مسودة البيان الختامي لمؤتمر الرياض

TT

مسودة البيان الختامي لمؤتمر الرياض

عقد في مدينة الرياض في الفترة ما بين 22 - 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي المؤتمر الثاني لقوة الثورة والمعارضة السورية، شارك فيه ممثلون عن هيئات المعارضة والثورة والمستقلين والقوى العسكرية، وشخصيات من المجتمع المدني والمجالس المحلية والمجتمعية من جميع مكونات الشعب السوري.
هدف المؤتمر إلى توحيد صفوف قوة الثورة والمعارضة في رؤية مشتركة لحل سياسي بناءً على «جنيف 1 – 2012»، وقراري مجلس الأمن 2118 و2254، والقرارات الدولية ذات الصلة بما يؤسس لمرحلة انتقالية تقود البلاد إلى نظام سياسي ديمقراطي تعددي مدني يحقق العدالة، ويتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات، وينصف ضحايا الاستبداد وجرائم الحرب، ويجمع كل السوريين من جديد في وطنهم الذي يكفل حرياتهم ويصون كراماتهم، ويوحدهم ضد قوى الاستبداد والتطرف والإرهاب، ليعمّ الأمن ويتحقق السلام لكل أبناء الوطن الواحد.
وتمت مراجعة العملية السياسية حتى تاريخه، والتي لم تحقق الغاية المرجوة منها بسبب انتهاكات النظام المستمرة للقانون الدولي، وبعد تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحماية المدنيين السوريين ورفع الحصار عنهم، وضمان وصول الاحتياجات الإغاثية والإنسانية لكافة المناطق التي تحتاج إليها، وإطلاق سراح كافة المعتقلين، وكشف مصير المغيبين قسرياً والمفقودين، والتي تعد من المبادئ الأساسية المتبعة دولياً كإجراءات بناء الثقة لانطلاق مفاوضات هادفة وذات مغزى.
وقد ناقش المشاركون الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، وتبادلوا الآراء في أجواء يسودها الاحترام المتبادل والشعور العميق بمسؤوليتهم التاريخية تجاه الشعب السوري الصامد، وخلصوا إلى التوافق حول القضايا المصيرية التي تواجه سوريا. أكد المجتمعون على تمسكهم بوحدة الأراضي السورية وسلامتها، وسيادة الدولة المنشودة على كامل أراضيها، وعدم اقتطاع أي جزء منها أو التخلي عنها، كما عبّروا عن التزامهم بأن سوريا دولة متعددة القوميات والثقافات، يضمن دستورها الحقوق القومية لكافة المكونات من عرب وكرد وتركمان وسريان آشوريين وغيرهم، بثقافاتهم ولغاتهم على أنها لغات وثقافات وطنية تمثل خلاصة تاريخ سوريا وحضارتها، واعتبار القضية الكردية جزءاً من القضية الوطنية السورية، وضرورة إلغاء جميع السياسات التمييزية والاستثنائية التي مورست بحقهم وإعادة الجنسية للمجردين والمكتومين من أبنائهم.
كما عبر المشاركون عن التزامهم بأن تكون سوريا دولة ذات نظام حكم ديمقراطي على مبدأ اللامركزية الإدارية، غنية بتنوعها القومي والديني والطائفي تحترم المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وتعتمد مبدأ المواطنة المتساوية ونظام حكم يمثل كافة أطياف الشعب السوري دون تمييز أو إقصاء على أساس الجنس أو الطائفة أو العرق، ويرتكز على مبادئ المواطنة، وحقوق الإنسان والشفافية والمساءلة والمحاسبة وسيادة القانون على الجميع.
وتعهد المجتمعون الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية وإصلاحها، مع وجوب إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية وضمان حقوق العاملين فيها. وأكدوا على أن مؤسسات الدولة السورية الشرعية والتي يختارها الشعب السوري عبر انتخابات حرة ونزيهة، هي من سيكون لها حصراً حق حيازة السلاح واستخدامه.
كما شددوا على رفضهم ومحاربتهم للتطرف والإرهاب بكافة أشكاله ومصادره، والتدخلات الإقليمية والدولية، وبخاصة الدور الإيراني في زعزعة أمن المنطقة واستقرارها، وإحداث تغييرات ديموغرافية فيها، ونشر الإرهاب بما في ذلك إرهاب الدولة وميليشياتها الأجنبية والطائفية. كما جددوا رفضهم وجود جميع المقاتلين الأجانب على الأراضي السورية، وطالبوا بجلاء القوات الأجنبية كافة.
وشدد المجتمعون على أن حل الأزمة السورية هو سياسي، وفق القرارات الأممية ذات الصلة، مع حتمية توفر ضمانات دولية تشمل إجراءات ردع وآليات تنفيذية لهذه القرارات؛ ما يضمن التزام الأطراف كافة بها، وأن عملية الانتقال السياسي في سوريا مسؤولية السوريين والمجتمع الدولي. أكد المجتمعون على مبدأ المساءلة والمحاسبة على ما ارتُكب ويُرتَكب من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين وفق مبادئ العدالة الانتقالية.
