قررت مصر، أمس، حبس الإرهابي عبد الرحيم محمد عبد الله المسمارى (ليبي الجنسية) 15 يوماً، في قضية اتهامه بالاشتراك في حادث الواحات الإرهابي الذي وقع في الصحراء الغربية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأدى إلى مقتل عدد من أفراد الشرطة المصرية. وأمر المستشار نبيل أحمد صادق، النائب العام المصري، بحبس 14 متهماً آخرين في القضية نفسها لمدة مماثلة.
في حين، قال المسماري، إنه لا يرى نفسه قاتلاً، لأنه كان يهدف إلى «إقامة الخلافة»، مضيفاً في حوار متلفز، أنه يحارب الشرطة والجيش بمصر لأنه لديه قناعة منهجية تابعة لتنظيم «القاعدة»، وضميره لم يؤنبه بعد مقتل أفراد الشرطة في حادث الواحات، موضحاً «جئت للقتال في مصر لتطبيق شرع الله، لأن الجهاد فُرض عليّ كـ(أمر ديني)»، زاعماً أن مصر بها ظلم، والعالم كله أيضاً، وتجب مواجهته.
وأعلنت جماعة متشددة لم تكن معروفة من قبل تدعى «أنصار الإسلام» أو «المرابطون» مسؤوليتها عن حادث الواحات... وكشفت وزارة الداخلية المصرية أول من أمس، عن شخصية المسماري المتورط في حادث الواحات، وقالت إنه «مقيم في مدينة درنة الليبية، وخطط برفقة آخرين لإقامة معسكرات للإرهابيين بالواحات واستهداف كنائس».
وخلال مقابلة للإعلامي المصري عماد الدين أديب، مع المسماري بثتها قناة تلفزيون «الحياة» الخاصة، قال: «أنا وزملائي نعتنق فكر تنظيم القاعدة ونعارض (داعش)»، كاشفاً عن أنه كان تابعاً للإرهابي عماد الدين عبد الحميد، المعروف بـ«الشيخ حاتم» (الذي قالت الداخلية المصرية إنه لقي مصرعه في القصف الجوى للبؤرة الإرهابية)، وكان مسؤولاً مع زميله فرج الليبي الذي قُتل في معارك مع جيش المشير خليفة حفتر، عن تقديم الدعم اللوجيستي للتنظيم التابع له، موضحاً أنه أجّر مزرعة في وادي «الناقة»، كانت عبارة عن معسكر تتم فيه التدريبات، وأن «الشيخ حاتم كان معه مبلغ من المال من التبرعات، لأن الجماعات الإسلامية مصدر رزقها شيئان هما: الصدقات والغنائم... ولم أستطع سؤاله من أين جاء بالمال، لأنه في الجماعات الإسلامية كل شخص له وظيفة ولا يسأل الثاني عن شيء».
مضيفاً: «بايعت الشيخ حاتم، وهو صاحب ميول قاعدية في مجلس (شورى المجاهدين) على السمع والطاعة، وهو شكل تنظيماً من 13 شخصاً لإقامة (الخلافة) في مصر... وقررت المشاركة لأن الهجرة في سبيل الله لها فضل كبير في الإسلام».
لافتاً إلى أنه اقتنع بالأفكار الجهادية بعد ثورة ليبيا عام 2011، بسبب انتشار العناصر الإسلامية وأشهرها «كتائب أنصار الشريعة، والنور، وشهداء بوسليم»، التي تتبنى الأفكار السلفية الجهادية، وشارك أهل مدينة «درنة» في عدة عمليات مسلحة ضد جيش معمر القذافي.
وتعليقاً على ما سلف، قال أحمد بان، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بمصر: إن الإرهابي الليبي لديه «تمام السمع والطاعة»، والتزامه بعدم السؤال عن الأشياء؛ إلا ما يسمحون به. ووفقاً لبيان أصدرته وزارة الداخلية، فإن القوات الجوية قتلت 15 متشدداً خلال عملية على التنظيم الذي نفذ هجوم أكتوبر الماضي. وقالت الوزارة إن «كل أعضاء التنظيم تلقوا تدريباتهم في درنة، وإنه جرى توقيف 29 آخرين».
