أمين عام «التقدم والاشتراكية» المغربي يركز على الهوية الشيوعية للحزب في افتتاح مؤتمره التاسع

دافع عن مشاركته في حكومة ابن كيران وعاتب حلفاءه في الكتلة الديمقراطية

نبيل بن عبد الله (تصوير: مصطفى حبيس)
نبيل بن عبد الله (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

أمين عام «التقدم والاشتراكية» المغربي يركز على الهوية الشيوعية للحزب في افتتاح مؤتمره التاسع

نبيل بن عبد الله (تصوير: مصطفى حبيس)
نبيل بن عبد الله (تصوير: مصطفى حبيس)

أكد حزب التقدم والاشتراكية المغربي، المشارك في الحكومة، على استمرار وتجدد هويته الشيوعية الأصلية في افتتاح مؤتمره التاسع مساء أول من أمس في بوزنيقة (جنوب الرباط)، والذي حضره الأمناء العامون للأحزاب الشيوعية العربية، من العراق ولبنان والأردن، وممثلون عن أحزاب شيوعية عالمية، من الصين وفيتنام وفرنسا وإيطاليا، وقيادات تنظيمات يسارية عربية، ضمنهم نايف حواتمة أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والمنبر التقدمي البحريني، وهيئات يسارية من بلدان عربية أخرى.
وركز نبيل بن الله، الأمين العام للحزب، في افتتاح المؤتمر على ما سماه «الثوابت المتجددة» في المرجعية التأسيسية، التي بمقتضاها برز الحزب، في شكله الأول كحزب شيوعي، ثم باسم حزب التحرر والاشتراكية، فحزب التقدم والاشتراكية. وأضاف بن عبد الله أن الحزب «خرج في كل المحطات التاريخية التي مر منها، أقوى مما استهدفه من قمع ومنع، ليظل حزبا وطنيا، يساريا، اشتراكيا، تقدميا، حداثيا وديمقراطيا، مرتبطا بالطبقات والفئات الكادحة والمستضعفة، وبمنتجي الثروات المادية والفكرية. وبذلك، تبقى البصمات الاجتماعية حاضرة، بقوة، في هوية الحزب، الذي يجعل من مسألة الحقوق الاجتماعية، إلى جانب الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية والمدنية والبيئية، هاجسا محوريا في هذه الهوية. وجمعت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كل الأطياف السياسية المغربية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. وعرفت حضورا قويا لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، الذي يقود الحكومة، بقيادة الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، وحزب الحركة الشعبية المشارك في الحكومة بقيادة أمينه العام محند العنصر. بيد أن الأمناء العامون لأحزاب المعارضة الكبرى تغيبوا عن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إلا أن هذه الأحزاب مثلت بقيادات من الصف الأول. وحضر عن الاتحاد الاشتراكي كل من الحبيب المالكي رئيس المجلس الوطني للحزب، إلى جانب الأمين العام السابق محمد اليازغي وأحمد الزايدي. وحضر عن حزب الاستقلال محمد الخليفة ونزار بركة وكريم غلاب. وعن حزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري وحكيم بنشماس ومحمد الشيخ بيد الله. وحضر كذلك محمد الخلادي، الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة، الذي استوعب في الأشهر الأخيرة بعض شيوخ وقيادات السلفية الجهادية المفرج عنهم. ومن أقصى اليسار حضرت نبيلة منيب الأمينة العامة لحزب اليسار الموحد، والزعيم التاريخي للحزب محمد بن سعيد آيت إيدر.
وعلى الشاشة الكبيرة بدا بن عبد الله وخلفه الأعلام الحمراء، بيد أن الأمر يتعلق بأعلام مغربية لم تظهر نجمتها الخضراء في الصورة. ولبس بعض الشباب المؤطرين المكلفين بتنسيق الشعارات وسط القاعة قمصانا بيضاء وقبعات حمراء وربطات عنق حمراء مصممة في شكل الربطات التي تستعملها الكشفية.
