تجنب لبنان التداعيات النقدية لاستقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الأسبوع الماضي، لكنه لم يستطع تجنب التداعيات الاقتصادية التي بدأت بإجراءات دول في مجلس التعاون الخليجي بحظر السفر إلى لبنان، ما أثار مخاوف من أزمة مالية، ويمثل خطراً على التصنيف الائتماني اللبناني في الأسواق المالية العالمية.
وخلافاً للمخاوف التي قد تنتج عن التراجع في النشاط الاقتصادي وتراجع الاستثمار، أكد البنك الدولي دعمه الكامل والمستمر للبنان، والتزامه الكامل بمتابعة كل المشاريع التي ينفذها.
وشهدت السوق النقدية في اليومين الأولين للأزمة حركة على صعيد العمليات المالية والتحويلات من العملة المحلية إلى الدولار الأميركي، ما لبثت أن انحسرت في اليوم الثالث. وقالت الخبيرة الاقتصادية فيوليت غزال بلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الأزمة، وبعد أسبوع على انطلاقتها، كانت لها تداعيات اقتصادية، لكن لم تكن لها أي تداعيات نقدية، وسط توقعات بأن تظهر الآثار المالية في وقت لاحق. وقالت إن التداعيات الاقتصادية بدأت مع إجراءات حظر السفر الخليجية إلى لبنان، وهو ما يؤثر على مناخ الأعمال والاستثمار والسياحة.
وأوضحت أن الوضع المالي ستظهر التأثيرات عليه في وقت لاحق «عندما نرى التأثيرات على سندات الخزينة اللبنانية في الخارج»، لافتة إلى مخاوف حول «خفض تصنيف لبنان السيادي مرة ثانية، وهو ما من شأنه أن ينعكس على الدين العام وخدمته، لجهة ارتفاع الفوائد عليها».
وتصاعدت موجة بيع في أسواق السندات اللبنانية الأربعاء الماضي، وانضم مزيد من أدوات دين البلاد إلى هذا الاتجاه التنازلي مع اشتداد الأزمة السياسية. وهبطت السندات الدولارية التي تُستحق في يونيو (حزيران) 2020 بواقع 2.6 سنت إلى 95.3 سنت للدولار، وهو أدنى مستوى منذ إصدار تلك السندات في يونيو 2013 وفق بيانات وكالة «رويترز». كما هبطت السندات المستحقة في أبريل (نيسان) 2020 إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث انخفضت 2.4 سنت إلى 94.9 سنت للدولار.
وحذرت وكالة «موديز» للتصنيفات الائتمانية، الثلاثاء الماضي، من أن عودة الفراغ السياسي إلى لبنان ستؤثر سلباً على التصنيف الائتماني للبلاد.
وانعكست التطورات الاقتصادية بشكل أساسي على الحركة التجارية، ورفعت مخاوف المستثمرين في البلاد، في ظل تنامي المخاوف من أن يطول أمد الأزمة، أو تفقد البلاد الاستقرار السياسي.
وإذ لفتت بلعة إلى «قلق وترقب عند المستثمرين للتطورات السياسية»، موضحة: «إذا كان لبنان مقبلاً على حرب، فإن هذا الجو سيخيف المستثمر»، أكدت في سياق آخر أن الاستقرار النقدي مستمر، مشيرة إلى تأكيد حاكم مصرف لبنان استمراره بسياسة التثبيت النقدي. وقالت: «شهدت السوق المالية اللبنانية في اليوم الأول عمليات تحويل مضبوطة وعادية قياساً بالأزمة، سرعان ما انحسرت تدريجياً في الأيام التالية»، حيث شهد اليوم الأول تحويلات من الليرة اللبنانية إلى العملة الصعبة بقيمة 200 مليون دولار، بينما شهد اليوم الثاني عمليات تحويل لمائة مليون دولار، وانخفضت في اليوم الثالث إلى 50 مليوناً.
وقالت بلعة: «الأكيد أنه لا ارتباك في الأسواق المالية، هناك تحويلات طبيعية، وفي لبنان كتلة نقدية احتياطية من العملة الأجنبية تغطي السوق، وجرى تراكمها بفضل الهندسات المالية التي قام بها حاكم مصرف لبنان في وقت سابق»، جازمة بأنه «لا خوف من انهيار نقدي». وأشارت إلى أن موجودات المصارف من العملة الأجنبية تصل إلى 175 مليار دولار.
بالموازاة، أكد وفد من البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي ساروج كومار «دعمه الكامل والمستمر للبنان، والتزامه الكامل بمتابعة كل المشاريع التي ينفذها»، وذلك بعد لقاء مع وزير المال علي حسن خليل، حيث عقد اجتماع عمل مطولاً حضره المستشار القانوني لخليل الدكتور وسيم منصوري، تم خلاله استعراض الوضع في ضوء التطورات، والمشاريع التي يقوم بها البنك الدولي في لبنان.
وأكد الوفد «الالتزام بمتابعة المفاوضات والعمل التحضيري للمشاريع المستقبلية»، عارضاً «تقديم أي مساعدة ممكنة لبلورة وضع لبنان الاقتصادي الحالي وقدرته على مواجهة الأزمات السياسية المستجدة»، مشدداً على أهمية الوضع المالي القائم.
وفي خلال المناقشات، تم التوافق على أن «يتابع فريقا البنك الدولي ووزارة المالية الاجتماعات الدورية لتنسيق العمل في مجالات وضع استراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى قادرة على أن تسهم في تطوير البنى التحتية وعالم الأعمال في لبنان، وخلق فرص عمل جديدة للبنانيين من خلال هذه المشاريع».
لبنان يتحسس تداعيات اقتصادية... وبدء تلمس الآثار المالية
لبنان يتحسس تداعيات اقتصادية... وبدء تلمس الآثار المالية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة