قاذفات روسية بتنسيق مع أميركا تغطي تقدم النظام في البوكمال

«داعش» يتراجع على الحدود السورية - العراقية

TT

قاذفات روسية بتنسيق مع أميركا تغطي تقدم النظام في البوكمال

أفادت مصادر متقاطعة بأن قوات النظام السوري وحلفاءها سيطروا على القسم الأكبر من مدينة البوكمال، آخر معاقل تنظيم داعش الواقع على الحدود مع العراق. وساهم الدعم العسكري الروسي المكثف للقوات المهاجمة بتحقيقها تقدماً كبيراً خلال يومين، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تنفيذ 6 قاذفات استراتيجية روسية السبت، «قصفاً جماعياً عنيفاً» على مواقع تابعة لتنظيم داعش في مدينة البوكمال وريفها.
ويبدو أن القاذفات الروسية استفادت من اتفاق «منع الصدام» بين الجيشين الأميركي والروسي لدى قصفها شرق سوريا الذي يعتبر منطقة نفوذ للطيران الأميركي والتحالف الدولي.
وفيما أشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى «سيطرة قوات النظام السوري مع حلفائها (حزب الله) اللبناني والحرس الثوري الإيراني والميليشيات العراقية على أكثر من ثمانين في المائة من مدينة البوكمال إثر هجوم واسع بدأته ليل الجمعة»، تحدث «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» عن تحقيق «الجيش السوري والحلفاء تقدما كبيرا داخل مدينة البوكمال»، وعن السيطرة على معظم أحيائها عقب اشتباكات عنيفة مع عناصر تنظيم داعش. وقالت وسائل إعلام النظام إنّه يتم حاليا العمل على «تطهير أحياء المدينة من فلول عناصر التنظيم».
من جهته، أكد مدير مرصد «الفرات بوست» الناشط في دير الزور أحمد الرمضان اقتراب النظام وحلفائه من السيطرة على كامل البوكمال، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عناصر «داعش» يفرون إما لمناطق خاضعة لسيطرة النظام أو «قسد» أو إلى مناطق في الشمال السوري، وأشار إلى أن «بعضهم ينضمون إلى المدنيين بعد تغيير مظهرهم الخارجي. وأضاف: «هناك حالات متعددة، فالبعض يسلم نفسه، والبعض الآخر يعقد اتفاقات مع (قسد) أو النظام كما أن هناك قسما يتم اعتقاله»، مشددا على أن كل القيادات باتت خارج المدينة والأمور في هذا المجال مقتصرة على العناصر».
وكانت قوات النظام دخلت إلى البوكمال الخميس وتمكنت من «دفع التنظيم إلى التراجع إلى القسمين الشمالي الشرقي والشمالي من المدينة، حيث تتركز المعارك حالياً». وتترافق المعارك مع غارات سورية وأخرى روسية كثيفة، بحسب عبد الرحمن الذي قال إن قوات النظام تتقدم «بحذر» في محاولة لتثبيت وجودها في المدينة وصد أي هجوم معاكس محتمل «للجهاديين».
وكان النظام أعلن في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي استعادة البوكمال، لكن عناصر «داعش» نجحوا بعدها ببضعة أيام في انتزاع السيطرة عليها مجدداً. ونقل التلفزيون السوري الرسمي السبت مشاهد مباشرة من البوكمال، تظهر أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من أحياء في المدينة فيما يسمع دوي القصف. وذكر أن قوات النظام تعمل حالياً على «اقتحام المناطق المتبقية للتنظيم الإرهابي في الجهة الشرقية من البوكمال» موضحاً أن «أكثر ما يعيق تقدم وحدات الجيش السوري هو التفخيخ الكبير من قبل (داعش) ومحاولته استخدام الأهالي كدروع بشرية».
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان أمس إن قاذفات بعيدة المدى من طراز تو - 22 إم3، قامت بشن ضربة جوية جماعية على مواقع لتنظيم داعش في منطقة مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور. وأوضحت أن المواقع، التي تم استهدافها، هي تجمعات للقوى الحية والمعدات العسكرية للعدو ومستودعات للذخائر، لافتة إلى أن «وسائل الرصد الموضوعي أكدت تدمير جميع الأهداف المرسومة».
وأضاف البيان أن القاذفات الروسية نفذت عمليتها برفقة مجموعة من مقاتلات «سو - 30إس إم» أقلعت من مطار حميميم، مشيراً إلى أن جميع الطائرات عادت سالمة إلى مواقع تمركزها بعد إنجاز مهمتها.
وتشكل البوكمال آخر معقل بارز لـ«داعش» في سوريا، حيث لا يزال يسيطر على 25 في المائة من مساحة محافظة دير الزور الغنية بالنفط والحدودية مع العراق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».