ودافع بن عبد الله عن مشاركته في حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية، ودعا منتقديه إلى الفصل بين التحالفات على أسس آيديولوجية والتحالف من منطلق المصلحة على أساس برامج إصلاحيات سياسية متوافق عليها، وذلك من منظور ما سماه «جدلية الصراع والتوافق» في العمل السياسي. ودافع بن عبد الله عن حصيلة حكومة عبد الإله ابن كيران التي قال إنها اتخذت «عددا من التدابير الجريئة» في شتى المجالات، مع الإشارة إلى استمرار بعض الاختلالات والمشاكل مثل ضعف النمو وارتفاع البطالة وتفاقم عجز الميزان التجاري وميزان الأداءات الخارجية.
وعاتب بن عبد الله حليفه في الكتلة الديمقراطية سابقا، حزب الاتحاد الاشتراكي، على رفضه التجاوب مع عرض المشاركة في حكومة عبد الإله ابن كيران، مشيرا في سياق حديثه عن تشكل حكومة ابن كيران عقب انتخابات 2011 إلى أن التصور الأولي لحزب العدالة والتنمية، كان «يقضي بتشكيل الحكومة مع المكونات الأساسية للكتلة الديمقراطية، أي حزب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال». وأضاف أن «هذه الصيغة لو كانت تحققت لأفضت، في تقديرنا، إلى مرتبة أعلى من المنجزات والمكتسبات».
وردا على الانتقادات التي وجهت إليه بالمشاركة في حكومة يقودها إسلاميون، ذكر بن عبد الله بمشاركة حزبه في إطار الكتلة الديمقراطية في حكومة التناوب الأولى بقيادة عبد الرحمن اليوسفي، أمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي «إلى جانب أحزاب كانت مكونات الكتلة الديمقراطية تنعتها بالإدارية، دون الحديث عمن أسندت له حقيبة الوزارة التي عرفت لسنوات بأم الوزارات (في إشارة إلى إسناد وزارة الداخلية آنذاك إلى إدريس البصري). تماما مثلما هو الشأن بالنسبة لحكومة يقودها حاليا حزب العدالة والتنمية»، على حد قول بن عبد الله.
وأوضح بن عبد الله قائلا «نجد أن مشاركة حزبنا في الحكومة الحالية برئاسة الأستاذ عبد الإله ابن كيران، بصيغتيها السابقة والحالية، والتي تمنح التجربة المغربية، في مسار ومآل الحراك السياسي والاجتماعي، نوعا من التفرد، هي مشاركة لا تتعلق بتحالف آيديولوجي وإنما بائتلاف حكومي مبني على برنامج إصلاحات عميقة وشاقة تستلزمها الأوضاع، وتطالب بها أوسع الفئات الشعبية والأوساط المتنورة». وأضاف أن الائتلاف الحكومي الحالي يبدو «كمنهجية تفرضها، فضلا عن مهام المرحلة، الخريطة السياسية، التي أفرزتها انتخابات تشريعية تعد نسبيا، الأسلم في تاريخ الاستحقاقات الانتخابية المغربية. وهو ائتلاف يقوم، بوضوح، على برنامج إصلاحي مشترك، وليس على محو الفوارق الإيديولوجية».
وأشار بن عبد الله إلى أن «مقاربة موضوع التحالفات من قبل حزب التقدم والاشتراكية مقاربة ديناميكية تقوم على مواقف مبدئية وتموقعات سياسية تأخذ بعين الاعتبار مستلزمات توطيد المسار الإصلاحي، وتتطلب، بطبيعتها، نفس القدر من الإرادة السياسية لدى كل أفرقاء الصف الديمقراطي والتقدمي، في الاشتغال، معا، على أساس أرضية توافقية متفق عليها. ومن البديهي بمكان أنه إذا غاب هذا الشرط الموضوعي والذاتي سيصبح التحالف المنشود مجرد ورقة شكلية ولا جدوى منها». وعبر عن استمرار تشبث الحزب بانتمائه لتحالف الكتلة الديمقراطية، مشيرا إلى ثقته في «أن المياه سوف تعود إلى سواقيها».
وتواصلت أمس أشغال المؤتمر والتي جرت خلالها مناقشة تقارير لجنة السياسية واستراتيجية العمل الحزبي، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية، ولجنة الانتداب والترشيحات والفرز، وانطلاق عملية انتخاب أعضاء اللجنة المركزية التي يرتقب أن يعلن اليوم عن نتائجها. كما يرتقب أن تنطلق عملية انتخاب الأمين العام للحزب بعد ظهر اليوم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.