قصف مكثف ومعارك عنيفة في غوطة دمشق

مقتل عناصر من قوات النظام بهجوم للمعارضة شرق العاصمة

بعد غارة على حرستا قرب دمشق أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على حرستا قرب دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

قصف مكثف ومعارك عنيفة في غوطة دمشق

بعد غارة على حرستا قرب دمشق أمس (أ.ف.ب)
بعد غارة على حرستا قرب دمشق أمس (أ.ف.ب)

تصاعدت وتيرة الهجمات العسكرية في شمال سوريا وعاصمتها التي شهدت أعنف هجوم نفذته فصائل معارضة منذ أشهر على إدارة المركبات في حرستا شرق دمشق، في وقت تجددت المعارك بين قوات النظام و«هيئة تحرير الشام» في حماة.
ونفذ «لواء فجر الأمة» المعارض الذي يسيطر على مدينة حرستا، هجوماً عنيفاً استهدف إدارة المركبات التي تسيطر عليها قوات النظام بالقرب من مدينة حرستا، حيث اندلع قتال عنيف على محاور في محيط إدارة المركبات، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، لافتاً إلى استهدافات متبادلة بين الطرفين على محاور القتال.
وتحاول الفصائل تحقيق تقدم في المنطقة، والسيطرة على إدارة المركبات، في حين تواصل قوات النظام قصفها المدفعي والصاروخي العنيف على مدينة حرستا وبلدة مديرا مستهدفة إياها بأكثر من 80 قذيفة، بالتزامن مع نحو 7 غارات نفذتها الطائرات الحربية على مناطق في بلدة مديرا ومدينة حرستا، تسببت في وقوع 6 جرحى على الأقل في مديرا.
وتزامن الهجوم مع قصف مدفعي استهدف الطريق الواصل بين بلدتي حزة وكفربطنا في غوطة دمشق الشرقية، ومناطق في مدينة عربين، إضافة إلى سقوط قذائف على أماكن في منطقة سجن دمشق المركزي (سجن عدرا).
وقالت وسائل إعلام رسمية في دمشق، إن هجوماً شنته «جبهة النصرة» على إدارة المركبات في حرستا «والجيش يصد الهجوم حتى الآن». وأضافت أن «المسلحين لم يتمكنوا من تحقيق أي خرق، فيما يعمل الجيش على استهداف تحركاتهم بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة».
وتحدثت «عنب بلدي» عن مقتل العماد شرف في قوات النظام، وليد سلوم خواشقي خلال المواجهات العسكرية التي تدور في محيط إدارة المركبات في مدينة حرستا شرق دمشق.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: «لا يزال القتال مستمراً بشكل عنيف بين لواء أمجاد الأمة، التابعة لحركة أحرار الشام الإسلامية من جانب، وقوات النظام والمسلحين الموالين من جهة أخرى، على محاور في محيط إدارة المركبات، قرب مدينة حرستا في غوطة دمشق الشرقية، إثر استمرار اللواء في هجومه على المنطقة».
وتترافق الاشتباكات مع «استهدافات مكثفة ومتبادلة بين طرفي القتال، بالتزامن مع تواصل عمليات القصف المكثف من قبل قوات النظام على مدينة حرستا وبلدة مديرا القريبة منها»، حيث رصد «المرصد السوري» قصفاً مكثفاً على المنطقتين، و«ارتفع إلى نحو 140 عدد القذائف التي استهدفت حرستا ومديرا، بالتزامن مع غارات مكثفة وصل عددها لنحو 25 غارة، طالت مدينة حرستا وبلدة مديرا ومحيط إدارة المركبات».
وتسببت الاشتباكات في مقتل «17 على الأقل من قوات النظام، بينهم 5 ضباط، أحدهم برتبة لواء، كما أصيب آخرون بجروح متفاوتة الخطورة، وسط معلومات عن خسائر بشرية مؤكدة في صفوف مقاتلي اللواء المهاجم».
ورصد «المرصد السوري» استمرار «عمليات استهداف الغوطة الشرقية من قبل قوات النظام والطائرات الحربية، حيث استهدفت الطائرات الحربية بـ4 غارات مناطق في مدينة عربين، ما تسبب بوقوع 8 جرحى، بينما استشهد رجلان اثنان في القصف من قبل قوات النظام على مناطق في مدينة عربين التي يسيطر عليها فيلق الرحمن».
وأضاف: «استشهد شابان اثنان في القصف من قبل قوات النظام على مناطق في بلدة مديرا القريبة من حرستا، في حين قصفت قوات النظام مناطق في مدينة دوما بنحو 10 قذائف، ما تسبب بإصابة 12 شخصاً على الأقل بجروح، كما قصفت قوات النظام منطقة في مدينة سقبا بقذيفة، في حين استهدفت بقذيفة أخرى منطقة في بلدة كفربطنا، بالتزامن مع قصف بقذيفة على منطقة في مدينة حمورية».
بالموازاة، أحبطت فصائل المعارضة السورية هجومين للقوات النظامية السورية للتقدم باتجاه بلدتين في ريف دمشق الجنوبي الغربي.
وقال قائد عسكري في قوات «اتحاد جبل الشيخ» التابع لـ«الجيش السوري الحر»: «تصدت فصائل المعارضة لهجوم شنته القوات النظامية السورية والمسلحون الموالون لها صباح الثلاثاء لاقتحام بلدة بيت جن في ريف دمشق الجنوبي العربي». وأشار إلى أن قوات النظام بدأت الهجوم من محاور تلة بردعيا، والشيارات، والظهر الأسود ومهدت الهجوم بقصف مدفعي براجمات الصواريخ من اللواء 68 والفوج 137، إلا أن اتحاد قوات جبل الشيخ تمكنت من إفشال الاقتحام والتصدي للنظام، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.
إلى ذلك، تجددت المعارك بين قوات النظام و«هيئة تحرير الشام» على محاور في ريف حماة الغربي، ترافقت مع استهدافات متبادلة، حيث استهدفت تحرير الشام دبابة لقوات النظام.
وأفاد «المرصد السوري» بأن قوات النظام تمكنت من استعادة السيطرة على كامل قرية سرحا، كذلك واصلت الطائرات الحربية قصفها لمناطق في ناحيتي السعن والحمرا بالريف الشمالي الشرقي لحماة.
وبالموازاة، أفادت «الدرر الشامية» بأن «هيئة تحرير الشام»، دمرت دبابة لقوات النظام وقتلت طاقمها المكون من ثلاثة عناصر، إثر استهدافها بصاروخ موجه في قرية الربيعة التابعة لناحية الحمرا شمال شرقي حماة. وفي السياق نفسه، قصفت «تحرير الشام» بقذائف المدفعية مواقع قوات النظام في محيط قرية دوما شرق حماة.
وارتفعت حصيلة القتلى جراء الغارات الجوية التي استهدفت سوقاً في بلدة الأتارب في شمال سوريا إلى 61 شخصاً، غالبيتهم الساحقة من المدنيين، وفق حصيلة جديدة أوردها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الثلاثاء.
وكانت حصيلة سابقة لـ«المرصد» ليل الاثنين أفادت بمقتل 53 شخصاً على الأقل، معظمهم مدنيون. والقتلى جميعهم من المدنيين باستثناء ثلاثة عناصر من الشرطة المحلية.
ونفذت طائرات حربية لم يتمكن «المرصد» من تحديد ما إذا كانت سورية أم روسية، ثلاث غارات، الاثنين، على سوق شعبية في بلدة الأتارب التي تسيطر عليها فصائل معارضة وإسلامية. ورجح المرصد ارتفاع حصيلة القتلى «مع استمرار عمليات انتشال العالقين والمفقودين ووجود أعداد كبيرة من الجرحى، حالات بعضهم خطرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».