الصومال يكشف أن الضربة الأميركية ضد «الشباب» تمهّد لـ«هجوم بري»

TT

الصومال يكشف أن الضربة الأميركية ضد «الشباب» تمهّد لـ«هجوم بري»

أعلنت الحكومة الصومالية، أمس، أنها هي من طلب من الأميركيين تنفيذ غارة يُزعم أنها أودت بحياة ما لا يقل عن مائة من عناصر حركة الشباب، مشيرة إلى أن الغارة يُفترض أنها ستمهد لهجوم بري تشنه القوات الحكومية. لكن جماعة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، نفت حصول الهجوم الذي كانت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) أول من أعلن عنه يوم الثلاثاء (أول من أمس)، حين كشفت أنها نفّذت ضربة جوية على معسكر يقع على بعد مائتي كيلومتر شمال غربي العاصمة مقديشو، مما أدى إلى مقتل أكثر من مائة من المتمردين.
وقال وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن عمر عثمان لـ«رويترز»: «كان هؤلاء المتشددون يعدون متفجرات وهجمات. جرى تكثيف العمليات ضد حركة الشباب». وأضاف: «طلبنا من الولايات المتحدة مساعدتنا من الجو لجعل هجومنا البري أكثر نجاحاً».
ونفى عبد العزيز أبو مصعب المتحدث باسم «الشباب» وقوع الضربة الجوية. وقال لـ«رويترز»: «إنها مجرد... دعاية». وأصدرت حركة الشباب بيانا أيضا نفت فيه وقوع الهجوم الجوي الذي تحدث عنه الأميركيون.
وإذا ما كان نفي «الشباب» صحيحاً، فإنه يفتح المجال أمام تكهنات بأن الضربة الأميركية استهدفت جماعة متشددة أخرى ناشطة في الصومال، علما بأن الطائرات الأميركية استهدفت في الفترة الماضية فرع «داعش» في الصومال بالإضافة إلى فرع «القاعدة» المحلي (حركة الشباب). وأشارت «رويترز» إلى أن الولايات المتحدة كثّفت عملياتها في الصومال خلال العام الجاري بعدما خفف الرئيس دونالد ترمب قواعد الاشتباك في مارس (آذار). ولفتت الوكالة إلى أن «أفريكوم» أعلنت تنفيذ ثماني ضربات من مايو (أيار) حتى أغسطس (آب) هذا العام مقابل 13 ضربة في عام 2016 بأكمله. وبإضافة الضربة الجوية التي نفذتها يوم الثلاثاء (أول من أمس) تكون القيادة أعلنت عن شن خمس ضربات في الصومال في الشهر الحالي وحده.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن الجيش سيواصل استهداف المتشددين بضربات بالتنسيق مع الحكومة الصومالية.
وأشارت «رويترز»، إلى أن «حركة الشباب» فقدت السيطرة على معظم مدن وبلدات الصومال منذ طردها من مقديشو في عام 2011 على أيدي قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي والقوات الصومالية المدعومة منها. لكن الحركة تحتفظ بوجود قوي في أجزاء من جنوب الصومال ووسطه.
ولاحظت «رويترز» أن الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد فرماجو، الذي يحمل الجنسيتين الصومالية والأميركية، انتهج نهجا أكثر تشددا في مواجهة الحركة مقارنة بسلفه منذ أن أدى اليمين في وقت سابق من العام الجاري. لكن ضعف الجيش الصومالي والصراعات السياسية الداخلية عرقل خططه مراراً.
إلى ذلك، قدم الرئيس الصومالي فرماجو التهنئة إلى موسى بيحي عبدي الفائز بنتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا في «أرض الصومال»، كما تعهد له بتعزيز المفاوضات بين الدولة الفيدرالية وإدارة أرض الصومال من أجل استعادة ثقة الشعب، وفق ما أعلنه مكتب فرماجو. وكانت لجنة الانتخابات الوطنية في إدارة أرض الصومال أعلنت مساء أول من أمس أن الرئيس الجديد المنتخب للأعوام الخمسة المقبلة في الانتخابات التي أجريت الأسبوع الماضي، هو موسى بيحي عبد ونائبه عبد الرحمن زيلعي من حزب «كلمي» الحاكم. وتم إعلان النتيجة في احتفال رسمي غاب عنه أعضاء حزب «وطني» المعارض الذي سبق وأن وصف الانتخابات بأنها مزورة.
وحصل الحزب الحاكم بزعامة بيحي على 55.9 في المائة من أصوات الناخبين في التصويت الذي بلغت نسبة الإدلاء بالأصوات فيه 80 في المائة، بينما صوت 40.73 في المائة فقط لصالح غريمه مرشح حزب «وطني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».