طعمة لـ «الشرق الأوسط»: النأي بالنفس مخرج لبنان الوحيد من أزماته

TT

طعمة لـ «الشرق الأوسط»: النأي بالنفس مخرج لبنان الوحيد من أزماته

دعا عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة السياسيين اللبنانيين إلى ضبط إيقاع مواقفهم وتصرفاتهم على أساس المصلحة الوطنية اللبنانية، لا الانفعالات ولا المواقف المسبقة، معتبراً أن مصلحة لبنان حالياً تكمن في الهدوء والتروي، وعدم الإضرار بعلاقات لبنان الأخوية، وعدم تحميل الأمور أكثر مما تحتمل.
وقال طعمة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الوضع اللبناني دقيق جداً، ومفتوح على كل الاحتمالات، وهذا ما يتطلب منا جميعاً إدراك حساسية المرحلة، وعدم الذهاب في مواقف وتصرفات قد لا تكون محمودة العواقب.
وشدد على أن «لبنان لا يريد إلا الخير لأصدقائه وأشقائه، خصوصاً المملكة العربية السعودية التي لم يبدر منها يوماً حيال بلدنا إلا كل فعل محبة ودعم»، مؤكداً على أن المملكة، كما أظهرت مواقف قادتها دائماً، لا تريد من لبنان إلا أن «يبقى منسجماً مع محيطه العربي، وألا يسمح بما يمكن أن يؤذي الأشقاء الذين حرصوا في أصعب الأوقات على الوقوف إلى جانب لبنان، ومده بكل ما يحتاجه من مقومات الازدهار والتقدم، ومن دون شروط مسبقة أو لاحقة، وهذا ما يقوم به الأخ الكبير حيال الأخ الصغير، وهذا كله من أبسط الثوابت اللبنانية. وبالتالي، علينا أن نحرص على ألا نكون في أي شكل من الأشكال مصدر ضرر لها، أو لغيرها من الدول الشقيقة، ولو من غير قصد». ودعا طعمة للنظر إلى الأسباب التي أدت برئيس الحكومة سعد الحريري إلى الاستقالة، ومحاولة إيجاد تفاهم وطني يمنع هذه الأسباب، متمنياً على الحريري العودة إلى لبنان، والشروع في حوار وطني واسع يتلافى انزلاق لبنان نحو المجهول، وقال: «كلنا ندرك دقة الوضع الاقتصادي اللبناني، ودقة الوضع السياسي، وهما مسألتان تستوجبان منا الانتباه والحذر، خصوصاً أن أية خطوة ناقصة قد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه».
ورأى أن السجال حول وضع الرئيس الحريري ليس مجدياً، فالرجل ظهر في أكثر من مرة ليقول إنه عائد إلى لبنان، وكل الأخبار الواردة «تؤكد أنه في طريقه إلى لبنان بعد استكمال ترتيبات يراها هو مناسبة، ويجب علينا في المقابل أن نؤكد أن الشراكة الوطنية تفترض علينا الاستماع إلى ما لديه في اللحظة التي يراها هو».
وأكد طعمة أن لبنان «بلد حوار وتعايش، وهو لا يقوم إلا على أساس التفاهم الوطني العام ودعم الأشقاء والأصدقاء، ولهذا علينا أن نكون أكثر انفتاحاً على هواجس الأطراف الداخلية، وأن نبقى منسجمين مع محيطنا العربي، ولهذا لا بد من العودة للتأكيد على سياسة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة، وهذه سياسة رسمية لبنانية مذكورة في خطاب القسم الذي أدلى به رئيس الجمهورية لدى انتخابه، كما أنها موجودة في البيان الوزاري للحكومة التي نالت الثقة على أساسها. وبالتالي، فإن الخروج عن النأي بالنفس هو خروج عن الإجماع الوطني الداخلي، كما أنه خروج على التزامات لبنان العربية المنصوص عنها في ميثاق الجامعة العربية».
وشدد طعمة على «ضرورة لملمة الوضع السياسي الداخلي في أسرع وقت ممكن، والذهاب نحو استكمال التحضيرات للانتخابات النيابية التي باتت أقرب مما نتصور، ولا مصلحة لأي طرف لبناني بعرقلتها لأنها ستكون المعبر لإرساء التوازنات الوطنية، والانطلاق منها نحو تفاهمات قد تعيد لبنان إلى السكة الصحيحة، إن نحن عرفنا كيف ندير دفة السفينة، والوصول بها إلى بر الأمان».
ودعا طعمة المشككين إلى النظر نحو المشهد التاريخي الذي تمثل بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان مع البطريرك بشارة الراعي، وما تحمله من دلالات ورسائل حول انفتاح المملكة، وتعزيز الحوار مع كل الأديان في العالم، والعمل على التواصل مع الآخر المختلف، مؤكداً أنه سيكون لهذه الزيارة انعكاساتها المستقبلية في تعميق العلاقات بين البلدين وبين الشعبين. ورأى أن صورة البطريرك مع خادم الحرمين هي إثبات لا يقبل التشكيك على انفتاح المملكة، ورغبة القيادة السعودية في رؤية لبنان مستقراً متعايشاً مع كل مكوناته الدينية والاجتماعية، وهو لقاء سوف يبنى عليه الكثير مستقبلاً من دون شك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».