وأسندت نيابة أمن الدولة العليا إلى الإرهابي الليبي، أمس، اتهامات بالقتل العمد مع سبق الإصرار بحق ضباط وأفراد الشرطة في طريق الواحات تنفيذاً لغرض إرهابي، والشروع في القتل العمد تنفيذاً لذات الغرض، وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها، وحيازة مفرقعات، والانضمام إلى تنظيم إرهابي، والانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون والدستور تستهدف الاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما، والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر. وأضاف الإرهابي المسماري، خلال حواره المتلفز: «خرجنا من درنة بسيارتين دفع رباعي مجهزتين بـ2 آر بي جى، ومدفع مضاد للطائرات، وصواريخ سام، وفور الدخول لمصر اشتبكنا مع قبيلة (التبو)، واستغرق دخولنا الحدود المصرية نحو شهر، وتمركزنا في صحراء محافظات (قنا وسوهاج وأسيوط)، ثم تم الاستقرار في منطقة الواحات منذ يناير (كانون الثاني) الماضي وحتى تنفيذ العملية في أكتوبر، وكان هناك شخص مصري يدعى (بوقا) تواصل معنا وكان يوفر لنا الدعم اللوجيستي من بنزين وطعام وشراب... وكان الشيخ حاتم يقول إن (الصحراء الغربية منطقة هلاك جيوش العالم)».
وعن تفاصيل المعركة الجوية التي خاضها الأمن المصري ضد التنظيم التابع له المسماري في طريق الواحات، وتحرير النقيب محمد الحايس، قال: «كنا 17 شخصاً، بخلاف الضابط الحايس، بعد الحادث بقينا 11 يوماً في الصحراء، ننتقل من مكان لآخر، وفشلنا في الوصول للحدود الليبية، وكنا نرى الاستطلاع الجوي، ونقوم بعمل تمويه بغطاء السيارة المشابه لرمال الصحراء». مضيفاً: «في يوم توقيفي، شاهدنا 4 عربيات دفع رباعي، وكان يستقلها بدو، اتخذنا قراراً بالاشتباك معهم؛ لكن فوجئنا بطائرة عسكرية، فأمر الشيخ حاتم بإخراج صاروخ مضاد للطائرات؛ لكن فشلنا في استخدام الصاروخ ضد الطائرة، وقُتل الشيخ حاتم وجميع زملائي، ووجدت نفسي بمفردي».
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد صرح قبل عدة أيام على هامش «منتدى الشباب» في شرم الشيخ، بأن «هناك جهداً كبيراً يبذل في المنطقة الغربية على امتداد 1200 كيلومتر من السلوم حتى السودان، وتتم مراقبة المنطقة بالتعاون مع القوات الجوية». وأعلن الرئيس المصري حينها، عن تدمير أكثر من 1200 عربة كانت متجهة إلى مصر للقيام بعمليات إرهابية. ويقع العبء الأكبر في تأمين الحدود بين مصر وليبيا على الجانب المصري، بسبب انشغال الجيش الليبي بمحاولة فرض الأمن والاستقرار وهزيمة الجماعات الإرهابية داخل عموم ليبيا.
وأسندت النيابة إلى المتهمين الـ14 الآخرين في القضية، أمس، اتهامات بالانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، واعتناق أفكار تكفير الحاكم، وشرعية الخروج عليه، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما، بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها.
وزعم المسماري في حواره، أنه رفع السلاح ضد من سمّاهم «الكفار» بناءً على علم وليس جهلاً، و«من قتلتهم في ليبيا حلال وفق أدلة شرعية». لافتاً إلى أنه كان لديهم 5 أفراد أرادوا الانضمام لتنظيم داعش، فحدثت اختلافات بالمعسكر، فحاول «الشيخ حاتم» إثناءهم عن ذلك الفكر، وإقناعهم أن «داعش» من الخوارج. موضحاً أن مرجعيته الفكرية هو الشيخ عمر رفاعي سرور في ليبيا، «حيث تواصلت معه عبر برنامج (تليغرام)، فأرسل إليّ ورقتين من الأسانيد الشرعية تؤكد أن (داعش) من (الخوارج)». وأضاف الإرهابي الليبي، أن فكر «الشيخ حاتم» أقرب إلى «القاعدة» وميوله قاعدية، وعدوهم الأكبر هو أميركا.
في غضون ذلك، أعلن العقيد تامر الرفاعي، المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية أمس، عن توقيف 3 من العناصر المتشددة، وتدمير 9 أوكار وعربة دفع رباعي و3 دراجات نارية، خاصة بالعناصر التكفيرية بوسط سيناء.
مصر تقرر حبس الإرهابي الليبي و14 آخرين في هجوم «الواحات»
المسماري: نعتنق وزملائي فكر «القاعدة»... وجئنا لـ«إقامة الخلافة»
مصر تقرر حبس الإرهابي الليبي و14 آخرين في هجوم «الواحات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة