قالت صحيفة الـ«تايمز» البريطانية معلقة على الحكم الذي صدر أول من أمس بحق القائد العسكري الصربي السابق راتكو ملاديتش: «نأمل أن يكون في إدانة ملاديتش (والحكم عليه بالسجن مدى الحياة) بعض العزاء لأسر ضحاياه».
ورأت الصحيفة أمس أنه على السياسيين الغربيين استخلاص العبر من هذه المحاكمة التي جرت أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، واتهمت الحكومات الغربية بأنها تأخرت في فهم حقيقة أن صراع البوسنة لم يكن ببساطة إعادة إحياء كراهية قديمة؛ «بل اعتداء في شكل إبادة جماعية لسكان مأسورين لم يمتلكوا إمكانية للدفاع عن النفس». وقالت الصحيفة إن «جرائم مشابهة لتلك التي ارتكبها ملاديتش تحدث في ظل النظام المنحرف للرئيس بشار الأسد في سوريا»، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وشددت الصحيفة على «ضرورة بقاء المعاناة البوسنية في الذاكرة». وقالت إن الغرب يحتاج في سبيل منع وقوع جرائم إبادة عرقية في صراعات أخرى، إلى وسائل دبلوماسية وقانونية مدعومة من وقت لآخر بالتهديد باستخدام القوة «لردع أولئك الذين يمكن أن يرتكبوا مثل هذه الفظائع».
وأصدرت محكمة أممية في لاهاي أول من أمس حكما بالسجن مدى الحياة بحق جنرال صرب البوسنة راتكو ملاديتش وأدانته بالتورط في مذبحة سريبرينيتسا عام 1995 التي شهدت قتل الآلاف من مسلمي البوسنة، فضلا عن جرائم حرب أخرى.
كما أدانت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ملاديتش (75 عاما) بجرائم تشمل القصف والقنص في سراييفو والقتل والاضطهاد والتعذيب. وبرأت المحكمة ملاديتش من تهمة واحدة من 11 تهمة وجهت إليه، وهي الإبادة الجماعية في مناطق أخرى.
وقال محامي الدفاع عن ملاديتش ونجله في مؤتمر صحافي في لاهاي إنه سيطعن على الحكم.
وقد تم طرد ملاديتش من قاعة المحكمة خلال القراءة التمهيدية للحكم حيث صاح: «أكاذيب... أنتم تكذبون»، موجها حديثه للقضاة بكلمات بذيئة.
وعند هذه المرحلة، حاول فريق الدفاع وقف قراءة الحكم، الذي يجسد تفاصيل مروعة للفظائع التي اتهم ملاديتش بارتكابها، بداعي معاناته من مشكلات صحية، إلا أن القاضي الذي يرأس الجلسة ألفونس أوري رفض الطلب.
ويعد الحكم بالإبادة الجماعية في سريبرينيتسا، وقتل نحو 8 آلاف رجل وصبي من مسلمي البوسنة، هو الحكم الثالث الذي يصدر ضد قادة صرب البوسنة، حيث اتهم آخران بالمساعدة في ارتكاب الإبادة.
ومع انتهاء عمل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في ديسمبر (كانون الأول)، بعد 24 عاما من تأسيسها من جانب الأمم المتحدة، فإن طعن ملاديتش على الحكم، ستنظر فيه آلية المحاكم الجنائية الدولية.
وتعد المحاكمة، التي امتدت على مدار 22 عاما بين الاتهام والحكم، من بين أكبر الأحداث القضائية في التاريخ الحديث، حيث إنها تمثل مواجهة لأسوأ الفظائع في أوروبا منذ محرقة الهولوكوست.
وعين ملاديتش ضابطا مهنيا في الجيش الشعبي اليوغوسلافي لتولي قيادة القوات الصربية بعد اندلاع الحرب في أعقاب انفصال البوسنة.
يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، التي تأسست عام 1993 في لاهاي للتعامل مع الجرائم الكبرى في الحروب اليوغوسلافية، وجهت الاتهام لملاديتش ورئيسه السياسي رادوفان كاراديتش عام 1995 بعد مذبحة سريبرينيتسا في يوليو (تموز) من ذلك العام.
صحيفة بريطانية: جرائم نظام الأسد مشابهة لمجازر ملاديتش
صحيفة بريطانية: جرائم نظام الأسد مشابهة لمجازر ملاديتش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة