الفصائل الفلسطينية تجتمع في القاهرة لدفع المصالحة قدماً

الحمد الله: الحكومة لن تكون إلا ذراعاً تنفيذية لما سيتم الاتفاق عليه

مسن فلسطيني خارج معبر رفح الحدودي جنوب قطاع غزة يطالب بالسفر للعلاج  أول من أمس  (رويترز)
مسن فلسطيني خارج معبر رفح الحدودي جنوب قطاع غزة يطالب بالسفر للعلاج أول من أمس (رويترز)
TT

الفصائل الفلسطينية تجتمع في القاهرة لدفع المصالحة قدماً

مسن فلسطيني خارج معبر رفح الحدودي جنوب قطاع غزة يطالب بالسفر للعلاج  أول من أمس  (رويترز)
مسن فلسطيني خارج معبر رفح الحدودي جنوب قطاع غزة يطالب بالسفر للعلاج أول من أمس (رويترز)

بدأت في القاهرة، أمس، أعمال أول أيام جلسات المصالحة الفلسطينية الموسعة، بحضور ممثلي 13 حركة وجبهة من داخل وخارج رام الله وقطاع غزة، بهدف بحث آليات تنفيذ اتفاقية «الوفاق الوطني الفلسطيني» الموقعة في عام 2011 بالقاهرة، وسيطر التكتم الشديد على ممثلي الحركات المشاركة في اللقاء.
وأفاد مصدر فلسطيني مطلع على تفاصيل الاجتماع بأن المسؤولين المصريين طلبوا من جميع المشاركين «عدم الإدلاء بتصريحات إعلامية لتجنب تأثيرها على مسار المصالحة»، وفق المصدر. وتستمر جلسات المصالحة على مدار يومين، يتصدرها ممثلو حركة فتح برئاسة عضو اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد، ومن حماس صالح العاروري.
وقال مجلس الوزراء الفلسطيني، الذي يترأسه رامي الحمد الله، إن «التحديات التي تواجهنا تستوجب منا جميعاً التلاحم والتكاتف في هذه المرحلة الحرجة من نضال شعبنا، وتستدعي من الفصائل الفلسطينية كل الارتقاء نحو المصالح العليا لشعبنا، وتسريع خطوات تحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته».
وأكد الحمد الله في بيان رسمي «دعم الحكومة الكامل للفصائل الفلسطينية التي تعقد اجتماعها في القاهرة، وضرورة الوصول إلى اتفاق شامل على الملفات المطروحة كافة»، مشدداً على أن الحكومة «لن تكون إلا ذراعاً تنفيذية لما ستتفق عليه الفصائل، ونجاح الحكومة في تنفيذ مهامها واضطلاعها بمسؤولياتها يستدعي بسط سيطرتها وولايتها القانونية الكاملة في قطاع غزة، وإيجاد حلول جذرية واضحة للقضايا الأمنية والمالية والمدنية والإدارية الناجمة عن الانقسام، وأن تسلم المؤسسات والمعابر سيبقى منقوصاً ما لم يتم تمكين الحكومة بشكل فعلي، وتسلمها لمهامها كاملة».
من جهته، أكد جميل مزهر، القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الاجتماعات بدأت بالفعل، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
لكن مصادر مطلعة أوضحت أن مسؤولي الفصائل الفلسطينية سيبحثون في القاهرة على الخصوص سبل تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة حتى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
وسيطرت حماس على غزة منتصف عام 2007، بعد أن طردت عناصر فتح الموالين للرئيس الفلسطيني محمود عباس من القطاع، إثر اشتباكات دامية.
ويضم وفد حماس، الذي يرأسه صالح العاروري نائب رئيس الحركة، يحيى السنوار نائب رئيس حماس في قطاع غزة، ونائبه خليل الحية وصلاح البردويل من غزة، وحسام بدران عضو المكتب السياسي. أما وفد حركة فتح، الذي يرأسه عزام الأحمد، فيضم روحي فتوح وحسين الشيخا، ومدير المخابرات العامة ماجد فرجا، الذين غادروا من الضفة الغربية عبر جسر الأردن.
وبموجب الاتفاق الذي تم توقيعه في القاهرة، سيسعى الطرفان أيضاً إلى تشكيل حكومة وفاق، بينما يمكن لحماس أن تنضم في نهاية المطاف إلى منظمة التحرير الفلسطينية، الشريك التفاوضي الرئيسي لإسرائيل في محادثات السلام. لكن إسرائيل ربطت الحوار مع أي حكومة وحدة وطنية فلسطينية بقطع حماس علاقاتها مع إيران، العدو اللدود للدولة العبرية.
ويشكل الانقسام الفلسطيني واحدة من العقبات الرئيسية في طريق السلام. فعودة السلطة الفلسطينية، الجهة المحاورة لإسرائيل، إلى غزة يمكن أن يفتح آفاق تسوية. وقد أنجزت حماس في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي خطوة مهمة عبر تسليم السلطة مسؤولية المعابر مع إسرائيل ومصر، لكن الرئيس محمود عباس لم يرفع حتى الآن العقوبات المالية التي فرضها في الأشهر الماضية لإجبار حماس على التراجع، وهو ما ينتظره سكان غزة بفارغ الصبر. كما أن قضيتي الإشراف الأمني ومصير الجناح العسكري لحماس ما زالتا عالقتين.
وتستبعد السلطة الفلسطينية تولي المسؤوليات المدنية في غزة قبل أن تتسلم الأمن. وقالت الحكومة، في بيان الأحد، إنه «لا يمكن لها أن تقوم بمهامها ومسؤولياتها استناداً إلى القانون الأساسي والقوانين ذات العلاقة النافذة الصادرة أصلاً عن رئيس دولة فلسطين، إلا بتمكينها من بسط سيادتها وولايتها القانونية في كل المجالات الأمنية والمدنية».
وفي هذا السياق، قال باسم نعيم القيادي في حماس، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «تسليم السلاح والاعتراف بإسرائيل غير واردين»، متوقعاً أن تتجاوز مناقشات القاهرة قضية الأمن «لتتركز على إجراءات عملية، خصوصاً في المجال المدني والحكومة». ويرى محللون أن الحركتين حالياً تصران على المضي قدماً في المصالحة، رغم العراقيل.
وبهذا الخصوص، يقول غرانت روملي، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها الولايات المتحدة، إن «إشارة النجاح هي عدم انهيار» المصالحة، مشيراً إلى أنه لا يتوقع أن تفضي هذه المحادثات في القاهرة إلى أمور كبيرة، وأن «الجانبين سعيدان بوقف إطلاق النار السياسي»، معتبراً أن «السلطة الفلسطينية تسيطر حالياً على بعض المهام في غزة وبعض الوزارات». لكنه أشار إلى وجود «قضايا شائكة»، وقال إن «الجانبين يريان بعض الفائدة في عدم التسرع بإجراء محادثات عن ذلك». بدوره، يرى المحلل السياسي أسعد أبو شرخ أن الحركتين «تصران على المصالحة للمرة الأولى، لكن إسرائيل لا تريد المصالحة، ويمكن أن توتر الأوضاع من خلال التصعيد في قطاع غزة».
وحددت إسرائيل والولايات المتحدة شروطهما للتعامل مع حكومة وحدة وطنية، وهي: الاعتراف بإسرائيل، والتخلي عن العنف، ونزع سلاح حماس.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد حذر مراراً من أنه «لن أقبل، ولن أنسخ أو أستنسخ تجربة (حزب الله) في لبنان»، مشيراً إلى سلاح حركة حماس.
وصرح موسى أبو مرزوق، القيادي في حماس، في تغريدة على موقع «تويتر»، بأن «النقطة الأولى على جدول أعمال الحوار الفلسطيني أن (حزب الله) اللبناني ليس منظمة إرهابية، وإن مضى ذلك التصنيف، فنحن جميعاً إلى المصير نفسه».

محطات على طريق الانقسام والمصالحة
2006 في 26 من يناير (كانون الثاني) فازت حركة «حماس» رسمياً بـ76 مقعداً في المجلس التشريعي الفلسطيني، بينما حققت «فتح» 43 مقعداً، من أصل 132 مقعداً بالمجلس، وبعد نحو شهرين شكلت الحركة صاحبة الأغلبية حكومتها برئاسة إسماعيل هنية، وفي ديسمبر (كانون الأول) بدأت الاحتكاكات العنيفة والمسلحة بين عناصر الحركتين استمرت لنحو شهرين، وأسفرت عن سقوط عشرات الضحايا ومئات الجرحى.
2007 في الثامن من فبراير (شباط)، وقع الرئيس محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، آنذاك، خالد مشعل، في الرياض (وثيقة مكة)، التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لإنهاء الاقتتال الفلسطيني، والتي نصت على تشكيل حكومة وحدة وطنية من «فتح» و«حماس»، غير أن الاقتتال الداخلي عاد للانفجار بعد أشهر معدودة، وقرر أبو مازن إقالة حكومة إسماعيل هنية في يونيو (حزيران)، وكلف سلام فياض بتشكيل الحكومة، ورفضت «حماس» الاعتراف بالقرار، وبسطت سيطرتها على قطاع غزة، بعد أن دخل مسلحون من الحركتين في مواجهات دامية.
2008 وقع ممثل حركة «فتح» عزام الأحمد، ونظيره في «حماس» موسى أبو مرزوق في العاصمة اليمنية صنعاء، في مارس (آذار) وثيقة للمصالحة عُرفت باسم «المبادرة اليمنية»، ونصت على «وحدة الوطن الفلسطيني أرضا وشعبا وسلطة واحدة»، وعودة الأوضاع إلى ما قبل سيطرة «حماس» على إدارة قطاع غزة، غير أن الخلافات دبت بشأن تنفيذها.
2009 طرحت القاهرة المبادرة المعروفة باسم «الورقة المصرية» في أكتوبر (تشرين الأول)، وأنتجتها 5 لجان رئيسية تضمنت «المصالحة، الحكومة، الأمن، الانتخابات، المنظمة»، ونصت على «تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس يتم التراضي عليها بحيث تضم جميع الفصائل الفلسطينية»، ولاقت تلك المبادرة موافقة «فتح»، فيما طلبت «حماس» وفصائل أخرى مهلة للتوقيع، وتم إرجاء الخطوة لأكثر من مرة.
2010 استؤنف التفاوض من أجل المصالحة بين الحركتين الأبرز في المشهد الفلسطيني في سوريا بشكل خافت، وتزامن مع توتر في العلاقات بين أبو مازن والرئيس السوري بشار الأسد، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من العام ذاته، التقى ممثلون للفصيلين لبحث إتمام المصالحة، غير أن ذلك لم يثمر عن نتائج ملموسة.
2011 في الرابع من مايو (أيار) وقع ممثلو 13 حركة وجماعة فلسطينية في القاهرة اتفاقية «الوفاق الوطني الفلسطيني»، التي تعد الأبرز في مسيرة المصالحة لتعدد أطرافها، وتنوع أبوابها بين السياسي والأمني والتشريعي، وتعتبرها قيادات فتح وحماس ركيزة ومنطلقاً لجلسات المصالحة التي أعقبتها.
2012 دعت قطر الرئيس عباس، ورئيس المكتب السياسي السابق لحماس خالد مشعل، لتوقيع ما عرف بـ«إعلان الدوحة»، الذي لم يخرج في مجمله عن نص اتفاق القاهرة 2011، وتضمن التأكيد على تنفيذ بنوده، وخاصة بدء عمل لجنة الانتخابات المركزية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.

