميليت في حوار تلفزيوني، مساء أول من أمس، أن «قرار إصلاح المؤسسات يبقى في يد الليبيين أنفسهم، وعلى المجتمع الدولي تقديم المساعدة لمؤسسات الدولة»، لافتاً إلى أن وفداً عالي المستوى من شركات بريطانية وصل تونس الأسبوع الماضي لعقد لقاءات مع ممثلي الشركات في ليبيا قصد «بحث كيفية تحسين ظروف الشعب الليبي من خلال التنسيق والتعاون التجاري». وقال إنه سبق له أن تحدث عن الفساد في ليبيا بشكل عام بكل المناطق، وخاصة «الشبكات الإجرامية»، موضحا أنه يعتبر الهجرة غير الشرعية «مشكلة كبيرة في البلاد، والحكومة البريطانية قدمت مساعدات إنسانية للنازحين والمهاجرين الليبيين بقيمة 7 ملايين جنيه إسترليني، وخلال هذا العام لدينا برامج بقيمة 12 مليون جنيه بالتنسيق مع المجتمع الدولي».
وردا على تساؤل بأن بريطانيا تريد موطئ قدم في مدينة برقة، وفرنسا تريد فزان، وإيطاليا تريد طرابلس، في إِشارة إلى الأقاليم التاريخية الثلاثة، قال ميليت بنبرة حازمة: «هذا غير صحيح.. فترة الإمبراطورية انتهت، ويجب أن نحترم السيادة والوحدة الليبية، ولا مصلحة لدينا في وجود بلاد منقسمة، ونحن نريد مساعدة الليبيين للوصول إلى تسوية جديدة. لكن القرار يعود لهم».
في غضون ذلك، وفي إطار المكايدات السياسية، قالت الحكومة المؤقتة في البيضاء (شرق البلاد) «إن مجلس الوزراء يتابع بقلق بالغ الانتهاكات الخطيرة في ملف حقوق الإنسان في بعض مناطق غرب البلاد، خاصة فيما يتعلق بأوضاع المهاجرين، الذين فشلوا في عبور البحر المتوسط باتجاه أوروبا».
وأضافت الحكومة في بيان أمس أن ما جرى بثه من تقارير حول المهاجرين «أظهر سوق النخاسة في مناطق نفوذ ما يسمى بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المرفوضة، والجماعات التي تعمل في إطار هذا المجلس المدعوم من الغرب»، وأكدت أن «مناطق سيطرة الحكومة المؤقتة، التي تمثل معظم مساحة البلاد، لم تعرف تسجيل حالة واحدة لعبور البحر الأبيض المتوسط، كما أن مراكز إيواء المهاجرين غير الشرعيين تشرف عليها وزارتا الداخلية والصحة، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية»، محملة المسؤولية التامة للمجلس الرئاسي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».