كبير مستشاري الحكومة السنغالية: الوحدة النقدية على مائدة رؤساء «إيكواس»

قال لـ «الشرق الأوسط» إن انضمام المغرب إلى المجموعة سيحولها إلى سادس أكبر قوة اقتصادية في العالم

مبارك لو
مبارك لو
TT

كبير مستشاري الحكومة السنغالية: الوحدة النقدية على مائدة رؤساء «إيكواس»

مبارك لو
مبارك لو

قال مبارك لو، كبير المستشارين الاقتصاديين لرئيس الحكومة السنغالية، إن انضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) أمر محسوم، مشيراً إلى أن رؤساء دول المجموعة وافقوا مبدئياً على انضمام المغرب خلال قمة المجموعة في العاصمة الليبيرية مونروفيا في يونيو (حزيران) الماضي، ولم يبق سوى إتمام الإجراءات الشكلية والتوقيع على الاتفاقية خلال قمة لومي في دولة توغو في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وأوضح مبارك لو، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على هامش منتدى «ميدايز» بمدينة طنجة المغربية، أن انضمام المغرب إلى المجموعة سيجعل من «إيكواس» سادس قوة اقتصادية في العالم، وسيحولها إلى سوق كبيرة يناهز عدد سكانها 340 مليون شخص، وبالتالي سيجعل منها منطقة جذابة للاستثمارات. وتحدث مبارك لو أيضاً عن التعثرات التي يعرفها مشروع إقامة العملة الموحدة للمجموعة، والحلول المقترحة لتسريع إخراج هذا المشروع، مشيراً إلى أن المغرب يمكن أن يلتحق به خلال مرحلة ثانية، خصوصاً عندما تكون نيجيريا، التي تعتبر أكبر دولة في المنطقة، مستعدة للانخراط في مشروع الوحدة النقدية. كما تناول آفاق الاندماج الاقتصادي للمنطقة.
وفي ما يلي نص الحوار.

> من المرتقب أن يصدر القرار النهائي بخصوص طلب انضمام المغرب إلى مجموعة «إيكواس» خلال القمة المقبلة لرؤساء دول المجموعة المقررة في لومي، ما توقعاتكم بخصوص هذا القرار؟
- أود أن أوضح أن قرار انضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أمر محسوم، فرؤساء دول المجموعة اتخذوا قراراً مبدئياً في قمة ليبيريا في يونيو الماضي بالموافقة على انضمام المغرب، ومن غير الوارد أن يتراجعوا عن هذا القرار الذي اتُّخذ بالإجماع وفي إطار أخوي بين رؤساء دول المجموعة. أما بخصوص تكليف لجنة «إيكواس» بإعداد تقرير حول انضمام المغرب إلى القمة المقبلة التي ستنعقد منتصف ديسمبر المقبل في لومي، فيتعلق الأمر بإعداد الإجراءات الشكلية والأدوات القانونية التي ستوقَّع خلال هذه القمة، وليس بدراسة الطلب المغربي أو مناقشته. والسبب أن المغرب عندما قدم طلبه وتم قبول الطلب لم تكن الوثائق التي ستوقَّع متوفرة، لذلك طلب الرؤساء من اللجنة إعدادها للقمة المقبلة. لهذا فانضمام المغرب إلى المجموعة أمر واقع. فالمغرب في بيته وبين أهله، سواء في هذه المجموعة الإقليمية أم في الاتحاد الأفريقي، ولا يمكن لأيٍّ كان أن يمنعه.
> لكنّ هناك من يعترض على هذا الانضمام بأن المغرب ينتمي جغرافياً إلى منطقة شمال أفريقيا، إضافة إلى أن الاتحاد الأفريقي أوصى الدول الأعضاء بالانضمام إلى مجموعة إقليمية واحدة والاشتغال في إطارها.
- بالنسبة إلى الموقع الجغرافي أود أن أشير إلى أن المغرب لديه موقع جد متميز. فهو يتمتع بشاطئ متوسطي يجعله ينتمي إلى شمال أفريقيا والمنطقة المتوسطية، كما يتمتع بشاطئ طويل على المحيط الأطلسي، وهذا يجعله ينتمي إلى غرب أفريقيا والمنطقة الأطلسية. والمجال الجغرافي لغرب أفريقيا يمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى خليج غينيا، أي من المغرب إلى نيجيريا، وبعد ذلك تبدأ منطقة وسط وجنوب أفريقيا. ويمكن ملاحظة الانسجام الجغرافي لهذه المنطقة من خلال الاطلاع على الخارطة.
أما فيما يخص توجيهات الاتحاد الأفريقي في هذا المجال، فتهدف إلى ترشيد عمل المجموعات الإقليمية. فليس من المنطقي أن تكون دولة واحدة منخرطة في اتحادات جمركة أو أسواق مشتركة مختلفة ومتعددة، خصوصاً إذا كانت درجات اندماج هذه الاتحادات وسرعة سير كل منها مختلفة، لأنه سيكون هناك ارتباك وتضارب. لهذا قرر الاتحاد أن يحصر عدد الاتحادات الإقليمية التي يعترف بها في 8 فقط، الموجودة حالياً، وقرر ألا يعترف بعد ذلك بأي مجموعة جديدة. وأوصى الاتحاد كذلك بأن تركز كل دولة مجهودها على مجموعة إقليمية واحدة.
أما بالنسبة إلى المغرب، فقد جاء اختياره للاندماج في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بعد أن لاحظ أن اتحاد المغرب العربي مجمّد وغير فعال. واختيار المغرب لـ«إكواس» نابع من انتمائه الجغرافي إلى هذه المنطقة كما أسلفنا، وأيضا بالنظر إلى الروابط الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والروحية القوية التي تربطه بها. علماً بأن هذا لا يعني أنه تخلى عن اتحاد المغرب العربي، أبداً. لكن جمود المغرب العربي أمر واقع. إضافة إلى ذلك، فإن الاتحاد الأفريقي لا يستطيع أن يفرض شيئاً على الدول الأعضاء. وهناك دول تنتمي إلى أكثر من مجموعة. والمغرب بدوره ينتمي أيضاً إلى مجموعة دول الساحل والصحراء (سين صاد)، غير أن عضويته في هذه المجموعة تختلف عن اندماجه في «إيكواس» ولا تؤثر عليه، فرغم أن الأمر هنا يتعلق في مجموعة «سين صاد» بالتعاون متعدد الأبعاد بين الدول الأعضاء، فإن الانضمام إلى «إيكواس» يعني الاندماج الاقتصادي في إطار منطقة جمركية مشتركة، مع وجود لجنة وبرلمان ومفوضين ومؤسسات... الأمر مختلف.
> لكنّ هناك تخوفات عبّر عنها بعض الأطراف من منافسة المغرب منتجاتها ومن غزوه أسواقها. ما تقييمك لهذه التخوفات؟ وهل سيتطلب أخذُها في الاعتبار وضعَ إجراءات خاصة وشروط معينة أمام انضمام المغرب إلى المجموعة؟
- أعتقد أن انضمام المغرب سيكون عبر القبول به كما هو وبما لديه، ومن دون شروط مسبقة، لأن هذا هو التقليد الذي سارت عليه المجموعة مند إنشائها. فمن البديهي عند انضمام أي عضو جديد أن تكون هناك تحديات من جانب وامتيازات من جانب آخر. ولا يعقل أن نقبل بالامتيازات فقط ونرفض التحديات. فالمطلوب هو تدبير المرحلة الانتقالية وإيجاد الحلول الملائمة للتحديات والإشكاليات التي ستطرحها عملية الاندماج.
أما بخصوص المغرب فهو ليس غريباً عن المنطقة، فالمغرب يعد فاعلاً اقتصادياً أساسياً وبارزاً في المنطقة، فهو أول مستثمر أجنبي في غرب أفريقيا والثاني على مستوى القارة. والفاعلون الاقتصاديون في غرب أفريقيا يصادفون المغرب يومياً في النسيج الاقتصادي للمنطقة من خلال استثماراته وحضوره الكبير في المجالات التجارية والبنكية والصناعية والزراعية والأشغال. وهذا الحضور سيتعزز ويقوى عند انضمامه إلى المنطقة الجمركية المشتركة، لأن سلعه وخدماته ورساميله ستتنقل بكل حرية ومن دون رسوم بين بلدان المنطقة. صحيح أن بعض الدول تتخوف من منافسة المنتجات المغربية، وللإشارة فإننا عرفنا نفس التخوفات في السابق خصوصاً بين السنغال وكوت ديفوار من جانب، ونيجيريا التي تمثل ثلثي المنطقة، من جانب ثانٍ، وعارض العديد من الصناعيين في السنغال وكوت ديفوار تطبيق الاتحاد الجمركي متخوفين أن تبتلع نيجيريا أسواقهم... لكن التجربة بيّنت خطأهم.