2013 جرى اجتماع في القاهرة في فبراير، ضم الرئيس عباس ومشعل، وقيادات فصائل فلسطينية أخرى لبحث آليات تنفيذ اتفاق المصالحة، ولم يتمخض الأمر عن شيء بسبب تطورات الأحداث في مصر.
2014 أعلن رئيس وزراء حكومة حماس المقالة إسماعيل هنية، والقيادي الفتحاوي عزام الأحمد في 23 أبريل (نيسان) تنفيذ المصالحة بين الطرفين، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني.
2015 استمر تبادل الاتهامات بين الطرفين، وفي حين قالت السلطة إن «حماس» تتمسك بحكومة موازية، ولا ترغب في التخلي عن السيطرة على القطاعات الأمنية، وبالمقابل اتهمت الأخيرة الحكومة بعدم تحمل المسؤولية عن قطاع غزة.
2016 استضافت الدوحة مرة أخرى جولة من المفاوضات للمصالحة، في يونيو، ولم تنجح في التوصل إلى أي اتفاق، وتبادل الطرفان الاتهامات بالفشل.
2017 قررت «حماس» في شهر مارس، تشكيل ما سمته بـ«اللجنة الإدارية» لتسيير شؤون غزة، وسط استمرار الاتهامات للسلطة الوطنية وحكومة الحمد الله، بعدم تحمل المهام المنوطة بها تجاه سكان القطاع، وتصاعدت معاناة المواطنين من انقطاع الكهرباء والمياه، لكن الحكومة دعت الحركة إلى تسليم المهام كاملة للحكومة الشرعية بغرض تسيير العمل.
وتغير الموقف بشكل كبير بإعلان «حماس» من القاهرة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، وقالت إنها جاءت استجابة للجهود المصرية. وفي أكتوبر وقع عزام الأحمد ممثلاً عن فتح، وصالح العاروري عن حماس وثيقة لتفعيل بنود اتفاق 2011 بمقر المخابرات العامة المصرية، مع دعوة الفصائل الفلسطينية كافة الموقعة على الاتفاقية لجولة موسعة في الشهر الجاري.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.