الحكومة الجزائرية مستاءة من جدل حول استيراد الأئمة

وزير الشؤون الدينية ينفي وجود نية لتأطير «المسجد الأعظم» من طرف أجانب

TT

الحكومة الجزائرية مستاءة من جدل حول استيراد الأئمة

نفت الحكومة الجزائرية أخبارا تناولتها صحف محلية، تتعلق بـ«استيراد أئمة أجانب» لتأطير «الجامع الأعظم»، الذي ستنتهي أشغال إنجازه نهاية 2018، والذي يعد من أكبر مشروعات برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إذ تبلغ قيمته ملياري دولار أميركي.
وكتب وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، في حسابه بـ«فيسبوك» أمس، أن «فراش الفتنة ازدان بداية هذا الأسبوع بكذبة جديدة تضاف إلى أخواتها السابقات، اللاتي ولدن لتقوية شوكة الباطل في هذا الوطن المجني عليه»، مشيرا إلى أن «الكذبة سميت استيراد الدولة أئمة لتسيير جامع الجزائر». واستنكر عيسى ما سماه «شيطانا يلد لأهله فرية»، مشيرا إلى أن «الخبر ليس صحيحا، والوزير لم يقل هذا الكلام». ويفهم من عيسى أن مصدر الخبر «غير الصحيح» نسب له كلاما لم يرد على لسانه.
وأضاف عيسى بنبرة استياء حادة: «الجزائر لا تحتاج إلى استيراد أئمة من أي بلد، والسبب هو أن الجزائر غنية بمرجعيتها وفخورة بعلمائها، وأصبحت تصدِّر الأئمة إلى عواصم العالم شرقيه وغربيه»، في إشارة ضمنا إلى إيفاد أئمة جزائريين إلى فرنسا بشكل دوري، بهدف تأطير مساجدها و«نشر الإسلام المعتدل»، بحسب ما جاء على لسان الوزير في وقت سابق.
وأضاف عيسى موضحا: «عندما يفرح الجزائريون برفع الأذان من منارة جامع الجزائر الباسقة، سيلاحظون أن نغمة الأذان جزائرية، وأن نبرة ترتيل القرآن فيه جزائرية، وأن خطباء هذا الجامع ووعاظه كلهم جزائريون، وسوف يُسَيِّرُ هؤلاء الجامع بإدارة دينية جزائرية، هي أحسن من طرق تسيير كل الجوامع الكبرى في العالم؛ لأنهم سيأخذون من طريقة تسيير تلك الجوامع أحسن ما فيها».
واللافت أن عيسى سريع الرد على الإعلام كلما تناول «المسجد الأعظم»، وكثيراً ما يكون حاداً في ردوده. فقبل أيام قليلة عبَّر عن استياء بالغ مما كتبته صحيفة واسعة الانتشار حول «السجاد الإيراني الذي أكلته الجرذان»، والذي منحته الحكومة الإيرانية هبة للجزائر، بحسب الصحيفة. وقال عيسى حول هذا الموضوع: «من غريب ما تداولته بعض وسائل الإعلام، أن الجزائر اشترت سجاداً إيرانياً لفرش جامع الجزائر، كلَّف ميزانية الدولة ملايين الدولارات، وأن مساحة هذا السجَّاد (الأسطورة) تفوق 20 ألف متر مربع، بينما ادَّعى آخرون أن هذا السجاد هبة منحتها دولة إيران لجامع الجزائر؛ وحتى يكتمل سيناريو إحباط معنويات الشعب الجزائري وتسفيه مسؤولي الدولة، فقد تناقلت بعض الوسائط الإعلامية، دون تكلُّف عناء التحقيق، أن الجرذان أتلفت هذا السجاد، وكأننا في جزيرة الواق واق، كما في أساطير كتاب ألف ليلة وليلة».
وخلف موضوع «السجاد الإيراني» جدلاً كبيراً في البلاد، وجاء في سياق تأخر تسليم المشروع، الذي يعتبره بوتفليقة شأناً يخصه بالدرجة الأولى. وبحسب عيسى، فإن الجزائر «لم تشتر ولو متراً واحداً من السجاد لفرش جامع الجزائر، لا من دولة إيران ولا من غيرها، ولم تهب دولة إيران ولا أي دولة أخرى أي سجاد لفرش جامع الجزائر، والسجاد الذي سيفرش به جامع الجزائر هو مجموعة متكاملة من السجاد الإيراني وهبته لجامع الجزائر شخصية جزائرية، من خالص مالها بمقتضى قبول هبة ادَّخَرَت الخزينة العمومية بمقتضاها ملايين الدولارات».
يشار إلى أن المشروع يضم 12 بناية منفصلة، تتربع على موقع يمتد لنحو 20 هكتاراً مع مساحة إجمالية تفوق 400 ألف متر مربع. ويضم «الجامع الأعظم» الذي بني وفق نظام مضاد للزلازل، قاعة للصلاة مساحتها هكتاران تتسع لـ120 ألف مصلٍّ، استمد تصميمها من أشكال قاعات الصلاة بمساجد المغرب العربي المرفوعة على أعمدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.