اتفق المشاركون على أن هدف التسوية السياسية هو تأسيس دولة ديمقراطية تقوم على مبدأ المواطنة المتساوية، ما يمكّن السوريين من صياغة دستورهم دون تدخل، واختيار قياداتهم عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة يشارك فيها السوريون داخل سوريا وخارجها تحت إشراف الأمم المتحدة، ضمن آلية تصون حقهم في مساءلة تلك القيادات ومحاسبتها، وتحقيق عملية انتقال سياسي جذرية تشارك فيها المرأة بنسبة لا تقل عن 30 في المائة. ولا يحق أن يشارك في ترتيبات سياسية قادمة من ثبت مشاركته في جرائم حرب ضد السوريين.
أكد المجتمعون أن المفاوضات المباشرة غير المشروطة تعني أن الموضوعات كافة تطرح وتناقش على طاولة المفاوضات، ولا يحق لأي طرف أن يضع شروطاً مسبقة، ولا تعتبر المطالبة بتنفيذ ما ورد في القرارات الدولية شروطاً مسبقة، أو يمنع طرح ومناقشة جميع الموضوعات، بما فيها شكل الحكم ونظامه وصلاحيات سلطاته ومسؤوليه، وموقع رئاسة الجمهورية والحكومة، وغيرها.
كما شدد المؤتمرون على المحافظة على سقف مواقف قوة الثورة والمعارضة التفاوضية التي حددتها تضحيات الشعب السوري التي لا يمكن التفريط بها على الإطلاق، وذلك وفق ما نص عليه بيان «جنيف 1» بخصوص «إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تهيئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية»، و«أن من الجوهري الحرص على تنفيذ العملية الانتقالية على نحو يكفل سلامة الجميع في جو من الأمن والاستقرار والهدوء». وقد أكد المجتمعون بأن ذلك لن يحدث دون مغادرة بشار الأسد وزمرته ومنظومة القمع والاستبداد عند بدء المرحلة الانتقالية.
ورغم ذلك طالب المجتمعون الأمم المتحدة، وعبر ممثلها، باتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لتفعيل العملية السياسية، وتصويب مسار جنيف التفاوضي، وذلك بالدعوة إلى مفاوضات مباشرة غير مشروطة بين وفد قوة الثورة والمعارضة الموحد، ووفد ممثلي النظام السوري بوضع جدول أعمال يستند إلى بيان «جنيف 1» الصادر بتاريخ 30 يونيو (حزيران) 2012، والقرارات الدولية ذات الصلة، ولا سيما القرارات 2118 و2254 و262-67، وتعتبر هذه القرارات مرجعية وحيدة للتفاوض، برعاية وضمانة الأمم المتحدة.
طالب المشاركون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتنفيذ بنود قرارات مجلس الأمن والعمل الفوري والجاد لتطبيق القرارات الخاصة لإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، وفك الحصار عن المناطق المحاصرة، والسماح بوصول قوافل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وتمكين اللاجئين والنازحين من العودة إلى منازلهم وأراضيهم التي هجروا منها، وتطبيق اتفاقيات خفض التصعيد بشكل فعلي وحازم، ووقف الخروقات التي يرتكبها النظام وحلفاؤه، وشددوا على أن تلك الاتفاقيات، إن لم تترافق مع مساع جادة للتوصل إلى حل سياسي عادل، ستؤدي إلى تطور الصراع إلى أشكال أخطر؛ ما يؤدي إلى عودة الإرهاب وانتشاره في المنطقة.
اتفق المشاركون على أن المؤتمر الثاني في الرياض وبيانه الختامي هو المرجعية الوحيدة للهيئة العليا للمفاوضات، وتشكل الهيئة العليا للمفاوضات متجمعة الوفد التفاوضي الموحد في بنيته ومواقفه بهدف التفاوض مع ممثلي النظام، على أن يسقط حق كل عضو في الهيئة التفاوضية المشاركة في هيئة الحكم الانتقالي أو المؤسسات المنبثقة عنها.
أعرب المشاركون في الاجتماع عن قبولهم ودعمهم دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في الإشراف على وقف إطلاق النار، وحفظ السلام، وفي رعاية العملية السياسية، ومطالبتهم بتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية. أقر المشاركون في ختام الاجتماع الهيكل التنظيمي، واللائحة الداخلية لهيئة المفاوضات وقاموا بتسمية ممثليهم إليها في دورتها الحالية لتتولى مهام اختيار الوفد التفاوضي، حيث سيشكل مرجعية المفاوضين وفق المحددات التي أقرها المؤتمرون. وجّه المشاركون جزيل الشكل والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، وحكومة المملكة وشعبها على استضافتهم المؤتمر؛ وذلك استمراراً لجهودها ودعمها الدائم للشعب السوري لتحقيق آماله وتطلعاته في الحرية والكرامة.
«الرحمة للشهداء، والحرية للمعتقلين، والشفاء العاجل للجرحى، والنصر لثورتنا المباركة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».