توافق مصري ـ قبرصي ـ يوناني على تنسيق مكافحة الإرهاب

القمة الثلاثية بحثت اتخاذ إجراءات بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي لمواجهة الهجرة غير الشرعية

الزعماء الثلاثة يشاهدون توقيع الوزراء عدداً من اتفاقيات التعاون («الشرق الأوسط»)
الزعماء الثلاثة يشاهدون توقيع الوزراء عدداً من اتفاقيات التعاون («الشرق الأوسط»)
TT

توافق مصري ـ قبرصي ـ يوناني على تنسيق مكافحة الإرهاب

الزعماء الثلاثة يشاهدون توقيع الوزراء عدداً من اتفاقيات التعاون («الشرق الأوسط»)
الزعماء الثلاثة يشاهدون توقيع الوزراء عدداً من اتفاقيات التعاون («الشرق الأوسط»)

عقدت في العاصمة نيقوسيا أمس اجتماعات القمة (المصرية - القبرصية - اليونانية) الثلاثية الخامسة، بمشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره القبرصي نيكوس أناستاسياديس ورئيس وزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس. وخلال المباحثات أكد القادة العمل على تعزيز العلاقات البينية في المجالات السياسية والاقتصادية، وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، بما يسهم في استقرار منطقة شرق البحر المتوسط.
وتأتي القمة في إطار آلية التعاون الثلاثي، التي انطلقت بالقاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بهدف الاستفادة من الموارد الاقتصادية، خاصة الاكتشافات البترولية، في شرق البحر المتوسط، إضافة لتعزيز التشاور السياسي حول كيفية التصدي للتحديات التي تواجه منطقتي الشرق الأوسط والبحر المتوسط. وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقب ختام القمة الثلاثية، قال الرئيس السيسي إن «الإرهاب يظل خطرا كبيرا يهدد المنطقة والعالم مما يدفع الدول الثلاث للتعاون لدحره»، مشيرا إلى أن «التعاون المشترك بين الدول الثلاث يحقق هدفنا لخلق فرص عمل جديدة». وأضاف: «اتفقنا على عقد أسبوع للجاليات للدول الثلاث، كما ناقشنا التصدي بكل حزم للمشكلات والتحديات التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط».
وأشار إلى أن «آلية التعاون بدأت بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي وترسيخ العلاقات السياسية المستقرة، غير أنها تحولت حاليا إلى أحد أهم أركان الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط... تلك الآلية تستهدف استمرار دور بلادنا في المستقبل لضمان أمن واستقرار المنطقة ورخاء شعوبنا».
وشدد على أن «مصر وقبرص واليونان تلتزم ببذل جميع الجهود الممكنة لمحاولة إعادة الأمن والاستقرار لمنطقة شرق المتوسط، والتصدي بكل حزم للمشكلات التي تعاني منها تلك المنطقة». وأضاف: «تظل القضيتان القبرصية والفلسطينية ذات أولوية خاصة في إطار المباحثات... كما تظهر أيضا أزمات مثل ليبيا وسوريا وعدد من الأزمات الأخرى كتحد للحفاظ على المبادئ الثابتة للقانون الدولي من جهة ومساندة تلك الدول وشعوبها لتخطى الأزمات الراهنة والمخاطر التي تتعرض لها من جهة أخرى».
وكشف السيسي عن مشاورات لإيجاد أفضل سبل للتصدي لأزمة الهجرة غير الشرعية، التي قال إنها «نتجت عن الأوضاع التي تتعرض لها منطقة شرق المتوسط، وذلك من خلال مدخل شامل ومتكامل يعالج جذور تلك الأزمة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية بجانب التصدي لمظاهرها من الناحية الأمنية».
من جهته، قال الرئيس القبرصي إن المباحثات كانت فرصة كبيرة للتطرق إلى مختلف الموضوعات، وعلى رأسها مجال الطاقة واكتشاف حقول غاز جديدة، ستكون حافزا كبيرا للنمو في المنطقة. وأضاف أن التعاون الثلاثي في قطاع الغاز يجب أن يتخذ مبادرات جديدة وكبيرة من أجل تعزيز العلاقة بين الدول الثلاث.
وأثنى الرئيس القبرصي على افتتاح المعهد الثلاثي المشترك الذي يختص بتكنولوجيا الاتصالات بين الدول الثلاث، مشيرا إلى أن هذا المشروع سيكون الأساس لمزيد من التعاون والترابط.
وكشف عن توقيع عدة اتفاقيات جديدة في قطاع السياحة، تشمل تنظيم فعاليات مشتركة لتوطيد وتنشيط السياحة في الدول الثلاث، كما سيتم عقد مؤتمر في نيقوسيا قريبا للبيئة والتعامل مع النفايات.
وفي إطار محاولات إنهاء الهجرة غير الشرعية، أشار الرئيس القبرصي إلى أنه سيتم اتخاذ بعض الخطوات بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في هذا الإطار.
وتابع: «ناقشنا تحقيق السلام في المنطقة والدور الذي يلعبه المجتمع الدولي ودور الدول الثلاث من أجل فرض السلام، وكان لملف سوريا جزء كبير من الحوار، وأكدنا ضرورة سيادة الدولة السورية واحترام سيادة الدول كافة وفقا لقرارات الأمم المتحدة».
وأشار إلى أنه «تم مناقشة التطورات في الموضوع القبرصي، وإصرار تركيا على متطلبات غير مقبولة، ووضعها العراقيل أمام وجود وحدات عسكرية في قبرص»، مشددا على أنه «تم التوصل لحل في المشكلة القبرصية إلا أن تركيا كانت سببا في فشل هذا الحل». ووجه الرئيس القبرصي الشكر للرئيس السيسي ورئيس وزراء اليونان على مساندتهما الكبيرة ودعمهما لحل الأزمة القبرصية.
في السياق ذاته، أكد رئيس وزراء اليونان أن هذه القمة الثلاثية أصبحت من المؤسسات الأساسية الداعمة للأمن والاستقرار والتعاون والرخاء في منطقة تمر بفترة صعبة شهدت كثيرا من الأحداث وعدم الاستقرار.
وقال تسيبراس، إن «هناك فرصا كثيرة أمامنا بالأخص في المجال الاقتصادي والطاقة والمواصلات والسياحة والأمن والدفاع»، لافتا إلى أن الدول الثلاث قررت التركيز على مجال الطاقة الذي يعد مهما للغاية لها وتحقيق التعاون بينها وبين أوروبا وأفريقيا، مشيرا إلى أن مصر ستصبح هدفا استثماريا مهما للطاقة المتجددة والبديلة، الأمر الذي سيعمل على تقريب الدول الثلاث.
وأكد رئيس وزراء اليونان ضرورة قطع سبل تمويل الجماعات الإرهابية، وتبادل المعلومات في هذا الشأن، حيث يعاني المجتمع الدولي وأوروبا من الإرهاب بشكل كبير. وقال: «الاتفاقية التي تم توقيعها بين مصر واليونان لنقل المعلومات ستعطي الفرصة لكثير من التعاون المثمر مع الاتحاد الأوروبي»، منوها بأن الدول الثلاث تواجه، بخطوات ثابتة ومشتركة، بعض القضايا، مثل الهجرة غير الشرعية والإرهاب، كما تقوم بإصلاحات ديمقراطية واقتصادية من أجل التنمية والرخاء.
وأعلن أن لقاء القمة الثلاثي السادس بين مصر واليونان وقبرص سيعقد في مدينة كريت اليونانية عام 2018.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».