غير أنه يجب النظر أيضاً إلى المزايا الجديدة التي ستأتي مع دخول المغرب، فـ«إيكواس» ستتحول بين عشية وضحاها إلى سادس قوة اقتصادية في العالم، وإلى سوق كبيرة تضم 340 مليون شخص، تتنقل فيه السلع من دون جمارك ولا حواجز. وهذا سيحفز العديد من الاستثمارات الصناعية الجديدة في دول المنطقة، وسيفتح آفاقاً جديدة للنمو والتنمية.
ويجب ألا نغفل أن المغرب بدوره لديه تخوفات، خصوصاً فيما يتعلق بحرية تنقل الأشخاص التي تتضمنها اتفاقية «إيسكوا». غير أنني لا أتوقع شخصياً أن يكون لانضمام المغرب أثر كبير على تدفق المهاجرين. فانتقال الأشخاص ليس بالأمر السهل، كما يمكن أن يتصور البعض، ومن الصعب أن يغادر الناس بيوتهم وأهاليهم. ولا أعتقد أن الأمور ستتغير كثيراً، علماً بأن مواطني أكثر من نصف دول مجموعة غرب أفريقيا يمكنهم اليوم التنقل ودخول المغرب من دون تأشيرة، ورغم ذلك فإننا لم نرَ ذلك التدفق المقلق للمهاجرين نحو المغرب. إضافة إلى ذلك فإننا نلاحظ أن غالبية المهاجرين الأفارقة القادمين إلى المغرب يأتون بهدف البحث عن فرصة للعبور إلى أوروبا، وهذا يطرح بالطبع إشكالية تدبير هذه التدفقات.
> من بين أبرز الملفات المثيرة للجدل في إطار المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ملف الوحدة النقدية... ما الذي يفسر تعثر هذا الملف في نظرك؟ وما موقع المغرب إزاء ذلك؟
- هناك سببان وراء هذا التعثر، أولهما الإرادة السياسية، والسبب الثاني التدابير التقنية المعتمدة لتحقيق الوحدة النقدية. سأبدأ من السبب الأول. ففي عمليات الاندماج كل شيء يرتبط بالإرادة السياسية. فإذا أراد رؤساء الدول المضي قدماً وتسريع العملية، فإن النصوص والإجراءات المعتمدة لن تشكّل عائقاً أمامهم. فلو قرروا بلوغ الهدف في 2020 فمن المؤكد أن لديهم الوسائل اللازمة للقيام ذلك، لأن كل ما تم وضعه حتى الآن من إجراءات وتدابير يمكن تغييره وتعديله. أما بالنسبة إلى السبب الثاني، والمتعلق بالبرمجة الزمنية والتدابير التقنية، فأود الإشارة إلى أننا اخترنا اتباع مسلسل معقد، ووضعنا شروطاً صعبة التحقيق لبلوغ الهدف. فمن بين 15 دولة التي تتشكل منها «إكواس»، لدينا 8 دول تجمع بينها وحدة نقدية في إطار منطقة الفرنك الأفريقي، ويجمعها بنك مركزي مشترك يتمتع بالاستقلالية التامة ويركز نشاطه حول ضبط الأسعار وتدبير السياسة النقدية. وقلنا إن على البلدان السبعة الأخرى في «إكواس»، التي توجد خارج منطقة الفرنك الأفريقي، أن تقوم بدورها بإنشاء منطقة وحدة نقدية خاصة بها في مرحلة أولى، ثم بعد ذلك نقوم بإدماج المنطقتين في مرحلة ثانية. غير أننا وجدنا أنفسنا أمام وضع معقد بسبب عدم واقعية معايير الالتقائية والشروط التي وُضعت لبلوغ هذه الأهداف، خصوصاً المعايير المتعلقة بمجال احترام معدلات التضخم، ومعدلات عجز الميزانية، وحصة أجور الموظفين في الميزانية، ورصيد ميزان المبادلات الجارية، وغيرها من المعايير التي لم تستطع أي دولة من الدول السبع تحقيقها.
اليوم هناك نقاش من أجل إعادة النظر في كل ذلك، فالفكرة التي تروج اليوم بين رؤساء دول المجموعة تنطلق من ضرورة اعتماد مقاربة أكثر مرونة وأقل دوغمائية لتحقيق هدف الوحدة النقدية، وذلك عبر تمكين كل واحدة من الدول السبع الأخرى (نيجيريا وغانا وسيراليون وغينيا وغامبيا وكاب فير)، من الالتحاق بالوحدة النقدية لغرب أفريقيا حسب استعدادها وجاهزيتها، بدل انتظار إقامة وحدة نقدية فيما بينها. كما أن هناك أيضاً تفكيراً في إمكانية الاتفاق في مرحلة أولى، ستكون انتقالية، حول اعتماد عملة موحدة، يمكن أن نطلق عليها «إيكو»، والتي يمكن تداولها بين البنوك المركزية للمنطقة، وستيسّر هذه العملة عمليات الصرف والمعاملات التجارية بين بلدان المنطقة. وللإشارة فمثل هذا النظام كان متبعاً في الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة السابقة على اعتماد اليورو. أما فيما يخص المغرب فيمكنه أن يلتحق بالركب خلال الموجة الثانية، حسب درجة استعداده، ومدى قبوله بما تتطلبه الوحدة النقدية، بما في ذلك وجود بنك مركزي مستقل على صعيد المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن نيجيريا التي تمثل 70 في المائة من منطقة «يكواس» لم تلتحق بعد بمشروع الوحدة النقدية. ويمكن للمغرب أن يلتحق في وقت واحد مع نيجيريا باعتبارهما أقوى اقتصادين على صعيد المنطقة.



الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».