بداية مشجعة «غير كافية» لتسجيل المغتربين في الانتخابات اللبنانية

نحو 93 ألفاً من أصل أكثر من مليون سُجلوا خلال شهر ونصف

TT

بداية مشجعة «غير كافية» لتسجيل المغتربين في الانتخابات اللبنانية

سجّل 92810 مغتربين لبنانيين أسماءهم للمشاركة في الانتخابات النيابية المرتقبة في شهر مايو (أيار) المقبل خلال المهلة التي حددتها وزارة الخارجية والمغتربين، والتي انتهت منتصف ليلة أول من أمس (الاثنين). وبينما وصفت الوزارة هذا العدد بـ«الإنجاز»، اعتبر خبراء أنه «متدنٍّ جداً» خصوصاً أن ليس كل من سُجل سيكون قادراً على الاقتراع في الأيام والمواقع التي ستُحدد في وقت لاحق.
وتسعى الوزارة حالياً إلى تمديد مهلة التسجيل من خلال الضغط على القوى السياسية لتعديل قانون الانتخاب، وهو ما لا يمكن أن يحصل إلا من خلال مجلس النواب، علماً بأن ذلك يبدو معقداً في المرحلة الحالية نتيجة الأزمة السياسية التي دخلتها البلاد مع إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته.
وأصدرت «الخارجية اللبنانية» صباح أمس، بياناً أعلنت فيه العدد الإجمالي للمسجلين، لافتةً إلى أنه «فاق كل التوقعات»، مشيرةً إلى أن «آلاف التسجيلات عالقة وغير مكتملة، وبالتالي غير مقبولة نتيجة الضغط الذي حصل في الساعات الأخيرة، مما يدل على حماسة اللبنانيين المنتشرين ورغبتهم في التسجيل لو بقي لهم متسع من الوقت». ورأى البيان أن «هذا الإقبال الكثيف قد حصل نتيجة ثقة المنتشرين بالعملية الانتخابية وأهمية مشاركتهم بها، وقد سُجل هذا الإقبال رغم المخاوف الكثيرة المشروعة الموجودة عند اللبنانيين المنتشرين نتيجة حصول العملية للمرة الأولى، وعدم تأكد المنتشرين من عدة أمور لها علاقة بمكان التصويت، وبُعد المسافة، وسقوط الحق بالتصويت».
وأشارت الوزارة إلى أنه حرصاً منها على إشراك أكبر عدد ممكن من المنتشرين في الانتخابات، تحاول تمديد المهلة التي انقضت، والإبقاء على باب التسجيل مفتوحاً لفترة إضافية من خلال تعديل القانون «نزولاً عند رغبة عشرات آلاف المنتشرين»، موضحةً أنه «وعلى الرغم من انتهاء المهلة الأساسية التي حددها القانون، لا يزال بإمكان المنتشرين التسجيل وحفظ معلوماتهم في قاعدة بيانات الوزارة ليتسنى لهم في حال تعديل القانون وتمديد مهلة التسجيل، التصويت في الانتخابات المقبلة بعد دراسة طلباتهم والموافقة عليها».
ووصفت باسكال دحروج، مستشارة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، إقدام نحو 93 ألف لبناني مغترب على تسجيل أسمائهم للاقتراع، بـ«الإنجاز، خصوصاً أن هذه العملية تحصل للمرة الأولى في تاريخ لبنان، كما أن المهلة كانت قصيرة ومحددة بشهر ونصف الشهر»، لافتةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يكن من السهل على الإطلاق الوصول إلى كل المغتربين المنتشرين في القارات الـ5، والذين لا يتقن الكثير منهم اللغة العربية». وأضافت: «في البدء كانت عملية التسجيل بطيئة والإقبال قليلاً، وكان هناك الكثير من الأسئلة والاستفسارات، لكن قبل نحو 15 يوماً من انتهاء المهلة زادت الأعداد بشكل هائل، وبخاصة في اليوم الأخير، حيث شهدنا ضغطاً غير مسبوق، حتى إن عدداً من المغتربين واظبوا على التسجيل حتى بعد انتهاء المهلة، ونحن سنحفظ بياناتهم لاعتمادها في حال تم تمديد المهلة من خلال تعديل القانون».
كانت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان قد خصصت منذ مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، موقعاً إلكترونيا وتطبيقاً على الهواتف الذكية يتيحان للمغتربين اللبنانيين الراغبين بالمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة تسجيل أسمائهم، بعدما أقر قانون الانتخاب الجديد حقهم في الاقتراع في البلدان حيث يوجدون، على أن تتم زيادة عدد مقاعد المجلس النيابي 6 مقاعد في عام 2022 تكون مخصصة لهؤلاء المغتربين.
وترجح مراكز الأبحاث أن يكون عدد المغتربين المخول لهم الاقتراع ما بين 600 و700 ألف. وحسب تقديرات «الدولية للمعلومات» يبلغ عدد اللبنانيين المسجلين، أي كل من يحمل جنسيّة لبنانيّة سواء كان مقيماً في لبنان أو في الخارج، حتى نهاية عام 2014 نحو 5.227.000 نسمة. وفي حين لا تتوفر إحصاءات دقيقة حول عدد اللبنانيين الذين يحملون الجنسيّة اللبنانيّة ويقيمون في لبنان، إلا أن الدراسات الأخيرة تتوقع أن يكون عدد مواطني لبنان المقيمين 3.9 مليون لبناني، أي ما يشكّل نسبة 74.6 من اللبنانيين، ما يعني أن عدد المغتربين يصل إلى نحو 1.327 مليون نسمة، أي ما يشكّل نسبة 25.4 في المائة من اللبنانيين.
ويَعتبر الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين أن عدد الذين سُجلوا للاقتراع «متدنٍّ جداً» مقارنةً بالعدد الإجمالي للبنانيين المغتربين والذي يفوق مليوناً و300 ألف، لافتاً إلى أنه كان يرجح أن يسجل كحد أدنى رُبع هؤلاء. وأرجع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» العدد المحدود، إلى كون العملية تتم للمرة الأولى، ولأن عدداً كبيراً من اللبنانيين ما زال غير مقتنع بحصول الانتخابات في موعدها رغم إقرار قانون جديد، موضحاً أنه ليس كل من سُجل سيقترع، نتيجة عوامل عدة أبرزها: الوقت، وكلفة الانتقال إلى مراكز الاقتراع. وأضاف: «مثلاً في الولايات المتحدة الأميركية سيكون هناك 4 مراكز فقط، ما يعني أن بعض اللبنانيين سيضطرون إلى الانتقال من ولاية إلى أخرى، وهو ما سيكبّدهم تكلفة باهظة في حال لم تتحرك الماكينات الحزبية لتغطية النفقات».
ويشير شمس الدين إلى أنه «في حال لم يتم تمديد مهلة التسجيل، فالأرجح أن عدد المقترعين من المغتربين لن يتخطى الـ30 ألفاً، وهو عدد محدود جداً لن يكون له أي تأثير يُذكر على نتائج العملية الانتخابية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».