الجيش الإسرائيلي: سندمر أي نفق جديد يتم اكتشافه في قطاع غزة

استعدادات لمواجهة تدهور أمني محتمل

فلسطيني يعاين منزل نمر الجمال في قرية بيت سوريك قرب القدس بعد أن هدمته قوات الاحتلال (أ.ف.ب)
فلسطيني يعاين منزل نمر الجمال في قرية بيت سوريك قرب القدس بعد أن هدمته قوات الاحتلال (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي: سندمر أي نفق جديد يتم اكتشافه في قطاع غزة

فلسطيني يعاين منزل نمر الجمال في قرية بيت سوريك قرب القدس بعد أن هدمته قوات الاحتلال (أ.ف.ب)
فلسطيني يعاين منزل نمر الجمال في قرية بيت سوريك قرب القدس بعد أن هدمته قوات الاحتلال (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يشتد فيه التوتر على الحدود، وتعلن فيه حالة استنفار، أصدر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، أمرا جارفا لنشاطات الجيش لعام 2018، وهو العام الأخير من ولايته، يقضي بتدمير «جميع الأنفاق المتسللة»، تلك المعروفة أو التي لا تزال مجهولة، التي تم حفرها، أو يجري حفرها، من قطاع غزة إلى الأراضي الإسرائيلية.
واعتبر إصدار هذا الأمر الآن بالذات، بمثابة إشارة تصعيد جديد، إذ يدل على أن التوتر السائد اليوم على طول حدود غزة لا ينحصر فقط في تهديدات «الجهاد الإسلامي» بالانتقام، بسبب تفجير نفقها في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إنما يأخذ بالاعتبار أيضا سياسة حفر الأنفاق الفلسطينية.
وقال مسؤول عسكري في تل أبيب، أمس، إن «إسرائيل والمنظمات في قطاع غزة يعكفان الآن على نفخ العضلات، وتبادل الهدر اللفظي، تمهيدا لليوم التالي لتدمير النفق التالي. فتوجيهات رئيس الأركان حادة وواضحة: تدمير كل نفق يتم اكتشافه. التعامل مع الأنفاق يتم كالتعامل مع السلاح المهرب من سوريا إلى (حزب الله)، وسيتم اكتشاف نفق آخر بالتأكيد؛ لأن كل التقديرات تشير إلى أن (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، ومنذ تدمير 15 نفقا خارقا للحدود خلال عملية (الجرف الصامد) ضد غزة في صيف 2014، تواصلان حفر الأنفاق إلى الأراضي الإسرائيلية. ولهذا فإن تدمير النفق القادم هو ليس سوى مسألة وقت».
وأضاف هذا المسؤول، بلهجة لا تخلو من تهديدات بالعودة إلى سياسة الاغتيالات، إن «(الجهاد الإسلامي) تتحدث عن الانتقام، ولكنها تحاول في الواقع خلق ردع ضد إسرائيل: جباية ثمن باهظ منها يكفل تفكيرها مرتين قبل اتخاذ قرار بتدمير النفق التالي. ومن ناحية أخرى، تستعد إسرائيل لرد غير متناسب على كل محاولة لتقويض سيادتها. ويمكن الافتراض أن القيادة الجنوبية، إلى جانب استعداد السكان للاحتماء، أعدت ردا من شأنه أن يضرب النقاط الضعيفة في الجانب الآخر – بدءا من القادة العسكريين وانتهاء بالبنية التحتية العسكرية - وستضع سقف ثمن يفهم الجانب الآخر أنه لا يطاق. في هذه الأثناء تواصل (حماس) - بنجاح محدود - محاولة كبح حركة (الجهاد الإسلامي) كي لا تنفذ خطتها. فهي تواجه خيارين حاسمين بالنسبة لها: فتح معبر رفح (الذي كان يفترض أن يتم أمس الأربعاء)، وعودة السلطة إلى دفع الرواتب في مطلع الشهر المقبل. فهذان يعتبران امتحانا حاسما للمصالحة الفلسطينية، ومن شأن النار أن تدمر الفرصة الضئيلة لتقدم المصالحة».
المعروف أن إسرائيل أعلنت عن حالة استنفار قصوى لمواجهة خطر إطلاق صواريخ. فهي تعتقد بأن «الجهاد الإسلامي» تعمل بشكل مستقل، وتخطط لإطلاق الصواريخ على المناطق المكتظة بالسكان في إسرائيل، أو إطلاق قذائف «هاون» على البلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود، أو استخدام نيران القناصة، أو الصواريخ المضادة للدبابات على طول الحدود. ويقول الجيش إنه يتخذ الاحتياطي لكي يوفر له ذلك. كما أن «حماس» لا تتيح لـ«الجهاد» الاقتراب من الحدود. لذلك يقدر الإسرائيليون بأن تبادر «الجهاد» إلى قصف وسط إسرائيل. ومن هنا جاء قرار الجيش الإسرائيلي، أول من أمس الثلاثاء، بنشر بطارية أخرى من منظومة القبة الحديدية في منطقة «غوش دان»، في وسط البلاد.
وعُلم أمس أن الجيش الإسرائيلي قرر أيضا إغلاق ثلاث مناطق سياحية قريبة من السياج الحدودي، لكي يمنع إمكانية تعرض المتنزهين لنيران القناصة من القطاع. وبالإضافة إلى ذلك، وبعد أن كان الجيش قد سمح للمزارعين بالعمل في الحقول القريبة من السياج، عاد وقرر تغيير النظم، والسماح لكل مزارع بشكل فردي بالعمل وفقا لجدول زمني، وفي الأماكن التي يسمح لهم بدخولها. ويسود التقدير بأنه في ضوء حقيقة عدم نجاح «الجهاد» في تنفيذ عملية انتقام من الضفة، فإنها قد تقوم بتنفيذ عملية من داخل القطاع. ويسود التقدير بأن الحركة ترغب في إظهار أنها ترد على تفجير النفق، لكن ردها سيكون محدودا بشكل لن يزعج «حماس» في إجراءات المصالحة مع السلطة.
وحسب هذه التقديرات، فإن قرار نشر القبة الحديدية في وسط البلاد، لا ينبع من الرد المحتمل من قبل «الجهاد» بالذات، وإنما من خلال الرغبة في الاستعداد لتصعيد أكبر في حال قرار إسرائيل العمل بشكل استثنائي، ردا على كل محاولة انتقام قد تقوم بها «الجهاد الإسلامي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».