مشروع قانون أمام البرلمان التونسي لمنع تجريم شباب الثورة

تضارب التصريحات بشأن عقد المؤتمر التأسيسي لـ«حركة نداء تونس»

مشروع قانون أمام البرلمان التونسي لمنع تجريم شباب الثورة
TT

مشروع قانون أمام البرلمان التونسي لمنع تجريم شباب الثورة

مشروع قانون أمام البرلمان التونسي لمنع تجريم شباب الثورة

ينظر المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) اليوم الاثنين في مشروع قانون يمنع تجريم شباب الثورة التونسية أو تعرضهم لمتابعات قضائية على خلفية مهاجمة مقرات أمنية ومؤسسات حكومية خلال الأيام التي سبقت الإطاحة بنظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.

وقالت بثينة الزغلامي، القيادية في حركة النهضة، ورئيسة لجنة شهداء وجرحى الثورة التونسية في البرلمان، إن لجنة التوافقات داخل المجلس التأسيسي (البرلمان) توصلت إلى اتفاق يمنع تجريم شباب الثورة ومحاكمتهم على خلفية حرق مراكز أمن خلال الفترة ما بين 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010 و14 يناير (كانون الثاني) 2011 بعد أن أدت تلك الاحتجاجات الاجتماعية التلقائية إلى الإطاحة بالنظام السابق. وتنظر لجنة التوافقات التي تضم ممثلين عن الأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان، في القضايا الخلافية، التي تظهر بين فترة وأخرى، حول وجهات النظر بين الطرفين السياسيين قبل عرضها على التصويت داخل المجلس التأسيسي.

وبررت الزغلامي خيار تبرئة شباب الثورة، في تصريح لوسائل الإعلام التونسية بأن ما حدث كان «حراكا ثوريا وتحركات صلب الثورة التونسية» وأنه لا يمكن عدهما أعمالا إجرامية مجردة.

وأشارت الزغلامي إلى عرض هذا المقترح ضمن قانون على أنظار المجلس التأسيسي بداية من اليوم الاثنين لمناقشته والتصديق عليه في نطاق قانون العدالة الانتقالية، وعدت الأمر «خطوة إضافية في اتجاه فض ملف شهداء وجرحى الثورة التونسية». ومن المنتظر أن يضع هذا القانون حدا للجدل الدائر بشأن اتهام فئة من الشباب التونسي بارتكاب أعمال إجرامية تحت غطاء الثورة.

ووفق منظمات حقوقية تونسية، فقد اعتقلت قوات الأمن خلال الآونة الأخيرة قرابة 50 من الشبان المحتجين ممن هاجموا مراكز الأمن في ما بين 17 ديسمبر 2010 و14 يناير 2011. ونفذت قوات الأمن التونسية اعتقالات في صفوف شبان مدن منزل بوزيان، وبئر الحفي، والرقاب، وهي مدن تقع في ولاية (محافظة) سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، على خلفية إحراق مراكز أمن تونسية. ولقيت هذه الخطوة معارضة شديدة من قبل مجموعة من الأحزاب السياسية التونسية من بينها تحالف الجبهة الشعبية وحزبا «المؤتمر من أجل الجمهورية» و«حركة وفاء».

وتوقعت قيادات في الجبهة الشعبية أن تتسع رقعة الاعتقالات لتشمل كبرى المدن التونسية التي عرفت احتجاجات اجتماعية حادة، على غرار القصرين وتونس العاصمة.

وقدم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (هيكل حقوقي مستقل) لائحة تضم 150 شابا على الأقل ينتظرون إلقاء القبض عليهم من قبل وزارة الداخلية بتهمة حرق مراكز أمن إبان الثورة.

من ناحية أخرى، أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس أربع بطاقات إيداع جديدة بالسجن، بحق أربعة متهمين بالإرهاب على علاقة بالخلية الإرهابية المكتشفة في مدنين جنوب شرقي تونس.

وعلى صعيد متصل، ذكرت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» أن تونس أبدت دعمها لخطوة القبض على خالد الشايب المعروف باسم «أبو صخر» في ليبيا، وقالت إنه متهم بذبح ثمانية عسكريين تونسيين في 29 يوليو (تموز) 2013، وإنه كذلك المتهم الأول في عملية قتل أربعة أمنيين في هجوم إرهابي على منزل عائلة وزير الداخلية التونسي يوم الأربعاء الماضي. وأضافت أن تونس قد لا تغامر وتطالب خلال هذه الفترة المتسمة بالتوتر الأمني بتسلم «أبو صخر» من الليبيين.

على صعيد آخر، وبشأن الخلاف الحاصل بين قيادات «حركة نداء تونس» حول عقد المؤتمر التأسيسي للحزب يوم 15 يونيو الحالي، أكد الباجي قائد السبسي رئيس الحركة أن المؤتمر سيعقد في موعده تنفيذا لقرار المكتب التنفيذي، وذهب الأزهر العكرمي، القيادي في الحزب نفسه، إلى أن الهيئة التأسيسية للحزب لم تصدر قرارا بتأجيل المؤتمر، كما صرحت بذلك بعض القيادات السياسية. ويخالف هذا التصريح ما قاله الطيب البكوش الأمين العام لـ«حركة نداء تونس» بأن الباجي قرر تأجيل المؤتمر التأسيسي للحزب إلى وقت لاحق إثر اطلاعه على مختلف المواقف من عقد المؤتمر من عدمه.

ويشير متابعون لواقع العلاقات داخل «حركة نداء تونس»، إلى تضارب المواقف بين القيادات السياسية فيما يشبه «حرب المواقع» قبل أشهر قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وظهرت الخلافات على السطح بعد إسقاط الفصل 167 من القانون الانتخابي الذي منح رموز النظام السابق إمكانية التقدم إلى الانتخابات المقبلة. وخلق هذا القرار أزمة بين أنصار التجمع المنحل وأنصار التيار اليساري والليبرالي داخل «حركة نداء تونس». وفي تعليقه على ما يحصل من تجاذبات، عد محسن مرزوق، القيادي في الحركة، أن المسألة عبارة عن «أزمة نمو» ستمر بعد وقت وجيز.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.